حاكم «المركزي» اللبناني مدافعاً عن نفسه: لم أستعمل قرشاً واحداً من الأموال العامة

رياض سلامة (أ.ب)
رياض سلامة (أ.ب)
TT

حاكم «المركزي» اللبناني مدافعاً عن نفسه: لم أستعمل قرشاً واحداً من الأموال العامة

رياض سلامة (أ.ب)
رياض سلامة (أ.ب)

قال حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، في بيان أصدره أمس، إنه طلب إجراء تدقيق في عمليات واستثمارات كانت مثار «تكهنات إعلامية متوالية»، وذكر أن التدقيق أظهر أنه لم يتم استعمال أي أموال عامة لدفع أتعاب وعمولات لشركة يملكها شقيقه. وأشار سلامة إلى أنه طلب من «مكتب تدقيق معروف» إجراء المراجعة، لكن البيان الصادر عنه لم يذكر اسم المكتب.
ويواجه سلامة، الذي يتولى منصبه منذ قرابة ثلاثة عقود، تدقيقاً متزايداً في مصادر ثروته خلال فترة توليه حاكمية مصرف لبنان. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة شهد لبنان انهيار نظامه المالي وغرق في كساد يصفه البنك الدولي بأنه من أسوأ حالات الكساد في العالم.
وقال سلامة في بيانه «سوف يتم تقديم التقرير المُعد من مكتب التدقيق إلى السلطات القضائية وأشخاص آخرين عند الاقتضاء».
يذكر، أن تحقيقات تتعلق بعمليات تبييض أموال تجري بحق سلامة وشقيقه رجا في ثلاث دول أوروبية، كانت آخرها لوكسمبورغ. وكان تحقيق في سويسرا قد بدأ في يناير (كانون الثاني) الماضي حول اتهامات بعمليات كبيرة لغسل الأموال في المصرف المركزي اللبناني تتضمن مكاسب بقيمة 300 مليون دولار حققتها شركة يملكها رجا شقيق سلامة.
وقال سلامة في بيانه، إن التدقيق أوضح أنه لم يتم استعمال «قرش واحد من أموال عامة من أجل دفع أتعاب وعمولات» لشركة «فوري أسوسيتس المحدودة» التي يملكها شقيقه الذي لم يصدر أي تعليق على القضية.
وقال البيان، إن المبالغ التي أُودعت في حساب مقاصة مفتوح لدى مصرف لبنان ودفعت لشركة «فوري أسوسيتس المحدودة»، «تم دفعها من قِبل أشخاص ثالثين مختلفين عن مصرف لبنان» وإنه «لم يودع في هذا الحساب أي مبالغ من مصرف لبنان».
وأضاف، أن الأتعاب والعمولات المقيدة في العمليات الخارجة من هذا الحساب تم تمويلها «بإيداعات من أشخاص ثالثين مختلفين عن مصرف لبنان».
وقال سلامة، إن خصومه «قاموا بتضليل الرأي العام من خلال نشر معلومات كاذبة مغلوطة بأن أموالاً عامة قد استعملت». وأضاف في البيان «مصدر ثروتي هو واضح وموثق. لقد كنت مصرفياً ناجحاً في شركة (ميريل لينش) لمدة تقارب 20 عاماً». وأشار إلى أن راتبه السنوي كان نحو مليوني دولار قبل أن يغادر الشركة عام 1993.
وتابع «إن ثروتي كانت تقدر في عام 1993، أي منذ 28 سنة، بـ23 مليون دولار، إضافة إلى موجودات موروثة»، مشيراً إلى أن ثروته «استثمرت بشكل حكيم ونمت بشكل كبير».
وتشترط حكومات غربية خضوع المصرف المركزي للتدقيق من أجل تقديم دعم مالي للبنان.
وانسحبت شركة «ألفاريز آند مارسال» من التدقيق العام الماضي، وقالت، إنها لم تستلم المعلومات التي طلبتها من المصرف المركزي. غير أنه ذكر في الشهر الماضي، أنها ستستأنف المهمة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».