تأجيل محاكمة نتنياهو مجدداً يوحي بقرب التوصل إلى صفقة

نتنياهو يغادر جلسة محاكمته أمس في القدس (رويترز)
نتنياهو يغادر جلسة محاكمته أمس في القدس (رويترز)
TT
20

تأجيل محاكمة نتنياهو مجدداً يوحي بقرب التوصل إلى صفقة

نتنياهو يغادر جلسة محاكمته أمس في القدس (رويترز)
نتنياهو يغادر جلسة محاكمته أمس في القدس (رويترز)

وافقت المحكمة المركزية في القدس، أمس الثلاثاء، على طلب محامي رئيس المعارضة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بتأجيل جلسات محاكمته أسبوعاً آخر بسبب إجراءات تقنية.
وقد اتخذ هذا القرار بموافقة مفاجئة من النيابة، التي كانت تعترض عادة على طلبات كهذه. وقد أثار التفاهم بين النيابة والدفاع تساؤلات إن كان الأمر إجراءً لمرة واحدة أو أنه بداية تفاهمات بين الطرفين على صفقة.
وكان عدد من مستشاري نتنياهو قد نصحوه بإنهاء هذه المحاكمة والتوصل إلى صفقة ادعاء مع النيابة، يتم فيها تخفيف بنود الاتهام والاعتراف بالذنب، مقابل اعتزال السياسة وعقوبة من دون سجن. لكن مصادر مقربة منه استبعدت العرض، وادعت أن حججها قوية وتريد الاستمرار في المحكمة حتى النهاية. كما رفضت عناصر في النيابة هذا العرض «لأن نتنياهو يدعي أننا نسجنا له ملفاً من دون أساس، ونحن نريد البرهنة على أن التهم ضده موضوعية والأدلة قاطعة بشكل صارخ».
المعروف أن نتنياهو يحاكم في ثلاثة ملفات فساد، تعرف بالأرقام 1000 و2000 و4000، وبموجبها تلقى رشى بقيمة مليون دولار تقريباً، وخان الأمانة ومارس الاحتيال وينتظره حكم بالسجن الفعلي عدة سنوات. وكان يفترض أن تستمر المحاكمة، أمس الثلاثاء، ببدء سماع شهادة نير حيفتس، الشاهد في القضية، الذي شغل منصب مستشار استراتيجي وكان أقرب المقربين من نتنياهو. وقد تبين أنه كان يسجل محادثاته مع رئيسه وأفراد عائلته. كما تم تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام، مفادها أن واحدة من الشهود في القضية أدلت بمعلومات جديدة تفيد بأن عائلة نتنياهو تلقت هدايا أخرى ثمينة من رجل الأعمال اليهودي الأميركي، شاؤول ألوفيتش، بينها سوار من الألماس. وألوفيتش هو صاحب عدة شركات اتصالات. وهو أيضاً متهم بمنح الرشى لعائلة نتنياهو، ليس فقط بالهدايا الثمينة بل أيضاً بالتغطية الإعلامية المتحيزة لنتنياهو في موقع «واللا» الإخباري الذي يملكه.
في ضوء هذا التسريب خرج نتنياهو بهجوم شديد على النيابة، وقال إنها تقوم بتسريب معلومات مشوهة عنه خلال المحاكمة بغرض تحطيم سمعته. وطالب بإجراء تحقيق في التسريبات باعتبارها «محاولة تشويش الإجراءات القضائية». وطلب محاموه مهلة أسبوعاً لدراسة الموقف وكيفية التعاطي معه، فوافق القضاة على تأجيل الجلسة إلى الأسبوع القادم.
يذكر أن القضاة كانوا قد أوقفوا محاكمة نتنياهو، في يونيو (حزيران) الماضي، استجابة لطلب محاميه حتى تتاح «إعادة إجراء تفتيش في هاتف الشاهد الرئيس في الملف 4000، بحثاً عن رسائل نصية تثبت أن نتنياهو لم يكن مستفيداً وحيداً من الموقع الإخباري». ثم تلا ذلك عطلة المحاكم السنوية، لمدة 45 يوماً، فتوقفت المحاكمة ثلاثة شهور.
وانتقدت نائبة المدعي العام الإسرائيلي المنتهية ولايتها، المحامية نوريت ليتمان، المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، على توجيه تهمة الرشى لنتنياهو في ملف واحد فقط. وقالت إنه كان ينبغي توجيه تهمة الرشوة له أيضاً في الملفين الآخرين، وليس فقط في «الملف 4000». واعترفت ليتمان بأن «النيابة تتعامل بحذر شديد مع ملفات نتنياهو، خوفاً من اتهامها بموقف غير مهني ضده». وقالت إن «أي ادعاء يحظى بتعامل ونقاش في أعلى المستويات. نحن لم نلفق تهماً لنتنياهو، وسنتحدث في ختام المحكمة مع البراهين».
الجدير ذكره أن جهات قضائية وسياسية في إسرائيل، توجه انتقادات لهيئة القضاة، بسبب شدة بطء المداولات في محاكمة نتنياهو، معربة عن تقديرها بأن المحكمة ستستغرق سنتين أخريين على الأقل، إذا استمرت المداولات على هذه الوتيرة. وهذا يعني أن نتنياهو سيبقى في الحلبة السياسية.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.