الرئيس العراقي يدعو إلى {معالجة قانونية} لأزمة نتائج الانتخابات

TT

الرئيس العراقي يدعو إلى {معالجة قانونية} لأزمة نتائج الانتخابات

أكد الرئيس العراقي برهم صالح أن «الشرق الأوسط يشهد مرحلة انتقالية وتحولات تمثل نقطة مفصلية في المنطقة»، موضحاً أن «مركز الكثير من هذه التحولات هو العراق، وما سيحدث في البلاد ستكون له تبعات كبيرة على المنطقة». وأضاف أن «العراق يواجه تحديات الأمن والتطرف، وهذه لا تحل بإجراءات محلية، بل تتطلب تعاوناً وتواصلاً إقليمياً، رغم الخلافات العميقة في المنطقة».
وتطرق صالح خلال كلمة له في مؤتمر الأمن والسلام في الشرق الأوسط الذي عقد أمس الثلاثاء في مدينة دهوك بإقليم كردستان وتنظمه الجامعة الأميركية في المدينة إلى أزمة نتائج الانتخابات وأعرب عن أمله في خروجها «بنتائج مقبولة قانونياً ودستورياً، لإعادة ترتيب وتشكيل حكومة فاعلة تلبي تطلعات العراقيين».
وتأتي تأكيدات صالح على خطورة المرحلة المقبلة إقليمياً ودولياً وتأثيراتها على العراق في وقت تشهد البلاد منعطفاً حاسماً بسبب الاعتراض على نتائج الانتخابات. ففي الوقت الذي ينتظر أن تحسم الهيئة القضائية داخل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الجدل حول الطعون، فإن قوى «الإطار التنسيقي» لا تزال تصعد باتجاه رفض النتائج في حال صادقت المحكمة الاتحادية عليها مثلما هي عليها اليوم.
وكان كل من هادي العامري زعيم تحالف «الفتح» وحيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف «النصر» قد زارا رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان أول من أمس للتحذير من مغبة إعلان المصادقة على النتائج قبل حسم الاعتراضات. ومع أن الترجيحات تشير إلى أن نسبة التطابق بين النتائج المعلنة للانتخابات حتى الآن وبين الطعون التي قدمتها القوى الخاسرة التي ينظمها «الإطار التنسيقي» تكاد تكون 100 في المائة، لكن فوز وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي بفارق صوتين عن مرشح فائز عن تحالف «العقد الوطني» بزعامة فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي قد يزيد تعميق المشهد.
فبفوز العبيدي يكون السنة قد أضافوا مقعداً جديداً إلى مقاعدهم بينما خسر الشيعة مقعداً آخر من مقاعدهم في وقت يواصلون الاعتراض والتصعيد وتوجيه الاتهامات إلى جهات عديدة باستهدافهم. ومن بين أبرز الجهات التي تتهمها قوى «الإطار التنسيقي» باستهدافهم هي ممثلة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، التي زارت زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وإسرائيل عن طريق موظفة في الشركة الألمانية الفاحصة.
ورغم فقدان قوى الإطار التنسيقي مقعداً لصالح تحالف «عزم» بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر، وهو حليف غير معلن لهم، فإنهم يرون أنهم باتوا يمتلكون ورقة ضغط جديدة بأن هناك تزويراً في الانتخابات، وبالتالي فإن إعادة العد والفرز اليدوي الشامل يمكن أن تظهر نتائج جديدة قد تقلب الموازين ولو بنسب معينة.
إلى ذلك طرح زعيم تيار «الحكمة» عمار الحكيم مبادرة لحل الأزمة الراهنة بين القوى الخاسرة والقوى الأخرى التي لم يشر إليها لكنها تعني ضمناً التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الفائز بأعلى المقاعد. وتأتي مبادرة الحكيم بعد يومين من رواج أخبار عن انسحابه من «الإطار التنسيقي» الذي يضم الكيانات الشيعية الخاسرة في الانتخابات، لكن مكتبه نفى تلك الأنباء.
وقال الحكيم إن «التطورات والمعرقلات التي يواجهها العراق تدفع بحاجة إلى معالجات جذرية». وأضاف قائلاً: «إننا بحاجة إلى مشروع واضح لإدارة التنوع في دولنا في إطار عقود اجتماعية مطمئنة للجميع»، مبيناً أن «تضارب المشاريع والرؤى للنخب وأصحاب القرار ما زال معرقلاً لهذه الولادة المرجوة». وأوضح الحكيم الذي يعد واحداً من أبرز الخاسرين في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن «المشاركة الانتخابية المتدنية والشكوك الواضحة والتشكيك بمؤسسات الدولة ومصداقيتها والإحباط والقلق المستمر كلها أمور مقلقة بحاجة إلى معالجات جذرية»، لافتاً إلى أن «ذلك يتطلب عدة حلول منها تنظيم العلاقة بين الإقليم وبغداد ضمن الأطر الدستورية، كما أن سياسات فرض الأمر الواقع السياسي على حساب ثقة المواطن ومشروعية النظام ومصداقية الدولة وشرعية الممارسة السياسية في عملية بناء الدولة هي أمور لا تأتي بخير ولا تطمئن العقلاء والنخب».
وبشأن أهم ما تتضمنه المبادرة التي طرحها الحكيم أكد أنها «وطنية سياسية موسعة، تهدف إلى جمع القوى الفائزة والمعترضة على طاولة النقاش»، مبيناً أن «المبادرة يجب أن تشمل المتقبل للنتائج والمعترض عليها، وأن تشارك فيها جميع القوى، سواء كانت الكبيرة أو الناشئة أو المستقلة». وأوضح أن «هذه المبادرة ينبغي أن تؤدي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية، من خلال اتفاق وطني جامع يقوم على أساس نقاط وتوقيتات واضحة وعملية»، داعياً جميع الأطراف إلى «الالتزام بالآليات القانونية والسلمية في الاعتراض والتفاوض».
وتابع أن «الدم العراقي خط أحمر، لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع». وشدد الحكيم على ضرورة «معالجة المخرجات الانتخابية في أي اتفاق مقبل، ورفع أي فيتو سابق على الأطراف السياسية»، مطالباً بـ«احترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة في الحكومة أو المعارضة».
ويضم الإطار التنسيقي الكيانات الشيعية الخاسرة في الانتخابات الأخيرة وفي المقدمة منها تحالف الفتح بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، بالإضافة إلى عمار الحكيم وحيدر العبادي وفالح الفياض ونوري المالكي. ورغم فوز ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بالمرتبة الثانية شيعياً لكنه يحتاج لأصوات قوى الإطار التنسيقي في سعيه إلى تشكيل كتلة أكبر من كتلة مقتدى الصدر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».