هل يعود الحوثيون إلى لائحة الإرهاب الأميركية؟

جنازة في صنعاء لعنصرين حوثيين قتلا خلال التصعيد الحوثي ضد مأرب (إ.ب.أ)
جنازة في صنعاء لعنصرين حوثيين قتلا خلال التصعيد الحوثي ضد مأرب (إ.ب.أ)
TT

هل يعود الحوثيون إلى لائحة الإرهاب الأميركية؟

جنازة في صنعاء لعنصرين حوثيين قتلا خلال التصعيد الحوثي ضد مأرب (إ.ب.أ)
جنازة في صنعاء لعنصرين حوثيين قتلا خلال التصعيد الحوثي ضد مأرب (إ.ب.أ)

لم يستطع النائب الجمهوري آندرو كلايد أن يجلس ساكناً ويترك مسألة الهجوم على السفارة الأميركية في صنعاء مجرّد حالة عابرة؛ بل شرع يحض زملاءه في بيان على التصويت لصالح إحياء مشروع قانون من شأنه معاقبة الحوثيين سبق أن قدمه في يونيو (حزيران) الماضي، عادّاً أن الوقت الآن مناسب لحشد الدعم وإقراره.
ويقول كلايد في بيان للنواب: «أدعو زملائي الجمهوريين والديمقراطيين لدعم مشروعي وتوصيف الحوثيين كما يجب: (منظمة إرهابية). على الولايات المتحدة أن تتعامل بقوة وليس بضعف يقوّي إيران».
ومن تلميحات للمبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، إلى تصاعد التصريحات والدعوات من الكونغرس؛ يفتح الحراك في واشنطن باب السؤال: هل يعود الحوثيون فعلاً إلى قائمة الإرهاب؟ وهل سينجح المشرعون في مساعيهم للضغط على الإدارة في هذا الملف؟

السيناتور الجمهوري تيد كروز تعهد ببذل ما في وسعه لتحقيق هذا الهدف، ورغم أنه يعلم أن صلاحيات الكونغرس الفعلية لا تسمح له بإعادة إدراج المنظمة على لائحة الإرهاب، لأن قراراً من هذا النوع هو من صلاحيات الإدارة الأميركية فحسب؛ فإن كروز اعتمد مساراً مختلفاً، عبر طرح مشروع قانون يهدف إلى إعادة فرض العقوبات المتعلقة بالإرهاب على الحوثيين، وهذا قرار يقع ضمن صلاحيات الكونغرس.
ورأى الجمهوريون وبعض الديمقراطيين أن الزخم السياسي الذي رمت الإدارة الأميركية الجديدة بثقلها لإنجاحه لم يصب الهدف، ويشيرون إلى أن الأشهر الثمانية الماضية لم تشهد سوى تصعيد من قبل الجماعة الحوثية على الأرض أو بهجمات المسيّرات المفخخة التي تحاول استهداف المناطق والمنشآت المدنية السعودية.
جاء اقتحام السفارة الأميركية ليصب الزيت على نار تحركات المشرعين. فأصدر الديمقراطيون والجمهوريون بياناً شاجباً يشير إلى أن ما جرى «هو استمرار للتصرفات العنيفة من قبل الحوثيين. فخلال العام الماضي شن الحوثيون مئات الاعتداءات عبر الحدود على السعودية وهددوا المدنيين…»، ودعا البيان إدارة بايدن إلى «عدم التسامح» مع الحوثيين.
وعلى ما يبدو؛ فإن صبر الديمقراطيين بدأ ينفد تجاه تعاطي الإدارة الأميركية مع الحوثيين. ويعول الجمهوريون على هذا لحشد الدعم لمشاريع القوانين المطروحة في مجلسي الشيوخ والنواب.
وفيما لمّح ليندركينغ في حديث مع «الشرق الأوسط» في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى انفتاح واشنطن على تصنيف «من يموّلون عدم الاستقرار في اليمن»، ينتقد الجمهوريون على وجه التحديد التبريرات التي قدمتها إدارة بايدن بعد رفع الحوثيين من اللائحة وشطب قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب التي أدرجتهم في يناير (كانون الثاني) الماضي؛ إذ قالت مديرة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» سامانثا باور في إجابة عن سؤال للسيناتور كروز خلال جلسة استماع بالكونغرس، إن سبب رفع الحوثيين من اللائحة هو الحرص على وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وأضافت باور؛ في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في مارس (آذار) الماضي، أن «التحدي الأكبر هو أن أغلبية اليمنيين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين في الوقت الحالي».
ويشير المعارضون قرار إدارة بايدن إلى نفي الحكومة اليمنية هذه الفرضية لاعتبارات عديدة؛ إذ تقول الحكومة اليمنية إن 85 في المائة من الأراضي اليمنية لا يسيطر عليها الحوثيون، كما أن النازحين من المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات يقدرون بمئات الآلاف، وتستدل الحكومة بمحافظة مأرب التي زاد عدد سكانها بعد انقلاب الحوثيين على الحكومة اليمنية في سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى اليوم إلى نحو 4 ملايين نسمة بعدما كانوا أقل من 500 ألف نسمة قبل الحرب.

تصاعد دعوات الكونغرس

تتصاعد الدعوات في الكونغرس الاميركي لاعادة ادراج الحوثيين على لائحة الارهاب. وكثف المشرعون جهودهم الرامية الى فرض عقوبات شاملة على الجماعة بعد اقتحامها للسفارة الاميركية في صنعاء ونهب محتوياتها واحتجاز عاملين بها.

وتكاتفت الجهود في مجلس الشيوخ والنواب لطرح مشاريع قوانين تقيد أيدي ادارة بايدن وتعيد فرض العقوبات المرتبطة بالارهاب على الحوثيين، فطرح السيناتور الجمهوري تيد كروز مشروعاً من هذا القبيل في مجلس الشيوخ، فيما أعاد النائب الجمهوري اندرو كلايد احياء مشروع قانون مماثل طرحه في يونيو (حزيران) الماضي، معتبراً ان الان هو الوقت المناسب لحشد الدعم له واقراره بعد هجوم السفارة. وحثّ كلايد في بيان زملائه الى التصويت لصالح المشروع لدى طرحه في مجلس النواب فقال: ”أدعو زملائي الجمهوريين والديمقراطيين لدعم مشروعي وتوصيف الحوثيين كما يجب: منظمة ارهابية. على الولايات المتحدة أن تتعامل بقوة وليس بضعف يقّوي ايران.“

من ناحيته، اعتمد السيناتور الجمهوري تيد كروز على اجراء تشريعي يضمن طرح مشروع العقوبات للنقاش والتصويت في مجلس الشيوخ. اذ انه أدرجه كتعديل ضمن مشروع موازنة الدفاع التي سيناقشها مجلس الشيوخ هذا الاسبوع، بحسب ما أعلن زعيم الاغلبية الديمقراطية تشاك شومر.

ويسعى ”تعديل كروز“ الى اعادة طرح العقوبات المرتبطة بالإرهاب على الحوثيين كمنظمة اضافة الى تعزيز العقوبات على افرادها ووكلائها، وذلك في مسعى واضح يهدف الى الضغط على إدارة بايدن لقلب مسارها واعادة إدراج الحوثيين على اللائحة بعد رفعها عنها في شهر فبراير (شباط) الماضي.

وينتقد الجمهوريون على وجه التحديد التبريرات التي قدمتها إدارة بايدن بعد رفع الحوثيين عن اللائحة وشطب قرار ادارة ترمب التي ادرجتهم في كانون الثاني يناير الماضي، اذ قالت مديرة الوكالة الاميركية للتنمية الدولية سامانثا باور في اجابة على سؤال لكروز خلال جلسة استماع عقدها الكونغرس ان سبب رفع الحوثيين عن اللائحة هو الحرص على وصول المساعدات الانسانية الى اليمن. وقالت باور في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في مارس (اذار) الماضي ان ”التحدي الاكبر هو ان اغلبية اليمنيين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين في الوقت الحالي“.

وعلى الرغم من ان الانتقادات لقرار إدارة بايدن اقتصر في السابق بشكل اساسي على الجمهوريين الذين اعتبروا ان هذا القرار قوّى من الموقف الحوثي وارسل رسالة ضعف لايران، الا ان هجوم السفارة دفع بالديمقراطيين أيضاً الى توجيه رسالة تحذير للبيت الابيض. ففي موقف لافت، أصدرت القيادات الديمقراطية والجمهورية في لجنتي العلاقات الخارجية في الكونغرس بياناً شاجباً لاقتحام السفارة الاميركية في صنعاء، يدعو ادارة بايدن الى ”عدم التسامح“ مع الحوثيين.

ويقول البيان الذي وقع عليه كل من رئيسي اللجنتين الديمقراطيين بوب مننديز غريغوري ميكس، وكبيري الجمهوريين جيم ريش ومايك مكول ان ما جرى ”هو استمرار للتصرفات العنيفة من قبل الحوثيين. فخلال العام الماضي شن الحوثيون مئات الاعتداءات عبر الحدود على السعودية وهددوا المدنيين…ان خرق سيادة سفارة أجنبية وتهديد واعتقال موظفيها يظهر بوضوح ان الحوثيين لا يهتمون بالسلام…“ ودعا المشرعون الجماعة الى اطلاق سراح كل العاملين الاميركيين والتابعين للأمم المتحدة ووقف حملة المضايقة والا فسيواجهون ”عواقب“. وذلك في تلميح واضح لاحتمال انضمام الديمقراطيين الى مساعي الجمهوريين في فرض عقوبات على الجماعة واعادتها الى لوائح الارهاب.
 



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.