ميقاتي يدعو لإنصاف متطوعي «الدفاع المدني» بعد إخماد 93 حريقاً

ميقاتي مترئساً إجماعاً أمس (الوكالة الوطنية)
ميقاتي مترئساً إجماعاً أمس (الوكالة الوطنية)
TT

ميقاتي يدعو لإنصاف متطوعي «الدفاع المدني» بعد إخماد 93 حريقاً

ميقاتي مترئساً إجماعاً أمس (الوكالة الوطنية)
ميقاتي مترئساً إجماعاً أمس (الوكالة الوطنية)

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى «إنصاف عناصر الدفاع المدني» وهم عناصر متطوعة لم يتم إدخالها إلى ملاك الدولة، وذلك بعد إطفاء 93 حريقاً خلال الأيام الثلاثة الماضية، اندلعت في مختلف المحافظات اللبنانية وقضت على مساحات حرجية واسعة.
وبلغ عدد الحرائق في عطلة نهاية الأسبوع بحسب أول تقرير لوزارة البيئة 93 حريقاً، من بينها 35 حريق غابات في كل من الجنوب والبقاع الغربي والمتن وكسروان وعكار، وكان أبرزها الحريق الكبير الذي اندلع الأحد في بيت مري في جبل لبنان، وقضى على مساحات شاسعة من غابات الصنوبر واقترب من المنازل، إضافة إلى حريق وادي زبقين في المنطقة الحدودية الجنوبية، وقضى على مساحات شاسعة من الأشجار الخضراء.
وفي متابعته لملف الحرائق، شدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ضرورة استمرار التحقيقات لمعرفة الأسباب التي أدت إلى اندلاعها ومنع تكرارها، إضافة إلى توقيف المتسببين بها وإحالتهم على القضاء المختص. كما طلب من الهيئة العليا للإغاثة «إجراء الكشف اللازم على أماكن الحرائق ورفع تقرير سريع في هذا الصدد».
وفي السياق، شدد الرئيس ميقاتي على «وجوب إنصاف عناصر الدفاع المدني، الذين بذلوا جهوداً جبارة في إخماد الحرائق، والذين لم يترددوا في القيام بواجباتهم وتقديم التضحيات الكبيرة رغم المعاناة المستمرة من عدم إنصافهم». وطلب ميقاتي من وزير الداخلية بسام مولوي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ أحكام القانون القاضي بالإسراع في إجراء المباراة المحصورة الملحوظة في هذا القانون لملء المراكز الشاغرة في المديرية العامة للدفاع المدني.
بدوره، أشار وزير البيئة ناصر ياسين، بعد اجتماعه مع ميقاتي، إلى اتفاق على مسار سيركز على أربع نقاط، تتمثل في «وضع المناطق التي تعرضت للحرائق قيد الدرس، وهذه نقطة مهمة جداً، يجب أن نسير بها، ووضع هذه المناطق سيحول دون تغيير وجهة استخدامها وانتظار الوقت اللازم علمياً لإعادة تأهيلها وزراعتها»، و«متابعة التحقيقات التي باشرت بها وزارة الداخلية، وتحديد الأسباب والمسببين وتوقيف الفاعلين بأسرع وقت»، و«تحديث استراتيجية الوقاية من حرائق الغابات التي بدأت بها الوزارة»، و«تحسين فاعلية الاستجابة وخصوصاً من ناحية جهوزية الدفاع المدني والادارات المحلية التي تستجيب لهذه الكوارث والتعلم مما حدث في اليومين الماضيين لتكون هناك جهوزية لإدارة الكوارث بفاعلية أكثر».
وجزم ياسين بأن «كل هذه الحرائق هي من صنع الإنسان، وكانت العوامل المناخية جداً قاسية خلال اليومين الماضيين، من ناحية الجفاف وارتفاع الحرارة بطريقة غير متوقعة في هذا الوقت من السنة مصحوبة برياح قوية»، مرجحاً أن الحرائق «تعود لأعمال حرق الأعشاب وغيرها، وهناك جزء متعمد، وهذا أساس العمل الذي تقوم به وزارة الداخلية لتحديد الذين تسببوا بهذه الحرائق».
والتهمت النيران 600 ألف متر مربع من أشجار الصنوبر في بيت مري، وبموازاة إخمادها، اشتعلت حرائق في عدد من المناطق، حيث اندلع حريق في بلدة حجولا قضاء جبيل بالقرب من دير مار مارون - عنايا، كما أخمدت فرق الإطفاء في الدفاع المدني حريقاً في كسروان.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».