الشاباك يستعد لإدخال آلاف العمال من غزة إلى إسرائيل

تل أبيب للسماح بدفع رواتب موظفين في القطاع بموازاة المفاوضات الساخنة على اتفاق تهدئة وصفقة أسرى

فلسطينيون من دير البلح في قطاع غزة يتقدمون بطلبات للعمل في إسرائيل في أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
فلسطينيون من دير البلح في قطاع غزة يتقدمون بطلبات للعمل في إسرائيل في أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الشاباك يستعد لإدخال آلاف العمال من غزة إلى إسرائيل

فلسطينيون من دير البلح في قطاع غزة يتقدمون بطلبات للعمل في إسرائيل في أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
فلسطينيون من دير البلح في قطاع غزة يتقدمون بطلبات للعمل في إسرائيل في أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

بالتوازي مع المفاوضات مع حركة حماس بوساطة مصرية، للتوصل إلى اتفاق تهدئة طويل المدى وصفقة تبادل أسرى، كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، أمس الاثنين، أن «الشاباك» (جهاز المخابرات العامة في إسرائيل)، باشر في إعداد شبكة مراقبة حديثة تمهيداً لمضاعفة عدد العمال الفلسطينيين الذين يخرجون من قطاع غزة للعمل في إسرائيل.
وقالت المصادر، إن الاتفاق الذي سينفذ بشكل تدريجي، مرحلة تلو أخرى، سيضع مسألة إنعاش الاقتصاد الفلسطيني في رأس سلم الاهتمام. ولذلك، أخذت إسرائيل على عاتقها إدخال عشرة آلاف عامل، إلا أن حماس تطلب مضاعفة هذا العدد إلى 30 ألفاً. وترى إسرائيل أن مثل هذا العدد سيكون ممكناً، فقط في حال إعادة بناء المنطقة الصناعية التي دمرتها بعد انسحابها من قطاع غزة، في عام 2005، ومع ذلك، يستعد الشاباك لإنشاء آلية لرصد ومراقبة دخول الفلسطينيين الذين سيأتون من غزة للعمل في إسرائيل. وهو يرى، وفقاً لمسؤولين أمنيين إسرائيليين، أن تفعيل الآلية سيمنح المستوى السياسي إمكانية زيادة عدد الفلسطينيين القادمين من غزة للعمل بما يتجاوز الحصة المعتمدة وهي 10 آلاف عامل، عدة أضعاف.
وفي تبرير لهذه الخطوة، ذكرت مصادر الشاباك لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس الاثنين، أن «قطاع غزة يشهد هدوءاً مع إسرائيل لم نشهده في التاريخ». وأشادت هذه المصادر بنجاح حماس في ضبط الأمور وقالت: «إنها – أي حماس – تحاول إظهار قدراتها أمام إسرائيل والوسطاء المصريين أيضاً، بأنها تستطيع فرض الهدوء التام والشامل في القطاع ومنع إطلاق أي صواريخ تجاه إسرائيل وضبط الحدود».
تجدر الإشارة إلى أن حالة الهدوء التي يشهدها القطاع تترافق مع عدة تطورات أخرى، وترتبط بها. فإسرائيل تقدم تسهيلات غير مسبوقة منذ سيطرة حماس على قطاع غزة، ومصر تدير مفاوضات وحوارات من خلال لقاءات مكوكية في القاهرة لوفود إسرائيلية وممثلين عن الفصائل الفلسطينية ضمن المساعي للوصول لحالة هدوء طويلة الأمد. وقد عاد وفد أمني إسرائيلي رفيع من القاهرة، أمس، بقيادة رئيس مجلس الأمن القومي في ديوان رئاسة الحكومة، إيال حولتا، بعد إجراء محادثات مع وزير شؤون المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل. ويتوقع أن يصل كامل أيضاً إلى تل أبيب في غضون الشهر الجاري. ويؤكد الطرفان أن المحادثات شاملة لكل القضايا، من المصالحة الفلسطينية ومتطلباتها إلى التهدئة وحتى صفقة تبادل الأسرى. ولكن إسرائيل، وجنباً إلى جنب مع هذه الأجواء الإيجابية، أعلنت، أمس، أن الجبهة الداخلية ستباشر، اليوم الثلاثاء، مناورة جديدة للجيش تحاكي التعرض لضربات صاروخية، في محيط مطار بن غوريون، من الجنوب أو الشمال.
من ناحية أخرى, قالت مصادر إسرائيلية إنه يتوقع إحداث اختراق قريب في قضية دفع رواتب موظفي حكومة حماس بعد شهور طويلة من الخلاف حول الأمر.
وأكدت المصادر، أن هناك جهوداً مكثفة في إسرائيل ومصر وقطر، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن آلية دفع منحة الرواتب لعشرات الآلاف من الموظفين في غزة، في خطوة تهدف إلى استمرار الهدوء وتأخير أي تصعيد محتمل مع قطاع غزة.
وقال موقع «واللا» الإسرائيلية، إنه توجد اقتراحات عديدة لتجاوز المسألة، من بينها تحويل الأموال إلى بضائع يتم تصديرها من مصر إلى غزة.
ودفعت قطر مرتين منذ التصعيد الأخير في مايو (أيار) الماضي، منحة مالية إلى 95 ألف عائلة من الأسر المستورة في القطاع، بواقع 100 دولار لكل عائلة، وذلك بعد توقف طويل بسبب اعتراضات إسرائيلية وإصرار تل أبيب على إيجاد أي حجة جديدة، وهو ما تم بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة. وقد وزعت قطر الأموال من خلال الأمم المتحدة، ومن خلال مراكز التوزيع التي حددتها في محافظات قطاع غزة والتي بلغت أكثر من 300 مركز ومحل تجاري.
وسمحت إسرائيل باستئناف دخول الأموال القطرية لغزة ضمن تسهيلات أخرى سابقة، شملت زيادة منطقة الصيد في قطاع غزة إلى 15 ميلاً بحرياً وزيادة في إدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم، وزيادة في إمدادات المياه وزيادة عدد التجار والعمال. لكنها رفضت حتى الآن أن تشمل المنحة القطرية موظفي حكومة حماس.
وتأتي محاولات التوصل إلى اتفاق حول رواتب موظفي حماس من أجل كسب مزيد من الوقت ودحر أي تصعيد محتمل.
وقال عاموس هرئيل المراسل والمحلل العسكري الإسرائيلي، إن السياسة الإسرائيلية بالنسبة لقطاع غزة تقوم حالياً على كسب الوقت من خلال طمأنة حماس بوجود خطوات يتم اتخاذها لدعم الاقتصاد. وبحسب هرئيل، فإن هذه السياسة الجديدة تجاه غزة، لا تعني أن إسرائيل لن ترد على أي محاولات «إرهابية» ضدها، وفي بعض الحالات ستعمل أيضاً ضد محاولات حماس تطوير أسلحتها بشكل أكثر تطوراً، لكن بخلاف ذلك، فإن العيون بالأساس على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا وكذلك باتجاه إيران.
وتريد إسرائيل تبريد الأجواء في غزة مع تعثر التوصل إلى اتفاق حول تبادل الأسرى. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية، إنه في هذه المرحلة لا توجد نية لدى الجانب الإسرائيلي لتغيير سياسته تجاه صفقة أسرى وستبقى الخطوط الحمراء كما هي.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.