رئيس جنوب أفريقيا السابق نصح إسرائيل بـ«عدم إضاعة حل الدولتين»

بريتوريا تتخذ موقفاً حاداً ضد تل أبيب

غبار في موقع برج الجوهرة بغزة أثناء إزالة العمال ركام المبنى الذي تعرض للقصف في مايو الماضي (أ.ف.ب)
غبار في موقع برج الجوهرة بغزة أثناء إزالة العمال ركام المبنى الذي تعرض للقصف في مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

رئيس جنوب أفريقيا السابق نصح إسرائيل بـ«عدم إضاعة حل الدولتين»

غبار في موقع برج الجوهرة بغزة أثناء إزالة العمال ركام المبنى الذي تعرض للقصف في مايو الماضي (أ.ف.ب)
غبار في موقع برج الجوهرة بغزة أثناء إزالة العمال ركام المبنى الذي تعرض للقصف في مايو الماضي (أ.ف.ب)

كُشف النقاب في تل أبيب، أمس (الاثنين)، عن نصيحة كان قد قدمها لإسرائيل الرئيسُ الأسبق لدولة جنوب أفريقيا، فريدريك دي كليرك، قبل 6 سنوات، مفادها أن «حل الدولتين فرصة ثمينة لا يجوز للدولة العبرية أن تضيعها». وقال إنه كان يرى هذا الحل أيضاً لدولته عشية التخلي عن سياسة «الأبرتهايد»، لكن قيادة حزبه في الحزب الوطني «رفضت بحماقة هذا الاقتراح، فكانت النتيجة تدهور الدولة إلى ما هي عليه اليوم».
وجاء هذا الكشف، في تقرير نشره الصحافي ناحوم بارنياع، كاتب العمود الرئيسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إذ قال إن دي كليرك الذي كان آخر رئيس أبيض لبلاده، وتوفي في جوهانسبورغ الأسبوع الماضي، وقد حضر لزيارة إسرائيل في عام 2015 للمشاركة في ندوة سلام، فالتقاه في فندق بتل أبيب، وأجرى معه لقاءً صحافياً مطولاً، كان موضوعه: «ما الخلاصة التي ترى أن علينا في إسرائيل أن نتعلمها من تجربتكم في جنوب أفريقيا؟».
وقد قدم دي كليرك إجابة طويلة، ولكنه في مرحلة معينة من المقابلة طلب منه أن يوقف التسجيل، وقال له: «سأقول لك شيئاً لا تستطيع نشره اليوم؛ الحل الذي توصلنا إليه في جنوب أفريقيا هو حل الدولة الواحدة، ولم يكن هذا حلاً جيداً في نظري. وقد اقترحت على رفاقي في الحزب الوطني أن نتجه نحو حل الدولتين: دولة ذات أكثرية بيضاء، وأخرى ذات أغلبية سوداء. ومن شدة غبائهم رفضوا أي فكرة للتقسيم». وأضاف: «هذا الأمر ينسحب أيضاً عليكم، أنتم الإسرائيليين: التقسيم. توجهوا نحو حل الدولتين».
والمعروف أن دي كليرك كان من الجناح اليميني المتطرف في حزبه. وعندما فاز بالرئاسة، أحدث انعطافاً حاداً في سياسته، وباشر في وقف سياسة الأبرتهايد، وأطلق سراح قائد ثورة الأفريقيين الأصليين، نيلسون مانديلا، وسلمه الحكم بصفته ممثلاً للأغلبية. وقد عارضه كثيرون في بلاده، لكن العالم رحب بخطوته، وحصل بفضل موقفه على جائزة نوبل للسلام، بالشراكة مع مانديلا الذي حافظ بدوره على حقوق البيض إبان حكمه. وعندما سأله بارنياع هل يرى أن إسرائيل أصبحت دولة أبرتهايد، أجاب: «لا أعتقد ذلك بعد، ولكن إذا لم يتحقق حل الدولتين، وبقي اليهود يتمتعون بحقوق زائدة، والفلسطينيون يعاملون بصفتهم مواطنين من الدرجة الثانية، فإن إسرائيل ستصبح دولة أبرتهايد بالتأكيد».
وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد تطرق إلى هذا الموضوع أمس، خلال استقباله رئيس الاتحاد البرلماني الدولي، دوارت باتشينكو، وقال إن «مواصلة إسرائيل لسياسة الاستيطان، وتنكرها للحقوق الفلسطينية، سيقضي على كل ما تبقى من حل الدولتين القائم على قرارات الشرعية الدولية».
ومن جهة ثانية، اتخذت حكومة جنوب أفريقيا، أمس، موقفاً حاداً ضد إسرائيل، إذ قررت سحب الدعم والغطاء الرسمي عن ملكة جمال البلاد الحالية بسبب تمسك القائمين على نشاطاتها بإشراكها في مسابقة ملكة جمال الكون التي تستضيفها تل أبيب في الشهر المقبل. ويأتي هذا الموقف بعد ضغوط على لاليلا مسواني التي فازت أخيراً بلقب ملكة جمال جنوب أفريقيا، لحملها على مقاطعة المسابقة الجمالية العالمية بسبب «الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين»، وفق ما ذكرته وزارة الفنون والثقافة الجنوب أفريقية في بيان رسمي لها.
وقالت مصادر في جوهانسبورغ إن المنظمين المحليين لمسابقة الجمال في جنوب أفريقيا يصرون على تمثيل لاليلا مسواني بلدها في مسابقة ملكة جمال الكون التي تستضيفها مدينة إيلات الإسرائيلية على سواحل البحر الأحمر في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ولفتت الوزارة، في بيانها، إلى أنه «تبين أنه من الصعب إقناع منظمي مسابقة ملكة جمال جنوب أفريقيا بإعادة النظر في قرارهم المشاركة في مسابقة ملكة جمال الكون. ونتيجة ذلك، تسحب الحكومة دعمها، رداً على تصلب المنظمين».
وأضافت الوزارة: «الفظائع المرتكبة من إسرائيل في حق الفلسطينيين موثقة جيداً، ولا يمكن للحكومة بصفتها ممثلاً شرعياً عن شعب جنوب أفريقيا أن تربط نفسها بذلك بضمير مرتاح».
يذكر أن جنوب أفريقيا ما بعد الأبرتهايد أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل فقط في سنة 1995، وبقيت داعمة للقضية الفلسطينية، وقبل 3 سنوات خفضت تمثيلها الدبلوماسي في تل أبيب، وسحبت سفيرها احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.