الاستثمار في البنية التحتية والكوادر بوابة الخروج من الموجة الاقتصادية الرابعة

الدكتور محمود محيي الدين - أرشيفية (الشرق الأوسط)
الدكتور محمود محيي الدين - أرشيفية (الشرق الأوسط)
TT

الاستثمار في البنية التحتية والكوادر بوابة الخروج من الموجة الاقتصادية الرابعة

الدكتور محمود محيي الدين - أرشيفية (الشرق الأوسط)
الدكتور محمود محيي الدين - أرشيفية (الشرق الأوسط)

حذر مختصون في الاقتصاد من موجة رابعة للدين العام في العديد من الدول، بسبب تراكم الديون على ميزانياتها جراء تحركاتها لمواجهة جائحة «كورونا» في الفترة الماضية.
وقال المبعوث الأممي لأجندة التمويل 2030، الدكتور محمود محيي الدين، إن هناك قضايا أخرى نواجهها مع عملية التعافي لاقتصادات العالم من الجائحة، التي تأخذ أشكالاً مختلفة بحسب كل دولة وقوة اقتصادها إن كان متوسطاً أو منخفضاً، موضحاً أن هذه التبعات تظهر بشكل كبير بعد الانتهاء من الجائحة.
ويعني ذلك، وفقاً لمحيي الدين، أن الأوضاع في بعض الدول ستكون أفضل من غيرها، مقارنة بدول أخرى ستطرأ عليها تغييرات كبيرة، مبيناً أن هذا لا يقف عند النمو والتطور، بل هناك قضايا أخرى لها علاقة بتراكمات الديون في كل دولة، التي يكون لها الأثر العكسي للتعافي من الجائحة الذي تكون نتائجه سريعة.
وأضاف، خلال جلسة حوار نظمتها وزارة الاقتصاد والتخطيط تحت عنوان «التحديات التي تواجه صناع القرار الاقتصادي بعد كوفيد 19»: «عندما يتخطى الدين العام 100 في المائة، يعني ذلك موجة رابعة من الديون، بعد أن ثبتت الحالة الاقتصادية في بعض الدول»، متابعاً: «نعول على أن هذه الموجة لا تطول ولا تكون كما عصفت بأميركا اللاتينية، وأزمة الأسواق الناشئة، والأسواق المالية في 2008، لذا نحتاج إلى الحذر والحيطة عندما يكون هناك تراكم للديون».
وأشار محيي الدين إلى أن التضخم الذي يعد عدم التطابق بين الطلب والعرض، من أبرز المعضلات بعد الجائحة، «لأن الاقتصاد قد يتعافى بشكل سريع، لكن سلسلة التوريد يكون فيها الكثير من الانقطاعات، فيفقد الانسجام بين العرض والطلب، وهو ما تعاني منه بعض الدول»، مواصلاً: «عندما تكون لدينا هذه النتائج التي تأتي من التضخم والنمو غير المطرد لا بد أن يكون التعامل بدقة وبشكل سريع، خاصة أن الاقتصاد العالمي لديه ضبابية كبيرة في التعافي الاقتصادي».
وبيّن أن ما تحتاج إليه الدول لمواجهة هذا التضخم هو «وضع أهداف التنمية المستدامة، والكوادر الوطنية الماهرة، والاستثمار بشكل كبير في البنى التحتية، والحلول الرقمية، والمرونة الاقتصادية، وهي التي تساعد على التعافي بشكل منضبط وقوي»، لافتاً إلى أن ما يتعرض له اقتصاد العالم هو ما بين التحولات والمفارقات بسبب جائحة كورونا.
وزاد: «ما جرى رصده أن الإنفاق العام يتقدم في كثير من اقتصادات العالم ويزيد على 20 في المائة، مقارنة بالدول التي يكون دخلها متوسطاً فيكون ما بين 8.5 في المائة، وفي بعض الحالات يصل إلى 10 في المائة، في حين لا يتجاوز في دول أخرى قرابة 2 في المائة من الإنفاق العام»، مشيراً إلى أن الدول التي قدمت اللقاحات لمن تُصنف من الدول غير المتقدمة لم تتجاوز 40 في المائة، وهذا له تبعاته على الاقتصاد الوطني في تلك الدول.
ويكشف المسار الاقتصادي، والحديث لمحيي الدين، أن التقديرات والتوقعات تشير إلى أن الدخل في الولايات المتحدة لن يتجاوز 6 في المائة، وتزيد بقليل عنها أوروبا، بينما يكون وبحسب البيانات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أقل من ذلك في هذا العام.


مقالات ذات صلة

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية بالسعودية (الشرق الأوسط)

الأقل في مجموعة العشرين... التضخم في السعودية يسجل 2 %

بلغ معدل التضخم السنوي في السعودية 2 في المائة، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)

السعودية: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار

قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، إن السعودية نجحت في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية الكبرى في القطاع اللوجيستي.

زينب علي (الرياض)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.