المشهد السياسي البريطاني مقبل على تقلبات قبل شهر من الانتخابات

من المتوقع أن يحدد ائتلاف «العمال» و«الحزب الوطني الأسكوتلندي» مستقبل لندن

نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ مع حافلته الخاصة بالحملة الانتخابية أمس (أ.ف.ب)
نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ مع حافلته الخاصة بالحملة الانتخابية أمس (أ.ف.ب)
TT

المشهد السياسي البريطاني مقبل على تقلبات قبل شهر من الانتخابات

نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ مع حافلته الخاصة بالحملة الانتخابية أمس (أ.ف.ب)
نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ مع حافلته الخاصة بالحملة الانتخابية أمس (أ.ف.ب)

سيتوجه البريطانيون للإدلاء بأصواتهم بعد شهر من اليوم في انتخابات تشريعية، تبدو محتدمة للغاية وتحمل في طياتها تغييرات عميقة، مع اختفاء الثنائية الحزبية التي كان يعتقد بأنها متجذرة في الحياة السياسية البريطانية، مثل الملكية الدستورية، ليأتي زمن التحالفات المرادفة لمساومات مكثفة وأحيانا لزعزعة الاستقرار.
ويجلب اقتراع السابع من مايو (أيار) المقبل معه خطر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن البلاد مهددة بالانفجار في خلافات سياسية معمقة في الداخل كما يرى المحللون الذين يشيرون في الوقت الحاضر إلى أمرين مؤكدين. فلا المحافظون ولا العماليون الذين يسجلون تراجعا بعد أن هيمنوا لعقود على المشهد السياسي، في موقع يمكنهم من انتزاع الغالبية المطلقة لـ326 مقعدا من أصل 650 في مجلس العموم البريطاني.
والتنافس على منصب رئيس الوزراء ينحصر بين رجلين، رئيس الحكومة المنتهية ولايته «المحافظ» ديفيد كاميرون الذي يبلغ 48 عاما والمرشح لولاية ثانية من 5 سنوات وزعيم حزب «العمال» المعارض إد ميليباند الذي يبلغ من العمر 45 عاما. ورغم المجازفة بإضعاف موقعهما، سيتعين على كاميرون أو ميليباند السعي إلى بناء تحالفات مريبة أحيانا مع أحزاب تعتبر ثانوية. فمن المحتمل أن يجدد الليبراليون الديمقراطيون الذين يخرجون من 5 سنوات من ائتلاف صعب مع المحافظين تحالفهما أو توقيع تحالف سياسي جديد مع حزب العمال. وذلك في وقت يفكر الانفصاليون الاسكوتلنديون في الحزب الوطني الاسكوتلندي وحزب ويلز أو الخضر أيضا بتحالف في اليسار.
وفي تعليق على هذا الوضع المعقد، قال الخبير السياسي في كلية لندن للاقتصاد «إل سي إي» سايمون هيكس لوكالة الصحافة الفرنسية: «أصبحنا فعليا في نظام متعدد الأحزاب». وخلفه الخارطة الانتخابية بألوان قوس قزح بعد أن كانت تقليديا بلونين الأحمر وهو يمثل حزب العمال والأزرق الذي يمثل حزب المحافظين.
ويرى الخبير أيضا في الجامعة نفسها توني ترافرز أن «صعود القوميين سيسرع التغيير نحو دولة شبه فيدرالية للمملكة المتحدة تضم إنجلترا واسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية».
واقتراع السابع من مايو قد ينطوي أيضا على عنصر متغير لافت آخر، لا سيما وأن كاميرون وعد تحت ضغط المشككين بأوروبا في حال فوزه بتنظيم استفتاء حول بقاء البلاد أم لا في الاتحاد الأوروبي بحلول 2017.
وعلى المدى الأطول، ترتسم ملامح استفتاء ثان مع أو من دون ائتلاف العماليين والحزب الوطني الاسكوتلندي الذي وصفته بعض وسائل الإعلام بـ«تحالف فرنكنشتاين». وأوضح ترافرز أن «الهدف الرئيسي للحزب الوطني الاسكوتلندي ليس المشاركة في حكومة مستقرة في المملكة المتحدة، بل الحصول على استفتاء آخر حول الاستقلال».
ولفت هيكس إلى أن موقع كاميرون ليس مضمونا، «فهو سيرحل إن هزم» وسيلقى صعوبة في البقاء إن فاز بفارق ضئيل. ويرى أن ميليباند سيدفع أيضا نحو الخروج «إن لم يتمكن من الفوز في الانتخابات بعد 5 سنوات من (سياسة) التقشف» التي انتهجها المحافظون.
ورأى ترافرز أن الخيار الصعب بين اليمين واليسار والمسار السياسي لينك كليغ زعيم الليبراليين الديمقراطيين سينتفي في حال هزيمته في دائرته شيفيلد.
وفي الجدل الذي يطغى عليه الاقتصاد وأزمة النظام الصحي والهجرة وأوروبا يريد كاميرون «إنهاء العمل» مع افتخاره بتحقيق نمو قياسي وبطالة تحت عتبة الـ6 في المائة.
أما ميليباند، فيشدد من ناحيته على الإضرار الجانبية لسياسة التقشف التي تتبعها الحكومة الحالية، مثل اتساع التفاوت الاجتماعي وتدهور عائدات الطبقات الوسطى. وأشار جديون سكينر مدير الأبحاث في معهد إيبسوس موري إلى أن 80 في المائة من البريطانيين «لديهم الشعور بوجود أزمة تكلفة معيشة». وقبل شهر من الاستحقاق الانتخابي يتساوى المحافظون والعماليون تقريبا بحصولهما على 34 في المائة و33 في المائة من نيات التصويت بحسب معدل وسطي لاستطلاعات الرأي احتسبته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وتتقاسم الأحزاب الأخرى التي تحلم بأن تكون في موقع ترجيح الكفة، الثلث المتبقي مع حصول حزب الاستقلال «يوكيب» على 13 في المائة والليبراليون الديمقراطيون على 8 في المائة والخضر على 5 في المائة من نيات التصويت.
لكن نظام الاقتراع الأحادي الذي يجرى بدورة واحدة يمنح الفوز للمرشح الذي يأتي في الطليعة في كل دائرة أيا كانت نتيجته. وذلك ينطوي على اختلالات هائلة.
ويعول الحزب الوطني الاسكوتلندي على الحصول على نحو 40 مقعدا نيابيا، في وقت يحقق فيه تقدما كبيرا في اسكوتلندا مع نتيجة تتراوح بين 3.5 و4 في المائة من الأصوات على المستوى الوطني.
ومع 10 إلى 15 في المائة من الأصوات الموزعة على كل الأراضي قد يخرج حزب «الاستقلال» الشعبوي والمطالب بالانسحاب من أوروبا بمقعد واحد برأي جاك بلومينو الخبير في استطلاعات الرأي لدى «اي سي اي».
والعنصر الأخير المثير للقلق يتعلق بالجدول الزمني. فتشكيل الحكومة يفترض أن يتم في منتصف مايو. لكن بسبب المساومات التي تجري بعد الانتخابات فإن هذا التاريخ يبدو تقريبيا مثل تاريخ ولادة الطفل الملكي الثاني لويليام وكيت في النصف الثاني من أبريل (نيسان) الحالي وهو الحدث الآخر الذي يشغل البلاد مع بدء فصل الربيع.



زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
TT

زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)

عدَّ الرئيس الأوكراني أنه من الواضح أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بأسره بعد 11 يوماً فقط من الآن، أي 20 يناير (كانون الثاني) الحالي يوم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، قائلاً: «هو الوقت الذي يتعين علينا فيه التعاون بشكل أكبر»، و«الاعتماد على بعضنا بعضاً بشكل أكبر، وتحقيق نتائج أعظم معاً... أرى هذا وقتاً للفرص».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك (أ.ب)

وقال فولوديمير زيلينسكي إن النشر المحتمل لقوات الدول الشريكة في أوكرانيا «هو من أفضل الأدوات» لإجبار روسيا على السلام، مطالباً في كلمة خلال اجتماع الخميس في ألمانيا لـ«مجموعة الاتصال» التي تضم أبرز حلفاء كييف في قاعدة رامشتاين العسكرية في ألمانيا: «دعونا نكن أكثر عملية في تحقيق ذلك».

وعدّ زيلينسكي أن انتشار قوات غربية في أوكرانيا سيساعد «في إرغام روسيا على السلام»، ورأى أيضاً أن أوروبا تدخل «فصلاً جديداً» من التعاون وستتاح لها «فرص جديدة» مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا الشهر، في حين أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار خلال الاجتماع.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الألماني (أ.ب)

ولم يحدد زيلينسكي ما إذا كان يتحدث عن إرسال الغرب قوات قتالية أو قوات حفظ سلام جزءاً من أي تسوية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات.

ومنذ أسابيع، تكثر التكهنات حول شروط مفاوضات سلام في المستقبل، إذ إن دونالد ترمب وعد بوضع حد للحرب «في غضون 24 ساعة» من دون أن يحدد كيفية القيام بذلك. إلا أن الرئيس الأميركي المنتخب عاد وعدل من توقعاته لإنهاء الحرب قائلاً إنه يأمل أن يتم ذلك خلال ستة أشهر من تنصيبه رئيسا في 20 يناير الحالي.

وفي ظل هذه الأوضاع، تكبَّدت أوكرانيا ضربة جديدة، الاثنين، مع تصريحات صادرة عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا الأوكرانيين «إلى مناقشات واقعية حول المسائل المتعلقة بالأراضي» لإيجاد تسوية للنزاع، محذراً من عدم وجود «حل سريع وسهل». حتى بولندا الداعم الكبير لكييف، فتحت الباب على لسان وزير خارجيتها أمام احتمال حصول تنازلات عن أراضٍ «بمبادرة من أوكرانيا».

وتطالب موسكو أن تتخلى كييف عن أربع مناطق تسيطر عليها روسيا جزئياً. فضلاً عن القرم التي ضمتها في 2014، وأن تعزف عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وهي شروط يعدّها زيلينسكي غير مقبولة.

وما زالت تسيطر روسيا على نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية حتى الآن في حين سرعت تقدمها في شرقها في الأشهر الأخيرة.

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا. وأوضح أوستن أن الحزمة تتضمن «صواريخ إضافية لسلاح الجو الأوكراني ومزيداً من الذخائر، وذخائر أرض - جو وعتاداً آخر لدعم طائرات (إف - 16) الأوكرانية». وشدد على أن «القتال في أوكرانيا يعنينا جميعاً».

فولوديمير زيلينسكي مع لويد أوستن (أ.ب)

في ظل إدارة جو بايدن، شكلت الولايات المتحدة الداعم الأكبر لكييف في تصديها للغزو الروسي موفرة مساعدة عسكرية تزيد قيمتها عن 65 مليار دولار منذ فبراير (شباط) 2022. وتلي واشنطن في هذا المجال، ألمانيا الداعم الثاني لكييف مع 28 مليار يورو. لكن ذلك، لم يكن كافياً لكي تحسم أوكرانيا الوضع الميداني بل هي تواجه صعوبة في صد الجيش الروسي الأكثر عدداً، لا سيما في الجزء الشرقي من البلاد.

وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي «مستعد» لقيادة جهود الدعم العسكري لأوكرانيا «في حال لا تريد الولايات المتحدة القيام بذلك». وشددت كالاس كذلك قبل اجتماع المجموعة على أنها «على ثقة» بأن واشنطن «ستواصل دعمها لأوكرانيا». وأضافت: «مهما كانت هوية رئيس الولايات المتحدة ليس من مصلحة أميركا أن تكون روسيا القوة العظمى الأكبر في العالم». وتابعت كالاس: «الاتحاد الأوروبي مستعد أيضاً لتولي هذه القيادة إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بذلك».

وفي حديثها للصحافيين، كما نقلت عنها وكالات عدّة، قالت إنه في هذه المرحلة «لا ينبغي لنا حقاً التكهن» بشأن الدعم الأميركي المستقبلي، لافتة إلى أن الولايات المتحدة لديها مصالح كبيرة في أوروبا. وأصرت كالاس: «أنا متأكدة من أنه (عندما) تتولى القيادة منصبها، فإنها تستطيع أيضاً رؤية الصورة الأكبر».

كما استغل زيلينسكي اللقاء «لحث» حلفاء أوكرانيا على مساعدة كييف في بناء «ترسانة من الطائرات المسيّرة» لاستخدامها ضد القوات الروسية على الخطوط الأمامية وخارجها. وشدد على أن «الطائرات المسيّرة هي أمر غير بالفعل طبيعة الحرب (...) المسيّرات تردع العدو، تبقيه على مسافة».

جاءت هذا التصريحات بعد إعلان الجيش الأوكراني الأربعاء أنه ضرب ليلاً مخزن وقود في روسيا يقع على بعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، قال إن سلاح الجو يستخدمه لقصف أوكرانيا.

كما وصف زيلينسكي هجوم قواته على منطقة كورسك الغربية في روسيا بأنه أحد «أكبر انتصارات أوكرانيا، ليس فقط في العام الماضي، لكن طوال الحرب».

وأعلنت موسكو نهاية الأسبوع أنها صدت هجوماً أوكرانياً جديداً في منطقة كورسك الروسية الحدودية، حيث تسيطر القوات الأوكرانية على مئات الكيلومترات المربّعة منذ الهجوم الذي شنّته في أغسطس (آب) 2024. ولم يعلق زيلينسكي على ذلك.

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الخميس، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 46 من أصل 70 طائرة مسيَّرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية.

أعلن إيفان فيديروف، حاكم مدينة زابوريجيا الأوكرانية، الخميس، أن 113 شخصاً على الأقل أصيبوا في هجوم روسي بالقنابل الانزلاقية على المدينة الواقعة بجنوب أوكرانيا. وأضاف فيديروف عبر تطبيق «تلغرام» أن 59 شخصاً يعالَجون في المستشفى بعد الهجوم الذي وقع عصر الأربعاء، وخلف 13 قتيلاً.

وبحسب السلطات الأوكرانية، نفذ الهجوم باستخدام قنبلتين تزنان 500 كيلوغرام واستهدف موقعاً صناعياً. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو دماراً عند مصنع «موتور سيش» لمحركات الطائرات الذي ينتج أيضا مسيَّرات للجيش الأوكراني.

وقالت السلطات إن أضراراً لحقت بأربعة مبانٍ إدارية ونحو 30 سيارة إلى جانب ترام. وتقع المدينة على مسافة 30 كيلومتراً فقط من خط الجبهة بين القوات الروسية والأوكرانية.

وتسقط المقاتلات الروسية القنابل الانزلاقية على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا على مسافة آمنة من الدفاعات الجوية الأوكرانية ثم يتم توجيهها لهدفها. والأهداف ليس لديها تقريباً أي دفاع ضدها.