الفنانة إيتل عدنان وزّعت أعمالها على متاحف العالم ورحلت

أسلمت الروح في باريس عن 96 عاماً

الفنانة إيتل عدنان وزّعت أعمالها على متاحف العالم ورحلت
TT

الفنانة إيتل عدنان وزّعت أعمالها على متاحف العالم ورحلت

الفنانة إيتل عدنان وزّعت أعمالها على متاحف العالم ورحلت

عن عمر ناهز 96 عاماً رحلت إيتل عدنان في باريس، الفنانة التي يصعب أن تحدّها في مجال واحد، أو في جنسية، أو تحصر مقامها في مكان بعينه. فهي رسامة، ونحّاتة، وشاعرة، وكاتبة مقالات، وروائية، ومؤلفة مسرحية، ولها هوى بكل ما هو بصري. كتبت في البدء بالفرنسية ثم بالإنجليزية. وبدأت الرسم كنوع من التمرد على اللغة، وهي التي كانت تتابع بأرق أخبار الاستعمار الفرنسي في الجزائر ومن ثم مآسي حرب فيتنام. ورغم انغماسها في الرسم عن الحروب فإن لوحاتها كانت تعبّر عما يعاكس الحرب، ويسير ضدها. لوحاها المسالمة بألوانها الزاهية وضبابية أشكالها، بقيت تؤنس محبيها. وهي لم تتوقف عن الرسم حتى سنواتها الأخيرة، رغم تقدمها في السن، تقيم المعارض، وتقام لها الاحتفاليات الاستعادية.
تمكنت إيتل عدنان بفضل تربيتها الكسموبوليتية، وحبها للتنقل وتعدديتها اللغوية، ومواهبها المختلفة، وانغماسها الدائم في التجريب، في أن تتحول إلى فنانة عالمية، تجد أعمالها في المتاحف العربية كما في باريس ونيويورك لا فرق. فمحبو الفن سيجدون آثار إيتل عدنان، في كل عاصمة كبيرة إن بحثوا عنها. ويقيم لها «متحف غوغنهام» في نيويورك في الوقت الراهن، معرضاً استعادياً بمعية الفنان فاسيلي كاندنسكي، يستمر حتى الشهر الأول من العام المقبل.
ولدت إيتل عدنان في بيروت، من أم يونانية، وأب سوري كان ضابطاً في الجيش العثماني. كان والداها يتواصلان معاً باللغة التركية، وتكلمها أمها باليونانية. وفي مدرسة الراهبات في بيروت تكلمت الفرنسية التي ستكون أول لغة تستخدمها ككاتبة، فيما بقيت العربية مع إقامتها في لبنان عصية عليها.
في الرابعة والعشرين، غادرت إيتل عدنان بيروت، ودرست الفلسفة في باريس، في جامعة السوربون، ثم أكملت دراستها في أميركا وتحديداً في بركلي وهارفرد.
بعد تخرجها، عادت إلى لبنان، وعملت صحافية في المجال الثقافي وكذلك في التعليقات السياسية، في جريدة «الصفا» التي كانت تصدر بالفرنسية.
لكن بعد تسفارها وتنقلها استقرت إيتل عدنان في كاليفورنيا، متنقلة بين بيتها هناك، ومنزلها الباريسي القريب من حديقة لوكسمبورغ، وهو المكان الذي ستختار الانتقال إليه بعد تدهور صحتها.
وبغياب إيتل عدنان التي عاشت الازدهار اللبناني الكبير ومن ثم كتبت ورسمت الكثير عن الحرب الأهلية، وإن كان بأسلوبها التجريدي المعروف.
من أعمالها المترجمة إلى العربية: «الستّ ماري روز»، و«سفر الرؤيا العربي»، و«عن مدن ونساء. رسائل إلى فواز»، و«قصائد الزيزفون»، و«باريس عندما تكون عارية».
حازت إيتل عدنان على العديد من الجوائز بينها، جائزة من فرنسا على روايتها «الست ماري روز» و«جائزة الكتاب العربي الأميركي»، و«جائزة لمبادا للآداب»، وحصلت على لقب «فارس الأدب» من قبل الحكومة الفرنسية.



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».