«الثنائي الشيعي» يربط استئناف جلسات الحكومة بتنحية البيطار

رأى أنها تتجاوز استقالة وزير الإعلام اللبناني

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
TT

«الثنائي الشيعي» يربط استئناف جلسات الحكومة بتنحية البيطار

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)

قال مصدر نيابي لبناني بارز إن مجلس الوزراء لن يعاود جلساته الأسبوعية في حال استجاب وزير الإعلام جورج قرداحي للدعوات التي تطالبه بالاستقالة تقديراً منه لمصلحة لبنان العليا بوقف تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية وتنقيتها من الشوائب التي لحقت بها وكانت وراء تأزّمها. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن لا علاقة لقرداحي بتعليق جلساته التي جاءت على خلفية مطالبة الثنائي الشيعي بتنحّي المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن التحقيق في ملف الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت لمخالفته الدستور في ادعائه على النواب علي حسن خليل، وغازي زعيتر، ونهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس.
ولفت المصدر النيابي إلى أن استقالة قرداحي لن تحل المشكلة وتدفع باتجاه وقف تعليق جلسات مجلس الوزراء ما لم يؤخذ بطلب الثنائي الشيعي بتنحي القاضي البيطار بعد تماديه في مخالفة الدستور والقوانين المرعية الإجراء التي تحصر الادعاء عليهم بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ورأى أن المشكلة معه لا تتعلق باعتماده الاستنسابية والانتقائية في ادعائه عليهم فحسب، وإنما لإصراره على مخالفة الدستور.
وسأل: لماذا لم يتحرّك رئيس الجمهورية ميشال عون الحامي للدستور ويبادر إلى كف يد القاضي البيطار وإقصائه عن مواصلة التحقيق في انفجار المرفأ بسبب مخالفته لعدد من المواد الواردة في الدستور التي تجيز للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بملاحقتهم؟ وهل من الجائز بأن تبقى جلسات مجلس الوزراء معلّقة على كلمة من الوزير السابق سليم جريصاتي الذي يدير كل شيء من مكتبه في بعبدا ويتصرف على أنه الآمر الناهي؟
كما سأل المصدر نفسه عن الجهة السياسية التي كانت وراء إحباط المساعي التي تولاها البطريرك الماروني بشارة الراعي وتمثلت باللقاءات التي عقدها مع الرؤساء الثلاثة في محاولة للعودة إلى الأصول في ملاحقتهم؟ وهل من دخل على خط مساعيه لقطع الطريق على جهوده لإنقاذ الموقف، خصوصاً أن تحرّكه لم يأتِ من فراغ؟
ودعا إلى النأي بالتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت عن تصفية الحسابات السياسية التي يريد البعض أن يقحم البلد فيها بلجوئه إلى المزايدات الشعبوية التي تأخذ البلد إلى مزيد من التأزُّم بدلاً من الاحتكام إلى النصوص الدستورية لتصويب مسار التحقيقات وتصحيح الخلل الذي تسبب به القاضي البيطار.
وأكد أنه مع مبدأ الفصل بين السلطات وعدم التدخل في القضاء، لكن هناك من يصر على تسييس التحقيقات ويمعن في إطلاق التهديدات التي تستهدف البعض عن سابق تصوّر وتصميم مع أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان أول من دعا إلى تصويب مسار التحقيقات منتقداً البيطار وداعياً مجلس القضاء الأعلى للتدخُّل.
وشدد المصدر النيابي على أنه مع رفع الحصانة عن الجميع من أكبر مسؤول إلى آخر موظف لتبيان الحقيقة وتحديد المسؤولية بدلاً من الانتقائية التي يعتمدها البيطار في خرقه للمواد الدستورية من دون أن يتحرك رئيس الجمهورية الذي كان على علم بالجهود التي قام بها البطريرك الراعي لكنه اصطدم بحائط مسدود حال دون أن يكمل مساعيه.
ومع أن المصدر النيابي تجنّب الدخول في الأسباب الكامنة وراء تبادل «التغريدات» بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري فإنه في المقابل رأى أن عون هو من تحرّش به ما اضطره للرد وأنها توقفت بعد أن أوقف عون «تغريداته».
وبالنسبة إلى علاقة بري بميقاتي، قال المصدر النيابي إنهما يتواصلان باستمرار وأن لا صحة لكل ما يشاع حول وجود بوادر تباين «صامت» بينهما، وأكد أن رئيس المجلس لا يؤيد استقالة الحكومة وأنه ماضٍ بدعمه لرئيسها لأن الاستقالة تأخذ البلد حتماً إلى الفراغ وهذا ما يتعارض مع الرهان عليها لإخراجه من التأزّم الذي يتخبط فيه بدءاً بوقف الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي بلغ ذروته وانتهاءً بتضافر الجهود للانتقال به إلى مرحلة التعافي بموازاة المساعي القائمة لرأب الصدع بين لبنان ودول الخليج بما يؤدي إلى تطويق المفاعيل السياسية والتداعيات الناجمة عن الأزمة التي ما زالت تحاصر العلاقات اللبنانية - الخليجية.
وتطرّق المصدر النيابي إلى الاستحقاق النيابي، ونقل عن الرئيس بري إصراره على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها ودحضه لكل ما يشاع بأن لحركة «أمل» مصلحة في عدم إنجازها في موعدها، خصوصاً أن الأكثرية النيابية كانت صوّتت لمصلحة إتمامها في 27 آذار (مارس) المقبل، أي ضمن المهلة القانونية.
ولفت إلى أن إجراء الانتخابات في موعدها أكثر من ضرورة لعلها تؤدي نتائجها إلى إحداث تغيير، وقال: لا بد من توجيه السؤال للفريق السياسي الذي يتحضّر للطعن بالتعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب أمام المجلس الدستوري ما إذا كان يريد فعلاً أن تجري ضمن المهلة القانونية بدلاً من أن يوجّه التهمة إلى من باشر في التحضير لخوضها؟
وفي هذا السياق، يراهن مصدر وزاري على الجهود الرامية إلى إحداث خرق يؤدي إلى إخراج الحكومة الميقاتية من مأزق تصريف الأعمال من دون أن يكشف ما إذا كان هذا الخرق يقتصر على استقالة قرداحي أم أنه ينسحب على إيجاد مخرج يفتح الباب أمام النظر إيجابياً في الأسباب التي أملت على «الثنائي الشيعي» اتخاذ قراره بتعليق حضوره جلسات مجلس الوزراء ما لم يؤخذ بمطالبته بوجوب تنحي القاضي البيطار.
لكن المصدر نفسه يؤكد أن لا جلسة لمجلس الوزراء يحضرها قرداحي لأن لدى ميقاتي رغبة بعدم تحدّيه لدول الخليج، فيما يسعى لتصويب العلاقة معها كأساس لإنهاء الأزمة لأن لا مصلحة للبنان إلا بالتواصل مع محيطه العربي، ويقول إن رئيسي الجمهورية والحكومة على توافق بضرورة استقالته وبات عليه أن يقدّر المصلحة الوطنية وأن يتجاوب مع الدعوات بتخلّيه عن مطالبته بمقايضة استقالته بإنهاء الأزمة.
ويضيف أن «الثنائي الشيعي» ليس في وارد أن يطلب منه عدم الاستقالة وهو يترك له بأن يتخذ قراره بملء إرادته، وبالتالي لن يعترض إذا ما بادر تقديراً منه للمصلحة الوطنية إلى تقديمها طوعياً، ويقول إن «حزب الله» يترك له الحرية في اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً، لكنه لن يضغط عليه لتقديم استقالته بذريعة أنه كان أول من دافع عنه وهو لا يزال ينسجم مع موقفه.
بدوره، يستبعد مصدر سياسي لجوء مجلس الوزراء مجتمعاً إلى إقالة قرداحي الذي يغيب في هذه الحالة عن الجلسة المخصصة للنظر في إقالته، ويعزو السبب إلى احتمال عدم توافر النصاب القانوني لإقالته بأكثرية ثلثي أعضاء الحكومة، إضافة إلى عدم ضمان حضور الوزراء المحسوبين على الثنائي الشيعي ما يفتح الباب أمام انفجار الحكومة من الداخل، علما بأن الثنائي لا يزال يتمسك بعدم حضوره الجلسات ما لم ينحَّ البيطار مع أن من يتمسك ببقاء الحكومة عليه أن يقدّم ما يتيح تفعيلها بعودتها للانعقاد.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».