الراعي ينتقد تلكؤ لبنان في معالجة الأزمة مع دول الخليج

الراعي ينتقد تلكؤ لبنان في معالجة الأزمة مع دول الخليج
TT

الراعي ينتقد تلكؤ لبنان في معالجة الأزمة مع دول الخليج

الراعي ينتقد تلكؤ لبنان في معالجة الأزمة مع دول الخليج

انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي السلطة اللبنانية لتلكؤها في معالجة الأزمة الحادة مع دول الخليج العربي، قائلاً إن «استنزاف الوقت يدخلنا في أزمة استنزاف اقتصادية ومعيشية تصعب الحل، ما يضر بمصالح مئات ألوف اللبنانيين ومصالح التجار والصناعيين والمزارعين وقطاعات لبنانية أخرى».
وأضاف الراعي في عظته أمس (الأحد) أن «بعض المسؤولين السياسيين والمتعاطين العمل السياسي، بدلاً من محاربة الفقر بشتى الطرق السياسية والاشتراعية والإجرائية، فإنهم يمتهنون إفقار المواطنين بأكبر عدد وأكثر حرمان وبطالة».
وشدد على أن «حل هذه الأزمة بشجاعة وطنية، لا يمس كرامة لبنان، بل إن تعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعوز والعزلة العربية هو ما يمس بالكرامة والسيادة والعنفوان». وقال إن «تحليق سعر الدولار إلى حد يعجز فيه المواطنون من شراء الحاجيات الأساسية، لا سيما عشية الأعياد المقبلة، هو ما يمس بالكرامة ويذل الناس. الكرامة ليست مرتبطة بالعناد إنما بالحكمة، وبطيب العلاقات مع كل الدول وخصوصاً مع دول الخليج الشقيقة، ذلك أن دورها تجاه لبنان كان إيجابياً وموحداً وسلمياً، لا سلبياً وتقسيمياً وعسكرياً».
وأكد الراعي أنه «لا يحق لأي طرف أن يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطل عمل الحكومة، ويشل دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد في المجتمع اللبناني. ولا يحق بالمقابل للمسؤولين، كل المسؤولين، أن يتفرجوا على كل ذلك، ويرجوا موافقة هذا الفريق وذاك. هذا هو فقدان الكرامة وهذا هو الذل بعينه».
وتطرق الراعي إلى أزمة تعطيل العمل الحكومي، وسأل: «أي منطق يسمح بتجميد عمل الحكومة والإصلاحات والمفاوضات الدولية في هذه الظروف؟». وقال: «كل ما يجري اليوم يتعارض تماماً مع النظام اللبناني بوجهه الدستوري والميثاقي والديمقراطي. إن الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني تريد الخروج من أجواء الحرب والفتنة والصراع، والدخول في عالم السلام الشامل والدائم والتلاقي الحضاري. ما لنا بحروب المنطقة وبمحاورها؟ ما لنا بصراعاتها وبلعبة أنظمتها؟ ما شأننا لنقرر مصير الشعوب الأخرى فيما نحن عاجزون عن تقرير مصيرنا، بل عن اتخاذ قرار إداري؟».
وقال الراعي: «إذا كان البعض يعتبر الحياد حلاً صعباً، فإننا نرى فيه الحل الوحيد لإنقاذ لبنان. لقد بات متعذراً إنقاذ الشراكة الوطنية من دون الحياد. وكلما تأخرنا في اعتماد هذا النظام تضررت هذه الشراكة ودخل لبنان في متاهات دستورية لا يستطيع أي طرف أن يحدد مداها».
ويأتي تنبيه الراعي في ظل كباش سياسي حال دون حل الأزمة مع دول الخليج العربي، وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان أمس في تصريح تلفزيوني: «الإشكالية الكبيرة في البلد أن هناك فريقاً يتحكم بالقرار اللبناني وبالدولة ويضع يده على كل شيء»، موضحاً أن «هذا الفريق هو «حزب الله». وأضاف «إذا لم نُعالج هذه المشكلة فلن نتمكن من معالجة أي أزمة».
وأشار عدوان إلى «أننا لم نشارك في الحكومة ولم نعطها الثقة بسبب هيمنة الحزب»، مضيفاً «نحن اليوم نقول إنه لا إمكانية لتشكيل حكومة أخرى قبل الانتخابات، وبذلك يكون دور الرئيس ميقاتي اليوم التخفيف من الآلام، لأن البديل غير متاح والبديل هو فراغ، ما سيعطل الانتخابات وهو هدف الفرقاء الموجودين في السلطة».
وأكد عدوان أن «المشكلة هي بين حزب الله وباقي اللبنانيين ولكن البعض يحاول الإظهار كأن المواجهة بين الحزب والقوات»، وأضاف «لا ندعي أننا وحدنا في المواجهة إنما نحن نمد يدنا لمن يريد التغيير ورفع الهيمنة فقوة السلاح وحدت الناس ضد الحزب ولمواجهته سياسياً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.