قوات أميركية تستطلع منطقة شرق سوريا لإنشاء قاعدة ومطار عسكري

واشنطن تبحث مع «قسد» والإدارة الذاتية خفض التصعيد ومواجهة «داعش»

غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ومظلوم عبدي والقيادية الكردية إلهام أحمد في قاعدة للتحالف بالحسكة (الشرق الأوسط)
غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ومظلوم عبدي والقيادية الكردية إلهام أحمد في قاعدة للتحالف بالحسكة (الشرق الأوسط)
TT

قوات أميركية تستطلع منطقة شرق سوريا لإنشاء قاعدة ومطار عسكري

غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ومظلوم عبدي والقيادية الكردية إلهام أحمد في قاعدة للتحالف بالحسكة (الشرق الأوسط)
غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ومظلوم عبدي والقيادية الكردية إلهام أحمد في قاعدة للتحالف بالحسكة (الشرق الأوسط)

وصلت دورية أميركية، رفقة عناصر من قوات «قسد»، إلى منطقة شمال شرقي سوريا على بعد نحو 15 كيلومتراً جنوب غربي الحسكة، أمس. وقالت مصادر عسكرية ميدانية إن هذه القوات جاءت بهدف إنشاء قاعدة عسكرية للتحالف الدولي ضد «داعش»، وقد استطلعت مساحة الأرض لإنشاء مطار عسكري. وهذه النقطة تقع على مقربة من فوج «المليبية» الذي كانت تتخذه القوات النظامية الموالية للأسد فوجاً عسكرياً قبل 2011، لكنها اليوم تخضع لقوات «قسد».
ووصلت قافلة عسكرية لقوات التحالف الدولي قادمة من قواعدها في إقليم كردستان المجاور عبر معبر الوليد الحدودي. واتجه الرتل الذي ضم 40 شاحنة وسيارة نقل كبيرة نحو القواعد العسكرية للتحالف والقوات الأميركية في ريف الحسكة. وضم الرتل شاحنات تحمل المعدات اللوجيستية والعسكرية، وهذه القافلة كانت الثالثة خلال الشهر الحالي.
هذا، وكان نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، قد عقد السبت الماضي اجتماعاً مع قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» و«مجلس سوريا الديمقراطية»، في قاعدة للتحالف الدولي بمدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا.
وضم الوفد الأميركي عدداً من الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين الذين بحثوا التزام جميع الأطراف المتصارعة باتفاقيات خفض التصعيد، ووقف إطلاق النار، والاستمرار في الجهود الدولية لمحاربة خلايا «داعش». كما عقد اجتماعاً ثانياً منفصلاً مع قادة «الإدارة الذاتية».
وضمت اجتماعات الوفد الأميركي اجتماعاً مع مظلوم عبدي، القائد العام لقوات «قسد»، والقيادية الكردية إلهام أحمد، الرئيسة التنفيذية لمجلس «مسد»، وأعضاء رئاسة المجلس. وشدد الجانب الأميركي على ضرورة الحفاظ على اتفاقية خفض التصعيد، ووقف إطلاق النار في خطوط المواجهة ونقاط التماس، واستمرار دعم الجهود الدولية لإلحاق الهزيمة النهائية بتنظيم داعش.
وقالت قوات «قسد»، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، إن القيادة تباحثت مع الجانب الأميركي حول الصعوبات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها مناطق شمال وشرق سوريا، في ظل تصاعد التهديدات التركية، وزيادة نشاط الخلايا النائمة الموالية لـ«داعش». وطلبت من الوفد الزائر زيادة الدعم الإنساني بغية تجاوز آثار الحرب، وتمتين البنية التحتية والتنمية الاقتصادية لهذه المنطقة، بما يضمن الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وتأتي هذه الزيارة لوفد أميركي رفيع المستوى في ظل تصاعد وتيرة التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد مناطق نفوذ سيطرة قوات «قسد» شرق الفرات. وقالت السفارة الأميركية في سوريا، عبر تغريدة نشرت على حسابها بموقع «تويتر»، إن «واشنطن ستحافظ على وجودها العسكري في سوريا لضمان القضاء على التهديد من المجموعات الإرهابية، وإن تنظيم (داعش) لا يزال يشكل تهديداً مباشراً للشعب السوري، ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة». ولفتت إلى أن الشعبين السوري والأميركي «لا يستحقان أقل من ذلك».
بيريفان خالد، من المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعهم مع الأميركيين تناول القضايا الاقتصادية والصحية، وقد نقلوا احتياجات سكان المنطقة لمسؤولي الخارجية الأميركية، وتلقوا وعوداً بتقديم الدعم والمساعدة. وتابعت: «بحثنا الأزمة الاقتصادية والصحية التي تعصف بالمنطقة مع تفشي وباء كورونا، وطالبنا بتقديم الدعم والمساعدة لتجاوز الأزمات. ووعد إيثان غولدريتش والوفد الأميركي بتقديم الدعم على مختلف الصعد».
وعن تصاعد التهديدات التركية، نوهت خالد بأنه «بحثنا تصاعد التهديدات التركية، والانتهاكات الواقعة في المناطق الخاضعة لنفوذ الجيش التركي والفصائل الموالية له، كما نقلنا للمسؤولين الأميركيين مشكلة المياه التي تقطعها السلطات التركية، وتؤثر على الزراعة بالدرجة الأولى».
وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن قيادة الإدارة بحثت نقص مخزون القمح، وتأثيره على توفير مادة الخبز، وآلية جلب مستثمرين للمنطقة لإنعاشها اقتصادياً، وكيفية إعفائهم من عقوبات قيصر، لافتة إلى أنه «تطرقنا لإغلاق المعابر الحدودية مع مناطق الإدارة الذاتية، ونقلنا معاناة وتحديات الحصار، وطلبنا فتح معبر تل كوجر- اليعربية مع العراق، لضرورة وصول احتياجات السكان وإمدادات الأمم المتحدة الإنسانية لمساعدة المخيمات».
يذكر أن وفداً من قوات التحالف الدولي والجيش الأميركي قد عقد اجتماعات أخرى مع قادة «قسد» والمجلس المدني السبت، في مدينة الرقة شمال سوريا، بحث فيها التهديدات التركية. وقالت مصادر مطلعة إن الجانبين ناقشا آخر المستجدات على الساحة السورية، والتطورات الميدانية، وتصاعد وتيرة التهديدات التركية بشن هجوم عسكري ضد مواقع سيطرة «قسد» شرق الفرات.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».