«السلام الآن»: عنف المستوطنين تجاوز الخطوط الحمراء

منظمة «بتسيلم» تقول إن قوات الأمن الإسرائيلية «لا تقوم بواجبها» في حماية الفلسطينيين

مستوطنة ماعون (في الخلفية) تشرف على قرية يقطنها بدو فلسطينيون قرب الخليل بالضفة الغربية (أ.ب)
مستوطنة ماعون (في الخلفية) تشرف على قرية يقطنها بدو فلسطينيون قرب الخليل بالضفة الغربية (أ.ب)
TT

«السلام الآن»: عنف المستوطنين تجاوز الخطوط الحمراء

مستوطنة ماعون (في الخلفية) تشرف على قرية يقطنها بدو فلسطينيون قرب الخليل بالضفة الغربية (أ.ب)
مستوطنة ماعون (في الخلفية) تشرف على قرية يقطنها بدو فلسطينيون قرب الخليل بالضفة الغربية (أ.ب)

قالت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية إن عنف المستوطنين في الأشهر الأخيرة حطم الأرقام القياسية، داعية وزير الجيش بيني غانتس، إلى رفع الغطاء عنهم، ووقف جرائمهم وانتهاكاتهم بحق الفلسطينيين وأراضيهم ومزروعاتهم.
وقالت «السلام الآن»، في تقرير جديد، إن «عنف المستوطنين في الأشهر الأخيرة، حطم الأرقام القياسية وتجاوز الخطوط الحمراء»، مؤكدة أنه يجب أن يعمل الجميع لوقف عنفهم.
وأكدت الحركة أنها خاطبت مع منظمات أخرى، وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، لتذكيره بأن مسؤولية منع المزيد من الضحايا تقع على عاتقه.
وقالت «السلام الآن» إنه «ليست هناك حاجة لتشغيل نظام متطور لجمع المعلومات الاستخباراتية حول المجموعات الاستيطانية المسلحة». وأضافت: «يوم الثلاثاء الماضي، شن مستوطنون مسلحون مرة أخرى هجومهم على الفلسطينيين جنوب جبال الخليل، ومن الواضح أن هذه مجرد مقطورة في عطلة نهاية الأسبوع القادة، ستتكرر كل سبت».
واتهمت الحركة، الجيش الإسرائيلي، بتقديم الحماية للمستوطنين أثناء ارتكابهم جرائم وانتهاكات بحق الشريحة الضعيفة من الفلسطينيين في القرى والحقول وخلال زراعة أراضيهم أو قطف ثمار الزيتون.
وقال التقرير إن الوزير غانتس «أعلن أنه سيجري مناقشة خاصة في هذا الشأن، لكن المشاغبين من البؤر الاستيطانية لا يعملون وفق جدول الوزير. في الوقت الحالي المنطقة مهجورة. لا يوجد جيش ولا توجد شرطة لحماية المواطنين الفلسطينيين العزل في أراضيهم وجبالهم».
واستشهدت «السلام الآن» بتقرير أعدته منظمة حقوق الإنسان «بتسيلم» قال إن عنف المستوطنين، و«أحياناً عنف عموم الإسرائيليين» ضد الفلسطينيين منذ فترة طويلة، بات جزءاً لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربية الذي يتضمن مجموعة واسعة من الممارسات تبدأ من إغلاق الطرقات ورشق الحجارة على السيارات والمنازل، مروراً بمداهمة القرى والأراضي وإحراق حقول الزيتون والمحاصيل وتدمير وإتلاف الممتلكات، وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية، وأحياناً إلقاء الزجاجات الحارقة (المولوتوف) وإطلاق النار.
وقالت «بتسيلم»، في تقريرها، إن عنف المستوطنين يمكن وقفه بقرار من غانتس، مضيفة: «يقع على عاتق إسرائيل واجب حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية من أعمال العنف هذه، لكن قوات الأمن وأجهزة تطبيق القانون لا تقوم بواجبها، حتى في الحالات التي يمكن فيها التكهن بحدوث مثل هذه الاعتداءات».
وتشير آلاف الإفادات وأشرطة الفيديو والتقارير والمتابعة طويلة الأمد التي نفذتها «بتسيلم» ومؤسسات أخرى حول هذا الموضوع، إلى أن قوات الاحتلال «تسمح للمستوطنين على نحوٍ روتيني بإلحاق الأذى بالفلسطينيين، بل إنها ترافق المستوطنين لدى تنفيذ اعتداءاتهم وتدعمهم وتؤمن لهم الحماية، وأحياناً تنضم إلى صفوفهم كمعتدية». وطالبت «بتسيلم» بالتحقيق بسرعة وفاعلية بالاعتداءات بعد وقوعها، وقالت إنها وثقت أحداثاً هاجم فيها المستوطنون فلسطينيين – بما في ذلك أشرطة فيديو صورها المتطوعون في المؤسسة – وسلمت المواد إلى الشرطة والجيش. كما ساعدت «بتسيلم» الضحايا الفلسطينيين في الوصول إلى مراكز الشرطة، وتقديم الشكاوى، وتابعت مجريات التحقيقات، بما في ذلك تقديم اعتراضات على إغلاق الملفات.
وجددت «بتسيلم» التأكيد على أن الاستيطان غير شرعي ومخالف للقانون الدولي، وأن ظاهرة البؤر الاستيطانية أقيمت في مخالفة للقانون الإسرائيلي، ولكن بدعم وحماية وتمويل حكومي.
وخلصت «السلام الآن» و«بتسيلم» إلى أن أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون ليست «استثناءات»، وإنما هي جزء من نشاط استراتيجي تسمح به إسرائيل وتشارك فيه وتستفيد من تبعاته.
وأوضحتا أن النتيجة البعيدة المدى لهذه الأعمال هي سلب المزيد والمزيد من الأراضي من أيدي الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة، وهو الأمر الذي يُسهل على إسرائيل السيطرة على الضفة ومواردها.
وجاءت التقارير في وقت حذرت فيه الأوساط الأمنية الإسرائيلية من تصاعد الهجمة الاستيطانية ضد الفلسطينيين في الضفة.
وأعربت مصادر أمنية إسرائيلية سابقاً عن قلقها إزاء تصاعد أعمال العنف من جانب المتطرفين اليمينيين في مناطق الضفة الغربية بعد تسجيل أكثر من 416 حادث عنف في هذه المناطق منذ مطلع العام الحالي مقارنة مع 224 حادثاً كهذا خلال العام 2020 المنصرم.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، إن تقريري حركة «السلام الآن» ومنظمة «بتسيلم» الحقوقية حول جرائم المستوطنين يشكلان أساساً صالحاً لنقاشات وحوارات في المؤسسات والمجالس الأممية المختصة، وحافزاً للتحرك لإنقاذ «حل الدولتين من براثن الاستيطان».
وحملت الوزارة حكومة نفتالي بنيت ويائير لبيد المسؤولية الكاملة والمباشرة عن التصعيد المتواصل، وقالت إن على المجتمع الدولي أن يخجل من نفسه إزاء ما وثقته حركة «السلام الآن» من جرائم وانتهاكات بحق الفلسطينيين، وطالبته بأن يخرج عن صمته ويتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني و«وقف رهاناته على أخلاقيات جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين وقادة إسرائيل الاستعمارية».
وهذه الدعوة أطلقتها كذلك منظمة التحرير الفلسطينية في بيان للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، جاء فيه «إن الفشل الذريع لمجلس الأمن الدولي في إصدار قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي رغم وجود إجماع دولي على أن الاستيطان مخالف للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن نفسه ذات الصلة، يمنح الاحتلال الإسرائيلي غطاءً ودعماً لمواصلة جرائمه ضد الشعب الفلسطيني ومواصلة مخططاته الاستيطانية دون رادع».



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً