«مواكب غضب» في شوارع السودان... وقتلى وجرحى برصاص الشرطة

إدانة أميركية وأممية لاستخدام العنف المفرط... وزير الإعلام المعزول: لن نفاوض الانقلابيين وسنقدمهم للمحاكمات

محتجون في شوارع الخرطوم طالبوا بالحكم المدني (إ.ب.أ)
محتجون في شوارع الخرطوم طالبوا بالحكم المدني (إ.ب.أ)
TT

«مواكب غضب» في شوارع السودان... وقتلى وجرحى برصاص الشرطة

محتجون في شوارع الخرطوم طالبوا بالحكم المدني (إ.ب.أ)
محتجون في شوارع الخرطوم طالبوا بالحكم المدني (إ.ب.أ)

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، ومدن أخرى، مواكب غضب هادرة، أمس، لرفض الحكم العسكري، في اختبار قوة مفتوح، في الشوارع، واجهتها الشرطة وقوى الأمن، بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي، والغازات المسيلة للدموع، ما أدى الى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وصدرت بيانات دولية عديدة، تدين استخدام العنف المفرط، ضد الحشود التي تدفقت إلى الشوارع لرفض «الانقلاب العسكري».
ويعتبر هذا التحرك مصيريا للشارع الذي يريد إثبات نفسه، وللسلطة التي سيتعيّن عليها التحلي بضبط النفس لطمأنة المجتمع الدولي.
ومنذ الصباح الباكر، انتشر بكثافة في شوارع الخرطوم وأمّ درمان جنود وعناصر من قوات الدعم السريع وأغلقوا الجسور التي تربط العاصمة بضواحيها وتتقاطع مع المحاور الرئيسية.
وقالت تقارير إعلامية عديدة، وشهود عيان، إن الأجهزة العسكرية استخدمت عنفاً مفرطاً ضد المحتجين السلميين، واستخدمت بكثافة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي، في محاولة منها لتفريق مئات الآلاف من المحتجين، الذين خرجوا في جموع هادرة، بيد أن المحتجين واجهوا أجهزة الأمن.
وقالت لجنة الأطباء المركزية – هيئة طبية نقابية – إن عددا من المحتجين سقطوا قتلى، فيما أصيب العشرات بالرصاص وعبوات الغاز، بعضهم حالتهم حرجة، ولاحقاً ذكرت اللجنة ومصادر طبية أن 5 أشخاص «ارتقوا شهداء» حتى الآن، فيما لا يزال العشرات يتلقون العلاج في المشافي القريبة من أمكنة التجمعات، وأن هناك عددا كبيرا من الإصابات المتفاوتة بالرصاص الحي في مناطق الخرطوم المتفرقة.
وتواجه الطواقم الطبية صعوبات بالغة في إيصال المصابين للمستشفيات، فيما ذكرت مصادر طبية للصحيفة أن ثلاثة آخرين توفوا متأثرين بجراحهم في مستشفيات مستشفى الأربعين بأم درمان، وثالث بمستشفى رويال كير، ورابع بمستشفى فيوتشر بالخرطوم، ولم تؤكد مصادر رسمية أعداد القتلى والجرحى والإصابات، في الخرطوم وولايات البلاد الأخرى.
ونددت اللجنة الطبية بالقمع المفرط الذي استخدمته السلطات ضد المحتجين السلميين، وقالت إنها استخدمت جميع أساليب البطش المتاحة لها، فيما قال المكتب الموحد للأطباء إن القوات الأمنية هاجمت أحد المستشفيات «شرق النيل» وأثارت الرعب داخله، واعتدت بالضرب على الأطباء والكوادر الصحية، واعتقلت نائبا اختصاصيا يعمل بالمستشفى وشنت حملة تفتيش على هواتف الأطباء والعاملين.
وأدانت الولايات المتحدة استخدام العنف المفرط تجاه المتظاهرين السلميين. وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم، نأسف للخسائر بالأرواح وإصابة المتظاهرين الذين خرجوا من أجل الحرية والديمقراطية وندين الاستخدام المفرط للقوة.
ودعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس، قوات الأمن السودانية، لممارسة «أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير». وقال في تغريدة عبر حسابه بموقع «تويتر»: في ضوء مظاهرات اليوم بالسودان، أدعو مرة أخرى قوات الأمن لممارسة أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وعلى المتظاهرين أن يحافظوا على مبدأ سلمية الاحتجاج.
من جهته، قال وزير الثقافة والإعلام حمزة بلول في أول ظهور له بعد إطلاق سراحه، في موكب بالخرطوم، إن «إرادة الشعب السوداني أقوى من أي إرادة أخرى، ولا تستطيع مؤسسة أو شخص فرض وصايتها عليه»، وأضاف: «لا يوجد خيار بخلاف الدولة المدنية، وسنستمر في التظاهرات السلمية حتى إسقاط الانقلاب ومحاكمة جميع الانقلابيين وأخذهم إلى سجن كوبر»، وتابع: «لن يخيفنا السلاح، فالشعب السوداني قرر المدنية وسيذهب إليها، وسنتمسك بها ولو قتلنا جمعينا، ولن نتفاوض مع الانقلابيين».
واعتقل بلول قبل ساعات من الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش، هو ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وعدد آخر من وزراء الحكومة وكبار المسؤولين والقادة السياسيين، قبل إطلاق سراحه قبل نحو 10 أيام، هو وثلاثة من زملائه الوزراء.
وفي أول رد فعل سياسي على المواكب المليونية، أدان حزب الأمة القومي بشدة استخدام السلطات للعنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين، وأكد في بيان صادر عنه وقوع عدد من الإصابات بينهم «شهيد».
ووصف الحزب الذي حصل على أغلبية الأصوات في آخر انتخابات ديموقراطية جرت في السودان، مسلك السلطات بأنه «معاداة للشارع، وعدم صدقها في حديثها عن الحرية والحريات»، وحمل من أطلق عليهم «الانقلابيين والمدنيين المؤيدين لهم» المسؤولية عن تلك الأحداث المأساوية، وناشد المجتمع الدولي والإنساني التدخل لحماية «أرواح العزل».
وقال متظاهر بضاحية الصحافة جنوب الخرطوم لــ«الشرق الأوسط»، إنهم خرجوا لإسقاط ما سماه «حكم العسكر»، واستعادة الحكم المدني، وأضاف: «لن نسمح للعسكر بالاستمرار في السلطة، ولن نبرح الشوارع، وسنواصل التصعيد السلمي عبر العصيان المدني والتظاهرات الميلونية، حتى نسقط الانقلاب ونحاكم قادته من العسكريين والمدنيين الانقلابيين».
ومنذ وقت مبكر من صباح أمس السبت، أغلق الجيش السوداني 7 جسور من بين 10 جسور في الخرطوم، ومنع حركة السيارات وحافلات النقل العام، وعزل الخرطوم عن كل من بحري وأم درمان، ونشر أعداد كبيرة من قواته على سيارات دفع رباعي وراجلين، ونصب السواتر الترابية والإسمنتية حول قيادة الجيش، للحيلولة دون المتظاهرين وسط الخرطوم، والاقتراب من مقر قيادة الجيش ليمنع اعتصامهم أمامها أسوة بما فعلوه إبان الثورة الشعبية التي أطاحت حكم الرئيس المعزول عمر البشير.
وحاولت القوات الأمنية الحيلولة دون تجمع المحتجين، لمنعهم الوصول لنقاط التجمع الرئيسية في الخرطوم وتوأمتيها مدينتي «الخرطوم بحري وأم درمان»، بيد أن المحتجين قاوموا محاولاتها ببسالة، واستطاعوا الوصول إلى أمكنة التجمع المعلنة، والسيطرة بالكامل على شارع الستين بالخرطوم ومحطة 7 بالصحافة، والشوارع الرئيسية بمدينة أم درمان.
ولحماية أنفسهم من آليات الشرطة، أغلق المتظاهرون الشوارع بالمتاريس وأشعلوا إطارات السيارات، ما منع تقدم قوات الأمن والشرطة التي كانت تطلق الرصاص الحي والغاز المدمع بكثافة تجاه المحتجين السلميين، من مسافات بعيدة.
ورصدت «الشرق الأوسط» خروج الآلاف من المتظاهرين في عواصم ولايات الشرق بورتسودان وكسلا والقضارف، والأبيض بغرب السودان، ومدن الولاية الشمالية، وعطبرة، وفي مدينة ومدني بوسط البلاد، ومدن كوستي والدويم، بولاية النيل الأبيض، ومدينة سنار، والفاشر، وعدد آخر من مدن البلاد.
وردد المحتجون هتافات طالبوا فيها برحيل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وتسليم السلطة للمدنيين فوراً دون شروط، ومحاكمته وشركائه الانقلابيين، وعودة رئيس الوزراء الشرعي عبد الله حمدوك لممارسة مهام منصبه، ورفضوا «مجلس السيادة الجديد» الذي شكله البرهان قبل يومين.
واستجاب مئات الآلاف من السودانيين لدعوات من لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين، وقوى إعلان الحرية والتغيير، للخروج في تظاهرة مليونية لاستعادة الحكم المدني.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».