إيران تتمسك بإبعاد «قدراتها الدفاعية» عن المحادثات النووية

لندن تدعو طهران إلى اغتنام الفرصة قبل «ضياعها»

مساعد وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني لدى وصوله إلى مبنى الخارجية البريطانية يوم الخميس (رويترز)
مساعد وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني لدى وصوله إلى مبنى الخارجية البريطانية يوم الخميس (رويترز)
TT

إيران تتمسك بإبعاد «قدراتها الدفاعية» عن المحادثات النووية

مساعد وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني لدى وصوله إلى مبنى الخارجية البريطانية يوم الخميس (رويترز)
مساعد وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني لدى وصوله إلى مبنى الخارجية البريطانية يوم الخميس (رويترز)

التقى كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، منسق الاتحاد الأوروبي في مباحثات فيينا إنريكي مورا، في مدريد أمس، حسبما ذكرت وكالة «إيسنا» الإيرانية الحكومية. وأفادت الوكالة بأن باقري، الذي بدأ جولة أوروبية (الثلاثاء)، أجرى محادثات مع المسؤول الأوروبي، حول «إلغاء العقوبات» الأميركية على إيران.
ويأتي اللقاء بعد مشاورات أجراها باقري في عواصم الترويكا الأوروبية في الاتفاق النووي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، تمحورت حول استئناف المباحثات النووية في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وطالبت الدول الثلاث إيران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعودة السريعة إلى الاتفاق النووي.
من جانبه، كتب وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان، عبر تطبيق «إنستغرام»: «إذا دخل الطرف الآخر بنهج جاد وإيجابي في مباحثات فيينا النووية، فسيكون من الممكن التوصل إلى اتفاق جيد على المدى القصير». كما أعرب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس عن «استغرابه» لعدم تواصل الحكومة الإيرانية الجديدة مع الهيئة بشأن العديد من القضايا المهمة العالقة منذ توليها السلطة.
وكان رافاييل غروسي يأمل في زيارة إيران قبل الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة الذي يبدأ في 22 من الشهر الجاري، لكنه أبدى أمس خيبة أمل لأنه لم يتلق دعوة حتى الآن.
وشدد مساعد وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، في مقابلة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية، على أن «الاتفاق النووي لديه إطار محدد وليس له علاقة بقضايا أخرى. لن نتفاوض بشأن القدرات الدفاعية أو أمننا». وأضاف أن إيران بحاجة إلى التزام الولايات المتحدة بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الموقّع مع القوى العالمية عام 2015.
كما دافع باقري عن موقفه تجاه الضمانات الأميركية للالتزام بتعهداتهم، قائلاً: «هذه اتفاقية وليست سياسة... إذا تم التوصل إلى معاهدة سلام بين البلدين، فسيكون لتلك المعاهدة الأثر القانوني للمعاهدة، هذا هو القانون الدولي». ورداً على سؤال «الغارديان» حول عودة مفاوضات فيينا إلى نقطة البداية، قال: «ما يهم بالنسبة لنا من أين بدأنا، لكن من المهم أن نتوصل إلى اتفاق تكون له نتائج عملية لكلا الجانبين». فهدفنا الأساسي هو رفع العقوبات غير الشرعية عن الشعب الإيراني».
- الخارجية البريطانية
من جهة أخرى، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً قالت فيه إن باقري كني قام بزيارة لندن للقاء كبار المسؤولين الحكوميين الذين قالوا له إن إيران يجب أن تغتنم الفرصة لإبرام صفقة حول خطة العمل الشاملة المشتركة المطروحة على الطاولة الآن، قبل ضياعها. ويقول مسؤولون ومحللون إن إيران ستتخذ موقفاً متشدداً عند استئناف المحادثات النووية مع القوى العالمية، لأنها تراهن على امتلاكها اليد العليا للحصول على تخفيف واسع النطاق للعقوبات مقابل فرض قيود على ما لديها من تكنولوجيا نووية تزداد تطوراً.
وثمة مخاطر عالية، لأن فشل المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ينطوي على خطر نشوب حرب جديدة في المنطقة. ويضيف المحللون أن غلاة المحافظين في إيران، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، يعتقدون أن اتباع نهج متشدد يمكن أن يجبر واشنطن على قبول «أقصى مطالب» طهران. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني من غلاة المحافظين، لم تكشف عن اسمه، قوله: «منشآتنا النووية قائمة وتعمل... يمكننا العيش بالاتفاق أو من دونه... الكرة في ملعبهم». وأضاف: «إحراز تقدم يعني رفع جميع هذه العقوبات المجحفة... لم تتخلَّ إيران أبداً عن الاتفاق».
وكانت إيران قد بدأت انتهاك القيود النووية المنصوص عليها في الاتفاق رداً على قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018 الانسحاب من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات صارمة أضعفت الاقتصاد الإيراني.
- عامل الوقت
وفي محاولة واضحة للضغط على الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، لرفع العقوبات، سارعت إيران هذه الانتهاكات بإعادة بناء مخزوناتها من اليورانيوم المخصب وتنقيته إلى درجة أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع الإنتاج. وفي تصعيد واضح فرضت إيران أيضاً قيوداً على التصريح الممنوح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب الاتفاق النووي، لتقصر زياراتهم على المواقع النووية المعلنة فحسب.
وذكر وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان في تغريدة أن طهران مستعدة «لإبرام اتفاق جيد»، لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين قالوا إن أي اتفاق مرهون باستعداد إيران لإبداء مرونة عند استئناف المفاوضات. وأضافوا أن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بحلول عام 2022 سيقلل من احتمالات إحياء الاتفاق بسبب نقطة فنية مهمة وهي: كلما ظلت إيران خارج الاتفاق اكتسبت خبرات نووية أكبر، وهو ما يقلص الوقت الذي قد تحتاج إليه لصنع قنبلة إذا أرادت ذلك.
وقال كسرى أعرابي، المحلل المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد «توني بلير للتغيير العالمي»، لـ«رويترز» إن خامنئي وحلفاءه من غلاة المحافظين «مقتنعون تماماً بأنهم يستطيعون تخويف الولايات المتحدة والحصول على المزيد من التنازلات دون مواجهة تداعيات» باستخدام تكتيك يعتمد على تعطيل المحادثات مع تعزيز الخبرات الذرية ومواصلة دعم حلفاء من جماعات شبه عسكرية في المنطقة.
- فرص النجاح والفشل
قال مصدران إيرانيان مقربان من مركز السلطة في البلاد لـ«رويترز» إن توقف المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بعد انتخاب إبراهيم رئيسي، المنتمي إلى غلاة المحافظين، رئيساً يعد مؤشراً على أن احتمالات فشل المفاوضات أكبر من فرص نجاحها. وقال علي واعظ مدير مشروع إيران بمجموعة الأزمات الدولية، إن المفاوضات سيكون مصيرها الفشل «إذا كان موقف إيران في بداية المحادثات هو موقفها الأساسي الذي لا تنازل بعده». وأضاف: «إذا أصرت على مطالبها القصوى، فمن المرجح ألا تحصل إيران على تخفيف العقوبات ولا الضمانات التي تطلبها».
ومع استمرار وجود خلافات كبيرة بين طهران وواشنطن بعد ست جولات من المحادثات غير المباشرة بشأن بعض القضايا المهمة، مثل وتيرة ونطاق رفع العقوبات وكيفية تراجع إيران عن الخطوات النووية التي اتخذتها، فإن فرص إبرام اتفاق تبدو بعيدة المنال. وتصر إيران على الرفع الفوري لجميع العقوبات التي فرضها ترمب عبر عملية قابلة للتحقق. وقالت واشنطن إنها سترفع العقوبات «التي لا تتسق مع اتفاق 2015 النووي» إذا استأنفت إيران التزامها بالاتفاق، ملمحةً بذلك إلى أنها ستُبقي على بقية العقوبات المفروضة، وفقاً لإجراءات متعلقة بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان. كما تطلب طهران ضمانات «بعدم تراجع أي إدارة أميركية» عن الاتفاق مجدداً. لكنّ بايدن لا يمكنه التعهد بذلك نظراً لأن الاتفاق النووي تفاهم سياسي غير ملزم وليس اتفاقية ملزمة من الناحية القانونية.
- الجوانب القانونية
الاتفاق الذي جرى التفاوض بشأنه خلال حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما، ليس معاهدة نظراً لأنه لم يكن هناك أي مجال أمام الرئيس الديمقراطي بالحصول على موافقة مجلس الشيوخ الأميركي عليه. والأمور ليست أفضل حالاً بالنسبة لبايدن. فبموجب الدستور الأميركي يحتاج التصديق على المعاهدات موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ المائة. ونظراً لأن المجلس منقسم الآن إلى 50 ديمقراطياً و50 جمهورياً فإنه لا توجد طريقة مقبولة يمكن لبايدن أن يحقق بها هذه النسبة المطلوبة.
ويرفض الكثير من الجمهوريين الاتفاق النووي، كما يعارضه بعض الديمقراطيين.
لكن روب مالي المبعوث الأميركي الخاص بإيران، قال الشهر الماضي: «نعتزم الالتزام بالاتفاق إذا عدنا إليه». وذكر هنري روم، المحلل في مجموعة أورآسيا، إن الكثير من المحافظين في إيران مقتنعون بأنه ما دام الاتفاق أخفق مرة «فلا جدوى من استمرار العمل به ما لم يجرِ تغييره على نحو جذري». وعلى الرغم من العقوبات الأميركية وفّرت الصين شريان حياة مالياً لإيران عن طريق استيراد إمدادات نفط إيرانية ظلت عند أكثر من نصف مليون برميل يومياً في المتوسط خلال الشهور الثلاثة الماضية.



 ترمب يجدد تهديد «حماس» بجحيم

ترمب بمؤتمره الصحافي في منتجع مارلارغو بولاية فلوريدا الثلاثاء (أ.ب)
ترمب بمؤتمره الصحافي في منتجع مارلارغو بولاية فلوريدا الثلاثاء (أ.ب)
TT

 ترمب يجدد تهديد «حماس» بجحيم

ترمب بمؤتمره الصحافي في منتجع مارلارغو بولاية فلوريدا الثلاثاء (أ.ب)
ترمب بمؤتمره الصحافي في منتجع مارلارغو بولاية فلوريدا الثلاثاء (أ.ب)

جدد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، تهديداته لحركة «حماس» بفتح أبواب الجحيم عليها إذا لم تقم بتحرير الرهائن المحتجزين لديها، وإبرام صفقة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل قبل 20 من يناير (كانون الثاني) الحالي.

وقال الرئيس المنتخب: «إذا لم يطلقوا سراحهم (الرهائن) بحلول الوقت الذي أتولى فيه منصبي فسوف يندلع الجحيم في الشرق الأوسط، ولن يكون ذلك جيداً لـ(حماس) أو لأي شخص».

ورفض ترمب في المؤتمر الصحافي الذي أقامه، ظهر الثلاثاء، في منتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، الإفصاح عن ماهية الخطوات وشكل الجحيم الذي يهدد به «حماس». وشدد على أنه ما كان ينبغي لهم (عناصر حماس) أن يقوموا بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقتل كثير من الناس، وأخذ الرهائن.

ودعا ترمب مبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكليف، الذي عاد لتوه من العاصمة القطرية، الدوحة، للحديث عن تطورات المفاوضات.

وقال ويتكليف: «إننا نحرز تقدماً كبيراً، وأنا متفائل أنه بحلول موعد حفل تنصيب الرئيس ترمب سيكون لدينا بعض الأمور الجيدة للإعلان عنها». أضاف: «تهديد الرئيس والأشياء التي قالها والخطوط الحمراء التي وضعها هي التي تدفع هذه المفاوضات، وسأعود إلى الدوحة غداً، وسننقذ بعض الضحايا».

وأوضح ويتكليف أن ترمب منحه كثيراً من السلطة للتحدث نيابةً عنه بشكل حاسم وحازم، وأوضح أن قادة «حماس» سمعوا كلام الرئيس ترمب بشكل واضح، ومن الأفضل لهم إتمام الصفقة بحلول حفل التنصيب.

وفي تقييمه للوضع في سوريا، وخطط إدارته حول عدد الجنود الأميركيين الذين سيحتفظ بوجودهم في سوريا، بعد أن أعلن «البنتاغون» زيادة عدد الجنود من 900 إلى ألفي جندي، قال ترمب: «لن أخبرك بذلك؛ لأنه جزء من استراتيجية عسكرية»، وأشار إلى الدور التركي وصداقته مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والعداء بينه وبين الأكراد.

وشدد الرئيس المنتخب على أن النتيجة الرئيسية المهمة لما حدث في سوريا هي إضعاف كل من روسيا وإيران مشيراً إلى أن إردوغان «رجل ذكي للغاية، وقام بإرسال رجاله بأشكال وأسماء مختلفة، وقد قاموا بالاستيلاء على السلطة».