غرينفيلد تبدأ غداً زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية

ليندا توماس غرينفيلد (الأمم المتحدة)
ليندا توماس غرينفيلد (الأمم المتحدة)
TT

غرينفيلد تبدأ غداً زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية

ليندا توماس غرينفيلد (الأمم المتحدة)
ليندا توماس غرينفيلد (الأمم المتحدة)

تتوجه المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد غداً إلى الشرق الأوسط، في أول زيارة رسمية لمسؤول حكومي رفيع من إدارة الرئيس جو بايدن إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وتشمل أيضاً الأردن تعزيزاً لأولويات واشنطن في المنطقة.
وأفاد مسؤول أميركي رفيع أن هدف رحلة السفيرة توماس غرينفيلد التي تستمر حتى 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري هو «تعزيز أولوياتنا في شأن قضايا الشرق الأوسط»، علماً أنها ستبدأ بزيارة إسرائيل لتكون أول مسؤول وزاري من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يقوم بذلك. وأضاف أنها ستلتقي رئيس الوزراء نفتالي بنيت والرئيس إسحاق هيرتسوغ ومسؤولين آخرين «لتأكيد قوة الشراكة الأميركية - الإسرائيلية» و«استكشاف طرق جديدة لتوسيع تعاوننا الوثيق في الأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن النقاش مع القيادة الإسرائيلية يشمل «تعزيز مشاركة إسرائيل الكاملة في نظام الأمم المتحدة، وهو أمر نشعر به بقوة أنه في مصلحة إسرائيل»، فضلاً عن «الإفادة» من اتفاقات إبراهيم للتطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية في الأمم المتحدة.
ولفت إلى أن الزيارة إلى رام الله تعكس «جهود إدارة بايدن لإعادة بناء العلاقات مع قادة الشعب الفلسطيني»، مضيفاً أنها ستجتمع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعدد من مستشاريه المقربين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني الفلسطيني، ولكن ليس مع أحد من المنظمات الحقوقية الفلسطينية التي صنفتها إسرائيل أخيراً كـ«جماعات إرهابية». وأضاف أن توماس غرينفيلد ستناقش أيضاً في رام الله «كيف يمكننا مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على التمتع بتدابير متساوية من الأمن والحرية والازدهار والكرامة، وهو أمر مهم في حد ذاته بالطبع، ولكن أيضاً لحماية قابلية حل الدولتين».
ومن المقرر أن تلتقي مجموعة من الشخصيات «لإعادة تأكيد التزامنا شراكتنا الدائمة والاستراتيجية ومناقشة السبل التي يمكننا من خلالها معالجة مجموعة كاملة من القضايا الإقليمية»، بالإضافة إلى «أجندة الازدهار الاقتصادي للأردن والتحديات» التي يواجهها. وأشار إلى جدول الأعمال يتضمن «التواصل مباشرة مع مجتمعات اللاجئين والاستمتاع بمشاهدة العمل الذي ينجز لدعم اللاجئين والذي يمثل أولوية قصوى» للسفيرة الأميركية وغيرها من المسؤولين في واشنطن.
ورداً على سؤال في شأن الاستيطان، قال إن «الولايات المتحدة تعارض كل الإجراءات الأحادية التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتبعدنا أكثر عن حل الدولتين»، موضحاً أن ذلك يشمل «المستوطنات أو هدم المباني أو مدفوعات الأسرى أو التحريض على العنف». وأوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمجتمع المدني، فالسفيرة توماس غرينفيلد «تتطلع ليس فقط إلى الاجتماع مع كبار القادة في المحطات المختلفة في هذه الزيارة، ولكن أيضاً المشاركة بنشاط مع المدافعين في المجتمع المدني»، مؤكداً أن «هذا سيكون جزءاً مهماً من جدول أعمالها».
وأفادت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة أيضاً أن «الزيارة تهدف إلى الاجتماع مع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة هناك، إضافة للقاء كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين». وأضافت أن توماس غرينفيلد ستشدد على تعزيز التزام الولايات المتحدة «بأمن إسرائيل،
ومناقشة استمرار التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الأمم المتحدة، ومجموعة كاملة من القضايا الإقليمية». وأكدت أنها ستناقش «الخطوات العملية لتعزيز الحرية والأمن والازدهار للجميع والحفاظ على خيار حل الدولتين».
أما زيارتها إلى الأردن فستركز على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وبحث استضافة الأردن لعدد كبير من اللاجئين من المنطقة، إضافة لبحث المساعدات الأميركية الإنسانية.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».