أزمة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية تراوح مكانها

قرداحي يريد «ضمانات» ليستقيل

TT

أزمة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية تراوح مكانها

لا تزال الأزمة في العلاقات اللبنانية مع دول الخليج تراوح مكانها، ويستمر تعليق جلسات الحكومة منذ أكثر من شهر على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وهو ما عكسه كلام أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله الذي أعاد تأكيد موقفه من القضيتين ولاقى ردود فعل رافضة، وإن كانت بعض الأطراف رأت في كلامه وفي زيارة وزير الإعلام جورج قرداحي المفاجئة أمس، لرئيس البرلمان نبيه بري، إشارة إلى حلّ ما بدأ يجري البحث فيه.
وبعد ساعات على كلام نصر الله كانت لافتة زيارة قرداحي إلى بري ليخرج بعدها ويتحدث عن ضرورة تأمين «ضمانات» لتقديم استقالته مع نفيه بحث الأمر في الوقت نفسه مع رئيس البرلمان.
وعن كلامه السابق المتعلق بإمكان استقالته، إذا ما قدمت ضمانات للبنان، قال قرداحي: «إذا قدمت الضمانات التي قلتها للبطريرك الماروني أنا حاضر، لست متمسكاً بمنصب وزاري وفي موقعي لست في وارد أن أتحدى أحداً». وحول الموضوع الحكومي وانعقاد جلسات مجلس الوزراء، أجاب: «مشكلة الحكومة لست أنا سببها، هي لم تكن تجتمع قبل أزمة التصريح». وأتت زيارة قرداحي بعد ساعات على كلام نصر الله الذي قال إنه يريد التهدئة قائلاً: «أيّدنا موقف وزير الإعلام ألا يستقيل ونرفض أن يُقال وهنا المصلحة الوطنية». وهو الموقف الذي رأى البعض أنه يعكس مزيداً من التصلب في الرأي فيما قرأ فيه البعض الآخر تمهيداً لحل ما.
وسُجل موقف للسفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري عبر «تويتر»، جاء فيه: «الحقُ كُلٌّ لا يتجزّأ …فَهُناكَ فَرْقٌ شاسِعٌ بَيْنَ نَفْي الواقِعِ وَبَيْنَ مُحاولة تبريرهِ وَالافتئاتِ عليه...!».
ورأت مصادر في «التيار الوطني الحر» أن كلام نصر الله «غير التصعيدي» فتح باب الهدنة تمهيداً للبحث في حل، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تهدئة وهدنة غير معلنة على خلاف التصعيد الذي اتسم به الأسبوع الماضي من (حزب الله)»، وتربط المصادر بين كلام نصر الله وزيارة قرداحي لبري (حليف «حزب الله») الذي بقي صامتاً طوال الفترة الماضية، معتبرة أن في ذلك مؤشرات إلى معالجةٍ ما بعدما بدأت الأمور تأخذ بعداً خطيراً في الأزمة مع الخليج، لافتةً إلى أنه بدأ الحديث عن تسويةٍ ما قد تكون قريبة لكن قد تأخذ بعض الوقت، وقد تكون بالتوازي في موضوع الوزير قرداحي وتحقيقات انفجار المرفأ».
في المقابل، لا يرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح اختلافاً أو تبدلاً في كلام أمين عام «حزب الله» التهديدي، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه من الواضح من تصريحات نصر الله برفضه استقالة قرداحي أنه ليس هناك أي رغبة في المصالحة أو تهدئة الأجواء حيال الأزمة بين لبنان والخليج والسعودية بالتحديد»، مضيفاً: «ما قام به من هجوم مباشر وتهديد هو خير دليل على أن الدولة اللبنانية مخطوفة وأن المصلحة الوطنية تحت أقدام الحرس الثوري الإيراني و(حزب الله)».
ولاقى كلام نصر الله مساء أول من أمس، ردود فعل مستنكرة ورافضة، ووصفه الوزير السابق أشرف ريفي، بـ«الحالكم الفعلي للبنان»، وقال في تغريدة له عبر «تويتر»: «بعد الاستماع إلى الحاكم الفعلي نصر الله، نسأل: «ما جدوى أن يكون للبنان رئيس جمهورية وحكومة ومجلس نيابي؟ قرر المرشد فتعطلت الحكومة ونُسفت العلاقات العربية، وفي خلدة والطيونة أصدر الحكم وتلته المحكمة العسكرية». وأضاف: «أحرار لبنان يقولون لك: أنت المعتدي وأنت من يجب أن يُحاكم، وادّعاء الانتصار لن يحجب الوهن والتآكل والإفلاس. ستُحاسبون على كل جرائمكم».
من جهته، كتب أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري، على «تويتر» قائلاً: «اللبناني أحوج ما يكون اليوم إلى كلمة حق صادقة، لترميم ما تهدم وإعادة وصلِ ما انقطع، ‏فالوضع لم يعد يحتمل الإمعان في الإساءة والنصيحة غير الصادقة، فأهل مكة أدرى بشعابها وليس من هو أحرص منهم على ديننا ودينهم الإسلامي ونبينا ونبيهم محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى بيتها المعمور وأهله»... بدوره علّق النائب السابق فارس سعيد على حديث أمين عام «حزب الله» كاتباً على «تويتر»: «وصف السيّد حسن نصر الله بـ(السخيف) الكلام عن الاحتلال الإيراني للبنان، سماحتك الذي تراه (سخيفاً) نراه واقعاً متسلطاً ظالماً لأنه لم يأتِ لنا بالماء والكهرباء والمستشفى والدولار... هو احتلال سخيف، مدّعٍّ، مجرم ودموي يحمل بيده فتنة ودماراً ومشروع إلغاء لبنان، نرفضه ونرفض استعلاءك».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.