الجيش الباكستاني يحاول استعادة أحد آخر معاقل طالبان

مقتل خبيرين في تفكيك العبوات بانفجار قرب الحدود الأفغانية

جنود باكستانيون يشددون إجراءات الأمن حول كنائس مدينة كويتا الحدودية في احتفالات عيد الفصح تحسبا لهجمات إرهابية (أ.ف.ب)
جنود باكستانيون يشددون إجراءات الأمن حول كنائس مدينة كويتا الحدودية في احتفالات عيد الفصح تحسبا لهجمات إرهابية (أ.ف.ب)
TT

الجيش الباكستاني يحاول استعادة أحد آخر معاقل طالبان

جنود باكستانيون يشددون إجراءات الأمن حول كنائس مدينة كويتا الحدودية في احتفالات عيد الفصح تحسبا لهجمات إرهابية (أ.ف.ب)
جنود باكستانيون يشددون إجراءات الأمن حول كنائس مدينة كويتا الحدودية في احتفالات عيد الفصح تحسبا لهجمات إرهابية (أ.ف.ب)

في الجبال على طول الحدود الأفغانية يخوض الجنود الباكستانيون هذه الأيام معركة حاسمة لاستعادة أحد آخر معاقل حركة طالبان وادي تيراه، الملاذ القديم للصوص والمتمردين الذي يصعب أن تطالهم يد السلطة وهم فيه.
ويقصف الجيش منذ أشهر المناطق القبلية الواقعة شمال غربي البلاد بما فيها خيبر، إذ يقع وادي تيراه، الممر الاستراتيجي الذي يربط شمال غربي باكستان بصفد كوه أو «الجبل الأبيض» باللغة الأفغانية الذي حفرت فيه كهوف تورا بورا الملجأ الشهير لأسامة بن لادن.
وفي منتصف مارس (آذار) شن العسكريون عملية جديدة أطلق عليها اسم «خيبر – 2» وتهدف بالتحديد إلى استعادة هذا الوادي لحرمان حركة طالبان الباكستانية المتمردة على السلطة المركزية وحلفائها في جماعة عسكر الإسلام من ملاذ. وقبل أيام من بدء العملية أكد الجيش أنه اختبر بنجاح طائرة مسلحة دون طيار أطلق عليها اسم «البراق».
وتدين باكستان منذ نحو عقد ضربات الطائرات الباكستانية المسيرة فوق أراضيها في معاقل طالبان شمال غربي البلاد، وطلبت من واشنطن دائما نقلا للتكنولوجيا من أجل وضع برنامج خاص بها لطائرات بلا طيار.
ويؤكد الجيش أن «البراق» طائرة باكستانية الصنع ومزودة بصواريخ توجه بالليزر، مؤكدا أنها «ضاعفت قوة حملتنا لمكافحة الإرهاب». وتؤكد مصادر عسكرية استخدام طائرات بلا طيار في العملية في تيراه، دون أن توضح ما إذا كان الأمر يتعلق بالطائرة الجديدة «البراق».
وباقتحام أجواء منطقة يصعب الوصول إليها في وادي تيراه، يحاول العسكريون رصد العدو الأول في البلاد الملا فضل الله زعيم حركة طالبان الباكستانية التي تبنت الهجوم على مدرسة في بيشاور شمال غربي باكستان في ديسمبر (كانون الأول)، الذي كان الأعنف في تاريخ البلاد وأدى إلى مقتل 154 شخصا.
ويؤكد الجيش أنه قتل 230 متمردا منذ بدء عملية «خيبر – 2» واستعاد مواقع عدة، بينها ممر مستول الذي يسمح بربط خيبر بولاية ننغرهار، إلا أنه تعذر تأكيد هذا التقدم وحصيلة القتلى أو هويات الضحايا من مصدر مستقل، إذ يمنع الصحافيون من دخول هذا القطاع، بينما يؤكد الناطق باسم حركة طالبان الباكستانية محمد خراساني أن الجيش لم يحقق أي تقدم على الأرض.
وإذا نجح الجيش في إعادة تيراه إلى سيطرة الحكومة، فسيشكل ذلك سابقة في هذا الوادي الذي يلجأ إليه تاريخيا اللصوص والمتمردون.
ووادي تيراه المحاط بذرى يبلغ ارتفاعها 2500 متر والمليء بحفر تفضي إلى غابة كثيفة وأراض خصبة، وبطرقاته غير المعبدة التي تتنقل فيها البغال والخيول، تحول إلى وكر مفضل للمتمردين ومكان ملائم لزراعة الماريغوانا والأفيون.
وفي القرن التاسع عشر لم تنجح القوات البريطانية يوما في السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية. ولا ترغب القوات الباكستانية اليوم في تكرار التاريخ، بل تطمح إلى عزل طالبان ومنع أي هجوم آخر مثل اعتداء بيشاور.
ويقود شرق تيراه إلى أفغانستان وغربه إلى بيشاور، لذلك تعني السيطرة على تيراه للعسكريين ضمان أمن كبرى مدن شمال غربي البلاد.
وقال مصدر عسكري بشأن التطورات الميدانية الأخيرة: «إنه الملجأ الأخير لمقاتلي عسكر الإسلام وحلفائهم في حركة طالبان الباكستانية».
وصرح امتياز غل المحلل المتخصص في القضايا الأمنية بأن «تحرير معاقل مهمة مثل وادي تيراه سيقلص تحركات طالبان، وقد يسمح للجيش بالانتقام لهجوم بيشاور عبر أسر الرجل الذي يتصدى له، الملا فضل الله، حيا أو ميتا».
وذكر مصدر أمني أن «فضل الله يختبئ إما في أفغانستان وإما في تيراه. أطلقنا هذه العملية بناء على معلومات تفيد بأنه في تيراه. إذا أنقذنا الوادي من المتمردين فلن يكون لديه أي مكان يختبئ فيه».
وفي بيشاور (باكستان) قتل خبيران في تفكيك العبوات في انفجار عبوة السبت بينما كانا يحاولان ضمان سلامة الطريق قبل مرور الجيش في منطقة قبلية تشهد توترا قرب الحدود الأفغانية، بحسب مسؤولين. ووقع الانفجار في منطقة بروند في منطقة جنوب وزيرستان القبلية، وهي إحدى المناطق القبلية السبع التي تتمتع بشبه حكم ذاتي في البلاد وتعتبر معاقل لعناصر طالبان.
وصرح مسؤول أمني كبير لوكالة الصحافة الفرنسية: «بينما كان خبيران في تفكيك العبوات يتفقدان الطريق قبل تحرك الجنود انفجرت عبوة محلية الصنع وقتلتهما». وتشكل المناطق القبلية على الحدود الأفغانية منذ سنوات ملاذا للناشطين الإسلاميين بمختلف انتماءاتهم، سواء القاعدة أو حركة طالبان الباكستانية أو المقاتلون الأجانب.
وبدأت باكستان في يونيو (حزيران) حملة للقضاء على قواعد المتمردين من شمال وزيرستان بعد هجوم دام نفذته طالبان على مطار كراتشي نسف مفاوضات السلام المتعثرة.
وتضغط واشنطن على إسلام آباد منذ سنوات للتخلص من هذه الملاذات في منطقة شمال وزيرستان التي شكلت قاعدة للمتطرفين لشن هجمات على قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان.
ويلجأ الجيش الباكستاني إلى الغارات الجوية والمدفعية والهاون والقوات البرية لاستعادة السيطرة على هذه الأراضي.



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.