تحقيقات مرفأ بيروت أسيرة ضغوط السياسيين وأهالي الضحايا

سيّدات اقتحمن قصر العدل وأقفلن مكتب قاضٍ بالشمع الأحمر

تحقيقات مرفأ بيروت أسيرة ضغوط السياسيين وأهالي الضحايا
TT

تحقيقات مرفأ بيروت أسيرة ضغوط السياسيين وأهالي الضحايا

تحقيقات مرفأ بيروت أسيرة ضغوط السياسيين وأهالي الضحايا

بات التحقيق القضائي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت محاصراً بين نار الضغوط التي تمارسها قوى سياسية على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وبين نار الضغوط الشعبية من أهالي الضحايا والمتعاطفين معهم، الذين دخلوا على خطّ المواجهة.
وفيما تغرق محاكم الاستئناف والتمييز في بيروت بالدعاوى التي ترفع يومياً ضدّ القاضي البيطار بهدف دفعه للتنحي عن الملفّ طوعاً أو كرهاً، شهدت أروقة قصر العدل في بيروت سابقة غير مألوفة، تمثلت بدخول عدد كبير من السيدات مبنى العدلية أمس، متخطين كلّ الإجراءات الأمنية واللوجيستية، وتجمّعن أمام مكتب رئيس الغرفة 15 في محكمة الاستئناف المدنية القاضي حبيب مزهر، للاعتراض على الإجراء الذي اتخذه بضم دعوى كفّ يد القاضي البيطار المقدمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس، إلى دعوى ردّ رئيس الغرفة 12 لمحكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا، وتبليغ البيطار مضمون دعوى ردّه، ما اضطر المحقق العدلي إلى تعليق التحقيقات في الملفّ، وبالتالي تطيير جلسة استجواب وزير الأشغال السابق والنائب الحالي غازي زعيتر التي كانت مقررة عند العاشرة من صباح أمس، وإرجاء كل الجلسات إلى أجل غير مسمّى.
السيدات المنضويات ضمن ما يعرف بتجمّع «نون»، كنّ أبلغن القوى الأمنية المولجة حماية قصر العدل، أنهن يحضرن للتضامن مع القضاء والتأكيد على تحرره من الضغوط السياسية، ولدى تجمعهنّ أمام مكتب القاضي مزهر، تمكنّ من دخول المكتب والتحدث إلى الأخير، ومطالبته بـ«عدم الخضوع للضغوط السياسية»، فردّ أنه لا يخضع لضغوط أحد وأنه يمارس قناعاته باستقلالية تامة، وقال لهنّ: «اسألوا عني كل القضاة والمحامين كم أنا حرّ الضمير». فردّت عليه السيدات: «الله يرحم ضميرك»... «إذا ما في عدالة ما في لبنان». ثم أطلقن شعارات «العدالة لشهداء 4 آب»... «لا مساومة على دماء شهدائنا». وأمام ضغوط السيدات عليه وتمكنهن من التجمّع داخل مكتبه، اضطر القاضي مزهر إلى المغادرة إلى دائرة الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف القاضي حبيب رزق الله، عندها أعلنت السيدات عن إقفال مكتب مزهر بالشمع الأحمر، وعلّقن على باب مكتبه ورقة مكتوب عليها عبارة «باي باي حبيب مزهر».
وسط هذا الاضطراب غير المسبوق في أروقة قصر العدل، حضر المحقق العدلي طارق البيطار صباح أمس إلى مكتبه في قصر العدل، ولم يتمكّن من عقد الجلسة المخصصة لاستجواب وزير الأشغال السابق والنائب الحالي غازي زعيتر. وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعطيل الاستجواب عائد لسببين، الأول عدم تلقي البيطار جواب النيابة العامة التمييزية على الدفوع الشكلية المقدّمة من وكيل زعيتر في الجلسة السابقة، والثاني لأن قرار رئيس محكمة الاستئناف القاضي حبيب مزهر الذي أبلغ البيطار مضمون دعوى الوزير السابق يوسف فنيانوس لردّه لا يزال سارية المفعول، وبالتالي لا يمكن للمحقق العدلي استئناف التحقيق قبل صدور قرار معاكس»، مشدداً على أنه «لو كان البيطار تخطّى هذين العاملين وأصر على إجراء الجلسة، أو اتخذ قراراً بحق زعيتر، لكان توفّرت الأسباب القانونية لكفّ يده عن الملف بشكل قاطع».
وبعد ثلاثة أيام على الدعوى التي تقدّم بها محامو «تجمّع متحدون» ضدّ القاضي حبيب مزهر، تبلغ الأخير مضمون الدعوى ما اضطره إلى رفع يده عن النظر بمراجعة وكلاء فنيانوس التي تطالب بكّف يد البيطار عن التحقيق بملفّ المرفأ.
وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر قضائية أن مزهر «رفض بداية أن يتبلغ دعوى ردّه، ما استدعى تدخّل الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف، الذي أقنعه بضرورة التبلغ ورفع يده، باعتبار أن القانون واضح ويلزمه بذلك». وأشارت المصادر إلى أنه «فور صدور قرار عن أي محكمة بقبول ردّ مزهر، يعني أن صلاحية النظر بدعوى كفّ يد البيطار ستعود حكماً إلى محكمة الاستئناف التي يرأسها القاضي نسيب إيليا، الذي سبق له ورفض دعوى مماثلة ضدّ البيطار لعدم اختصاص محكمته للبتّ فيها.
واستباقاً لعودة القضية إلى القاضي إيليا، تقدّم وكيلا الدفاع عن فنيانوس المحاميان نزيه الخوري وطوني فرنجية، بدعوى أمام محكمة التمييز المدنية طلبا فيها نقل دعوى الردّ المقدمة ضدّ البيطار من الغرفة رقم 12 التي يرأسها القاضي نسيب إيليا إلى محكمة أخرى، وذلك بسبب «الارتياب المشروع»، على أن تكون المحكمة من الصنف نفسه (محكمة مدنية)، وهو ما استوجب وقف السير بالدعوى من قبل إيليا.
من جهته، أبدى المحامي العام لدى محكمة التمييز القاضي عماد قبلان رأيه، بالدعوى المقدمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، والتي طلبا فيه تحديد المرجع القضائي المخوّل النظر بدعاوى ردّ المحقق العدلي، واعتبر قبلان أن «هذا المرجع ينحصر بالمجلس العدلي» وهو المرجع الصالح للنظر بدعاوى رد المحقق العدلي أو تنحيته.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.