جنبلاط يهاجم «حزب الله»: يقود حرباً في اليمن ولا يكترث لمصالح اللبنانيين

طعمة يرى أن معالجات لبنان لأزمة الخليج لا تتناسب مع خطورتها

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط (غيتي)
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط (غيتي)
TT

جنبلاط يهاجم «حزب الله»: يقود حرباً في اليمن ولا يكترث لمصالح اللبنانيين

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط (غيتي)
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط (غيتي)

شن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، هجوماً على «حزب الله»، على خلفية الأزمة مع دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكداً «إننا لا نستطيع أن نتحمل حرب الآخرين على أرضنا»، مشيراً إلى أن الحزب «يقود حرباً في اليمن بالواسطة، أو بشكل مباشر، ولا يكترث لمصالح اللبنانيين في الخليج».
وعمقت المقاربات السياسية الداخلية تجاه حل الأزمة مع دول الخليج التباينات بين القوى السياسية، فقد كسر جنبلاط، أمس، قواعد الاشتباك غير المعلنة مع «حزب الله»، وذلك في مقابلة تلفزيونية على قناة «آر تي» الروسية، حيث عد أن الحزب «لا يكترث لمصالح اللبنانيين في الخليج».
وقال جنبلاط: «في المضمون، لبنان مرتبط بعلاقات سياسية اقتصادية منذ عقود مع الخليج العربي، وهناك مئات الآلاف من اللبنانيين في الخليج العربي يعيشون هناك، ويرسلون الأموال إلى لبنان؛ أين يذهبون؟»، وأضاف: «الخليج أساسي، يصدر تصريح غير مسؤول، ويدين حرب اليمن... ما علاقة لبنان في حرب اليمن؟»، وتابع: «ثم تصدر تصريحات من قبل بعض المسؤولين في (حزب الله) تؤيد هذا التصريح اللامسؤول؛ لا نستطيع أن نتحمل حرب الآخرين على أرضنا. هذا رأي، ولذلك يجب معالجة هذا الموضوع بشكل أن يستقيل هذا الوزير كي نستطيع أن نتنفس».
وأشار جنبلاط إلى أن «الوزير قرداحي يستند إلى (حزب الله) وتيار المردة اللذين هما جبهة. (المردة) و(التيار الوطني الحر) و(حزب الله) هم جبهة واحدة. لكن موضوعياً، أين يذهب اللبنانيون في الخليج؟ إلى أي محطة؟ إلى إيران أو العراق؟ ليس هناك من موارد في هذه البلاد التي تعاني من مشكلات اقتصادية هائلة. تاريخياً، نحن مع الخليج. على الأقل، أفضل ألا نشتم الخليج كي نبقى هناك، ويأتينا هذا الدعم من عرق جبين اللبنانيين هناك إلى أن نحسن أوضاعنا في لبنان».
وأكد جنبلاط أن «قرداحي مرتبط بمنظومة الممانعة»، أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «فلا يستطيع أن يأمره، ونحن لدينا نظام ديمقراطي، لكن مكبل بما يسمى الظروف السياسية، وهناك في الوقت نفسه المسؤولون في الحزب لا يقدرون مصالح لبنان في الخليج، ونظريتهم مختلفة. هم يقودون حرباً في اليمن بالواسطة، أو بشكل مباشر، ولا يكترثون لمصالح اللبنانيين في الخليج». وشدد على «وجوب توقف الهجوم على السعودية»، ودعا إلى «العودة إلى الداخل».
ولفت جنبلاط إلى أن «الحزب هو من يتحكم بشكل كبير في القرارات السياسية في لبنان، ولست أنا من صرح من إيران بأن الجمهورية الإسلامية تتمتع بنفوذ كبير، كي لا أستخدم كلاماً آخر، في العراق وسوريا واليمن ولبنان».
ودعا جنبلاط لـ«تحرير الحكومة من الضغط»، قائلاً: «هذه الحكومة لا تستطيع أن تجتمع اليوم نتيجة هذا التصريح المدعوم سياسياً، وليس بالسلاح، من قبل الممانعة، على الأقل فلنبدأ».
ويعد تصريح جنبلاط للقناة الروسية الثاني بعد تصريحه لقناة «إم تي في» اللبنانية، مساء الاثنين، الذي أكد فيه أن «المخرج الآني للأزمة الخليجية يبدأ بإقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، ثم الاعتذار من الخليج»، وقال: «نحن من يجب أن يعتذر رسمياً؛ ليسمح لنا (حزب الله). أنا صبرت كثيراً، ولم أتدخل بأي سجال مباشر، لكن الليلة مجبور؛ أليس المازوت الذي أتانا (بشحادة)؟ والسؤال: ماذا يريدون؟ ماذا يريد (حزب الله)؟ يريدون تعطيل الحياة الاقتصادية؟ تقريباً وصلوا لها. يريدون تعطيل المرفأ بدل الخروج من دوامة التحقيق وإعادة بناء المرفأ؟ من يستفيد من تعطيل المرفأ؟ أشدود وحيفا. ماذا يريدون هم وحلفاؤهم؟ حلفاؤهم يعني (التيار الوطني الحر)». وأكد أن إدارة الرئيس نجيب ميقاتي لهذه الأزمة ممتازة، وأنه يعمل جاهداً في حقل الألغام هذا.
ويضاف موقف جنبلاط إلى مواقف كثيرة طالبت لبنان بمعالجة الأزمة مع دول الخليج، وقد دعا عضو كتلته، النائب نعمة طعمة، للخروج من الحسابات السياسية والانتخابية والمزايدات والتهديدات، قائلاً إن «المعالجات الجارية على قدم وساق لعودة المياه إلى مجاريها بين لبنان والمملكة العربية السعودية، والخليج بشكل عام، ليست على حجم هذه الأزمة التي تنذر بعواقب وخيمة، في حال بقيت الأمور على ما هي عليه، من مواصلة الحملات على السعودية، وهذا ما يفاقم الوضع، ويعقد المساعي الآيلة لإصلاح ذات البين»، مشيراً إلى أن الاستقالة أو الاعتذار ليس عيباً في مثل هذه الظروف الصعبة، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي وما يعانيه الناس، مؤكداً أن «الشجاعة تقتضي أن نفعل أي شيء لنعود إلى من وقف إلى جانبنا واحتضننا وساندنا، فكان الأخ لنا في حين تخلى عنا الجميع».
وخلص النائب طعمة بالتشديد على ضرورة الإسراع اليوم قبل الغد لإعادة الأمور إلى نصابها مع الرياض، وسائر الدول الخليجية، قائلاً: «من الظلم أن يدفع الناس الذين يساندون ذويهم وأهلهم في لبنان ثمن سياسات غير مسؤولة وخفة في المواقف وقصر نظر في قراءة التاريخ الناصع الذي يربطنا بالمملكة والخليج»، محذراً من مغبة استمرار هذه السياسات «وإلا الناس لن ترحمهم، ولا سيما في ظل الأزمات المستشرية المحيطة بالبلد».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.