دول الترويكا الغربية تحذر البرهان من اتخاذ إجراءات أحادية

الأمم المتحدة تدعو وكالاتها لعدم الاعتراف بالسلطات العسكرية الحالية... والاتحاد الأوروبي يناقش الأزمة

الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، يواجه ضغوطاً دولية متزايدة (أ.ف.ب)
الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، يواجه ضغوطاً دولية متزايدة (أ.ف.ب)
TT

دول الترويكا الغربية تحذر البرهان من اتخاذ إجراءات أحادية

الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، يواجه ضغوطاً دولية متزايدة (أ.ف.ب)
الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، يواجه ضغوطاً دولية متزايدة (أ.ف.ب)

حذرت مجموعة دول الترويكا الغربية (المملكة المتحدة والولايات المتحدة والنرويج) القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، من اتخاذ أي إجراءات أحادية بشأن الأزمة في السودان، مشددة على ضرورة العودة إلى الوثيقة الدستورية وإعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمنصبه كأساس لأي شراكة مدنية عسكرية انتقالية في المستقبل. في وقت دعت فيه الأمم المتحدة، في وثيقة داخلية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، كل وكالاتها العاملة في السودان إلى عدم الاعتراف بسلطات الأمر الواقع بعد استيلاء الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان على السلطة، مؤكدة أن الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك هي الشرعية حتى لو لم يتمكن أعضاؤها من ممارسة مهماتهم في الوقت الراهن.
وقالت دول الترويكا في بيان مشترك نشرته على موقع سفاراتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إن ممثليها عقدوا اجتماعاً مشتركا مع القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالخرطوم أمس، بحثوا معه خلاله الأوضاع السياسية في السودان.
ووفقا للبيان الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، فإن الاجتماع تناول رغبة «الترويكا القوية في رؤية الانتقال الديمقراطي في السودان يعود إلى مساره الصحيح».
وحذرت الدول الثلاث في البيان من الإجراءات الأحادية التي قد يتخذها قادة الجيش، بتكوين حكومة جديدة أو مجلس سيادي، وأكدت «ضرورة إعادة الوثيقة الدستورية، وعودة رئيس الوزراء حمدوك لمنصبه، كأساس للمباحثات حول كيفية تحقيق شراكة مدنية/ عسكرية وحكومة انتقالية بقيادة مدنية، تعكس بصدق تطلعات الشعب السوداني الذي أظهر شجاعة وثباتاً ملحوظين، عند الدفاع عن حقوقه الديمقراطية».
وأوضحت الدول الثلاث أن الالتزام بعدم اتخاذ إجراءات أحادية وعودة رئيس الوزراء إلى منصبه، من شأنه أن «يعكس تعهداً بالبقاء على المسار الصحيح نحو انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية».
وقالت الدول الثلاث إنها حثت البرهان على «الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول)، ورفع حالة الطوارئ، وإنهاء العنف ضد المتظاهرين السلميين، كخطوات أساسية نحو استئناف الانتقال الديمقراطي في السودان».
ومنذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعيش البلاد حالة من اللااستقرار السياسي والأمني، على خلفية القرارات التي اتخذها قائد الجيش، أعلن بموجبها حالة الطوارئ، وعلق بنود الشراكة في الوثيقة الدستورية، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وألقى القبض على رئيس الوزراء وعدد من أفراد طاقمة الوزاري وكبار الموظفين، وقادة سياسيين ونشطاء مدنيين.
من جهة ثانية دعت الأمم المتحدة، في وثيقة داخلية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، كل وكالاتها العاملة في السودان إلى عدم الاعتراف بسلطات الأمر الواقع بعد استيلاء الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان على السلطة، مؤكدة أن الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك هي الشرعية حتى لو لم يتمكن أعضاؤها من ممارسة مهماتهم في الوقت الراهن.
وأوردت الوثيقة المعنونة «التفاعل مع سلطات الأمر الواقع» والمؤرخة 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنه «في سياق الوضع الراهن في السودان، تنصح كل الوكالات بأن تأخذ علماً بالنصيحة الآتية المبنية على مشورة مكتب الأمم المتحدة للشؤون القانونية في نيويورك». وأكد الناطق باسم الأمم المتحدة في نيويورك ستيفان دوجاريك لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة «أصيلة».
وذكرت الوثيقة المرسلة من نائبة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والممثلة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان كاردياتا لو ندايه أن «البيان الصحافي الذي أصدره مجلس الأمن في 28 أكتوبر الماضي يعامل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على أنه يستمر في كونه رئيس الوزراء والوزراء الذين كانوا في حكومته قبل 25 أكتوبر على أنهم مستمرون في مواقعهم، حتى لو لم يتمكنوا من ممارسة السلطة». وأشارت إلى أن بيان مجلس الاتحاد الأفريقي للأمن والسلم خلص إلى هذا القرار أيضاً. وبالتالي وإلى أن تتلقى أي توجيهات أخرى، فإن «النصحية لكل وكالات الأمم المتحدة هي عقد اجتماعات أو تفاعل مع الأشخاص الذين يدعون تولي مناصب وزراء وولاة وحكام وغيرهم لأعضاء حكومة حمدوك فقط عند الضرورة من أجل ضمان استمرار الممارسة الفعالة من الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين التابعين لمنظمات النشاطات الإنسانية والعاملة في نشاطات التنمية والتكيف من أجل المنفعة المباشرة للسكان»، بالإضافة إلى «تأمين امتثال السلطات لواجبات السودان في مجال حقوق الإنسان»، فضلاً عن «تأمين التقيد بالامتيازات والحصانات الخاصة بالمنظمة، طبقاً لما تتضمنه الاتفاقات ذات الصلة والسودان طرف فيها».
من جهة ثانية، يعقد الاتحاد الأوروبي جلسة يوم الأثنين المقبل للنظر في الأزمة السودانية، ومساعدة السودانيين في العودة الى الحكم الديمقراطي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».