الإحباط يواكب إعلان الحكومة اللبنانية عن تقدم بالمحادثات مع «النقد الدولي»

ميقاتي مجتمعاً مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي (الوكالة المركزية)
ميقاتي مجتمعاً مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي (الوكالة المركزية)
TT

الإحباط يواكب إعلان الحكومة اللبنانية عن تقدم بالمحادثات مع «النقد الدولي»

ميقاتي مجتمعاً مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي (الوكالة المركزية)
ميقاتي مجتمعاً مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي (الوكالة المركزية)

عكست التصريحات المستجدة لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، بشأن تقدم المفاوضات التقنية مع إدارة صندوق النقد الدولي ورفع أرقام موحدة للخسائر المحققة في القطاع المالي، أجواء متباينة في الأوساط المالية والمصرفية تراوحت بين انتعاش محدود للآمال بإمكانية تحقيق خرق جدي في إدارة الانهيار الاقتصادي الشامل قبل نهاية العام الحالي، وبين ترقب حذر للغاية يعززه الارتفاع الحاد في منسوب المخاطر العامة وتأثيراتها في دفع الأزمات المتشعبة إلى قعر أعمق.
وأعلن ميقاتي خلال لقائه أمس (الاثنين) أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، «أننا وصلنا إلى مرحلة متقدمة مع صندوق النقد الدولي وقدمنا أرقاما مالية موحدة للصندوق»، لافتاً إلى أنه بحث مع شركة «لازارد» المفوضة بالتدقيق الجنائي في حسابات الإدارات اللبنانية، «في خطة التعافي الاقتصادي، وهناك تنسيق كامل ومصرف لبنان يتعامل مع الشركة وخلال هذا الشهر سنتسلم خطة التعافي».
ولاحظ مسؤول مالي في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن انعدام أي تفاعل تلقائي للأسواق المالية والنقدية (ارتفاع الدولار إلى عتبة 21 ألف ليرة) مع الإفصاح المهم لميقاتي عن إمكانية توقيع ورقة تفاهم أولية مع الصندوق قريبا وإتمام خطة التعافي الاقتصادي هذا الشهر بالتعاون مع الشركة الاستشارية الدولية، «يشي باستمرار ترجيح كفة الإحباط التي تسود الأوساط كافة تبعا لتفاقم التعقيدات الداخلية بشأن ملفات محلية وخارجية شائكة، والتي تحول حتى دون انعقاد الجلسات الدورية لمجلس الوزراء، وهذا ما يكفل بتعميم أوسع لحال عدم اليقين».
ووفق مسؤولين ماليين ومصرفيين، فإن «النوايا الطيبة» والمتبادلة بين الحكومة وإدارة الصندوق والهادفة إلى تسريع بدء المفاوضات الرسمية بهدف توقيع ورقة التفاهم توطئة لإطلاق مفاوضات التوصل إلى اتفاقية برنامج تمويلي متوسط الأجل من 3 إلى 5 سنوات، تصطدم واقعيا بوقائع داخلية غير مشجعة لجهة ضمانات الاستقرار السياسي والأمني قبيل دخول البلاد في حقبة الانتخابات التشريعية، ومزخمة بتوسع الخلافات بشأن ملف العلاقات الخارجية، لا سيما ما يتصل بالأزمة المستجدة مع دول الخليج.
وفي المعلومات المواكبة، فإن ميقاتي يطلب وبتشدد صريح من الفريق الاقتصادي المعني، الالتزام المطلق بسرية المداولات بما يشمل تحديد حجم الفجوة المالية التي سبق أن قدرتها الحكومة السابقة بنحو 241 تريليون ليرة أو نحو 69 مليار دولار مع اعتماد سعر صرف يبلغ 3500 ليرة لكل دولار. لكن اختلاف منهجية المقاربة والتفريق بين الخسائر المحققة فعليا والمرتقبة أو المستحقة من الدين العام بالعملات الصعبة لاحقا على المديين المتوسط والبعيد، ينبئ بإمكانية تقلص هذه التقديرات إلى نحو 55 مليار دولار رغم تفاقم الأزمات خلال 13 شهرا من اقتصار مهام حكومة حسان دياب على تصريف الأعمال.
وفيما ينشد لبنان الحصول على برنامج تمويل قد لا يتعدى 5 مليارات دولار من الصندوق، لفت المسؤول المالي إلى حقيقة صادمة تتمثل بإنفاق ما يتخطى 10 مليارات دولار منذ بدء جولات التفاوض في عهدة الحكومة السابقة وعبر تغطية لاحقة من المرجعيات الرئاسية، على دعم شبه عقيم للمواد الأساسية وسائر المصاريف الخارجية للدولة، ما تسبب بنفاد تام للاحتياطيات الحرة لدى مصرف لبنان، وبالتالي انحدار إجمالي احتياطيات العملات الصعبة لدى البنك المركزي لتصل إلى نحو 13.6 مليار دولار، أي ما يقل عن نسبة التوظيفات الإلزامية بنسبة 14 في المائة المفروضة على الودائع المحررة بالعملات الأجنبية في الجهاز المصرفي والبالغة حاليا نحو 106 مليارات دولار، مع التنويه بوجود نحو 80 مليار دولار كتوظيفات استثمارية تعود للجهاز المصرفي لدى مصرف لبنان.
وبحسب مؤسسات دولية مواكبة، فإن وضع لبنان السيئ قد تفاقم نتيجة استنزاف احتياطياته بالعملة الأجنبية، توازيا مع اشتراط صندوق النقد تنفيذ حزمة إصلاحات قبل الإفراج عن أي مساعدات وفي مقدمتها تطوير أنظمة الحوكمة والتدقيق في حسابات مصرف لبنان والمؤسسات التابعة للدولة وتصحيح المالية العامة عبر إعادة هيكلة الدين وإلغاء تعدد أسعار الصرف وتطبيق قيود رسمية على تحويل الرساميل.
ويقع في هذا النطاق، تباطؤ الحكومة في الاستجابة لشروط لازمة يستوجبها عقد الاتفاق مع الصندوق، وفي مقدمتها حض السلطة النقدية على وضع إطار يضمن التوحيد المتدرج لأسعار صرف الليرة، والسلطة التشريعية لتسريع إقرار مشروع تقييد الرساميل (كابيتال كونترول)، رصدت المصادر جهودا واعدة يبذلها ميقاتي والفريق الاقتصادي في الحكومة بهدف إحداث تحولات جدية في معالجة قضايا مستعصية تقع تحت اهتمام صندوق النقد والمؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها معضلة الكهرباء التي تشهد فعليا تحسنا متدرجا ومرضيا يؤمل أن تبدأ بشائره الميدانية بزيادة التغذية بالتيار إلى نحو 12 أو 14 ساعة يوميا بدءا من أوائل العام المقبل.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.