الجزائر: تبرئة مسؤولين أمنيين كبيرين من تهم فساد

«مجلة الجيش» تهاجم «أصحاب المؤامرات والأعداء التاريخيين»

عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني في الجزائر سابقاً
عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني في الجزائر سابقاً
TT

الجزائر: تبرئة مسؤولين أمنيين كبيرين من تهم فساد

عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني في الجزائر سابقاً
عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني في الجزائر سابقاً

برأت محكمة الاستئناف في البليدة، جنوب العاصمة الجزائرية، أمس، مسؤولين أمنيين سابقين من تهمة الفساد و«التأثير على تحقيقات قضائية»، تخص رجل أعمال بارزا في السجن حاليا، بعد إدانته بـ«غسل أموال». في غضون ذلك، حملت «مجلة الجيش» الناطقة باسم وزارة الدفاع الجزائرية، ضد من سمتهم «أصحاب مؤامرات ودسائس ومتحالفين مع الأعداء التاريخيين للبلاد».
ويمثل قرار المحكمة بمثابة نقض لحكم بالسجن أربع سنوات مع التنفيذ، ضد المدير العام السابق للأمن الوطني عبد الغني هامل، ونور الدين براشدي مدير الشرطة بمحافظة العاصمة سابقا، صدر بحقهما الشهر الماضي، من محكمة البليدة. وتم إيداع طعن لدى «المحكمة العليا»، التي أمرت بإعادته إلى محكمة الاستئناف ومعالجته من طرف تشكيل قضاة جديد.
وترتبط الوقائع، بتحقيقات أجرتها الشرطة القضائية بشأن رخص بناء عمارات تعود إلى رجل الأعمال كمال الشيخي، الشهير بـ«البوشي». كما تركزت حول شبهات مصادر الأموال التي تخص الاستثمارات العقارية لشيخي. وحسب ملف القضية، حاول براشدي التدخل في التحقيق لتوجيهه لمصلحة شيخي، بإيعاز من مسؤوله المباشر عبد الغني هامل، وذلك مقابل رشى وامتلاك شقق في مبان تابعة لشركة شيخي العقارية. وجرت الوقائع قبل إقالة هامل (64 سنة) من منصبه عام 2018.
وقضت محكمة بالعاصمة، مطلع أبريل (نيسان) 2020، هامل، بالسجن النافذ 15 عاما بتهمة «الإثراء غير المشروع» و«تغيير الطابع الفلاحي لأرض مصنفة فلاحية، أو ذات وجهة فلاحية»، وذلك بعد توجيه الاتهام إليه وإيقافه في 5 يوليو (تموز) 2019. وأصدرت أيضاً على أبناء عبد الغني هامل، في القضية ذاتها، أحكاما مشددة تراوحت بين السجن من سبعة إلى عشرة أعوام، فيما حكم على زوجته بالسجن عامين.
وكان هامل أحد أبرز المرشحين لخلافة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، غير أن إقالته في يونيو (حزيران) 2018 في سياق تحقيقات مرتبطة بتجارة مخدرات، تخص شيخي، فاجأت الأوساط السياسية والإعلامية، وكانت عاكسة حسب مراقبين، لصراع نفوذ ومصالح في السلطة.
وتم سجن هامل في إطار حملة قضائية أطلقت ضد سياسيين سابقين، ورجال أعمال نافذين عقب تنحي بوتلفيقة في 2 أبريل (نيسان) 2019. وتم إدانة العديد منهم بأحكام ثقيلة بالسجن، أبرزهم رئيسا الوزراء أحمد أويحيى (15 سنة) وعبد المالك سلال (12 سنة).
إلى ذلك، جاء في «مجلة الجيش» لسان حال وزارة الدفاع، في عددها الجديد لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن «المؤامرات والدسائس التي تحاك من وراء البحر أو على حدودنا سيكون مآلها الإخفاق والفشل الذريع، كما فشل من قبلها عدد من المحاولات»، مبرزة أن «الأعداء التاريخيين والتقليديين، لا يمكنهم إطلاقا النيل من عزيمة أبناء الأمة الجزائرية أو التشكيك في انتمائهم وحضارتهم ونضالهم، طالما أن كل جزائري أصيل مطلع على تاريخ أمته، حافظ لدروس ووصايا الأسلاف».
وتأتي هذه الحدة في الخطاب، في سياق توتر بين الجزائر والمغرب، بعد أن اتهمته بقتل ثلاثة تجار جزائريين بقصف صاروخي لشاحنتيهم في المنطقة العازلة بالصحراء مطلع الشهر الجاري. كما ساءت العلاقة بشكل لافت مع فرنسا، بسبب تصريحات لرئيسها إيمانويل ماكرون. وهاجمت المجلة «من باعوا الشرف والعرض وتحالفوا مع الأعداء، وتطاولوا على الوطن وأساءوا للشعب وروجوا للإشاعات واختلقوا الأكاذيب». وقالت عنهم، دون توضيح من هم، إنهم «قطعوا آخر أمل التوبة والعودة إلى أحضان الوطن الأم وآخر خيط يربطهم بالجزائر، وذلك هو سبب تهجماتهم وبذاءتهم وسوقيتهم التي لا تشرفهم بتاتا، ولا تؤثر مطلقا على قناعات الرجال الصادقين واعتقادات النساء المخلصات».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.