الفلسطينيون يشيعون جثمان فتى قتلته إسرائيل بـ«دم بارد»

اتهموا جيش الاحتلال بارتكاب «جريمة حرب»... وتنديد رسمي وغضب شعبي

مسلحون فلسطينيون خلال تشييع جنازة طفل في مخيم للاجئين شرق نابلس (أ.ف.ب)
مسلحون فلسطينيون خلال تشييع جنازة طفل في مخيم للاجئين شرق نابلس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يشيعون جثمان فتى قتلته إسرائيل بـ«دم بارد»

مسلحون فلسطينيون خلال تشييع جنازة طفل في مخيم للاجئين شرق نابلس (أ.ف.ب)
مسلحون فلسطينيون خلال تشييع جنازة طفل في مخيم للاجئين شرق نابلس (أ.ف.ب)

شيع فلسطينيون، أمس السبت، جثمان الفتى محمد دعدس (13 عاماً) إلى مثواه الآخير في مقبرة مخيم عسكر شرق مدينة نابلس، وسط تنديد رسمي واسع وغضب شعبي ودعوات للانتقام.
وقضى الطفل في وقت متأخر الجمعة، بعدما أطلق جنود إسرائيليون النار عليه خلال مواجهات اندلعت قرب قرية دير الحطب شرق المدينة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، أن «الفتى وصل إلى المستشفى مصاباً برصاصة في البطن، وحاولت الطواقم الطبية إنعاشه وإنقاذ حياته، إلا أن جميع المحاولات لم تنجح». وأقامت السلطة مراسم عسكرية عند نقل جثمان الفتى القتيل من أمام مستشفى رفيديا الحكومي حتى مسقط رأسه في مخيم عسكر الجديد، حيث حمله المشيعون فوق الأكتاف وطافوا به شوارع المخيم وهتفوا مطالبين بالانتقام.
وأدان رئيس الوزراء محمد أشتية «الجريمة البشعة» التي ارتكبتها قوات الاحتلال، داعياً «المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى إدانة جرائم الاحتلال والعمل على وقفها ولجم إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه دولة الاحتلال بحق أبناء شعبنا». وقال قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، إن إعدام الطفل دعدس هو جريمة حرب جديدة ترتكبها إسرائيل، ويجب معاقبة مرتكبيها. وشدد الهباش في بيان صحافي على أن «الجرائم الإسرائيلية بحق أبناء شعبنا لن تدفعنا إلى الاستسلام، وسنواصل رباطنا المقدس في أرضنا المقدسة، وسنقاوم الاحتلال حتى يرحل عن بلادنا».
وطالب الهباش المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، كما طالب المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال وجنوده على جرائمهم المستمرة بحق الفلسطينيين وأطفالهم ونسائهم وشيوخهم.
كما أدانت وزارة الخارجية «جريمة الإعدام الميداني بحق الطفل محمد دعدس»، وحملت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن الجريمة، ونتائج وتداعيات جرائم المستوطنين المتواصلة، كما حملت المجتمع الدولي ومؤسسات ومنظمات ومجالس الأمم المتحدة المختصة «المسؤولية المباشرة عن نتائج وتداعيات الصمت المريب والتخاذل الذي يغلف الموقف الدولي تجاه جرائم الاحتلال»، وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بالخروج عن صمتها والبدء الفوري في تحقيقاتها بجرائم الاحتلال والمستوطنين
ورد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بقوله إن «أعمال شغب اندلعت في منطقة اللواء الإقليمي في الضفة الغربية، وتم إلقاء الحجارة على مقاتلي الجيش. وردت القوة بتفريق المتظاهرين باستخدام الذخيرة الحية، وتحدث الجانب الفلسطيني عن حالة وفاة ، والحادث قيد التحقيق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».