«الوطني الحر» يتحضر للطعن بقانون الانتخابات

TT

«الوطني الحر» يتحضر للطعن بقانون الانتخابات

يتحضر «التيار الوطني الحر»، المؤيد للرئيس اللبناني ميشال عون، لتقديم طعن بالتعديلات على قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أسبوعين، بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية، ودعا إلى استئناف العمل الحكومي بعد أزمة انعقاد مجلس الوزراء على خلفية الانقسام حول المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ومطالبة «حزب الله» و«حركة أمل» بإقالته.
وأعلن عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، أن «التكتل يحضر لتقديم طعن» بقانون الانتخاب أمام المجلس الدستوري «مبني على الأسباب التي رد على أساسها رئيس الجمهورية ميشال عون قانون تعديل قانون الانتخاب»، مشيراً إلى أن «الطعن سيقدم ضمن المهل أي قبل 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي». وأوضح في حديث إذاعي أن «السجال حول قانون الانتخاب لن يؤثر على إجراء الانتخابات»، مؤكداً أن «إجراءات الطعن لا تعرض العملية الانتخابية للخطر».
وينص القانون على تقديم الطعن خلال مهلة 15 يوماً بعد نشره في الجريدة الرسمية، كما ينص على أن المجلس الدستوري ينظر في الطعن خلال مهلة شهر بعد تقديمه إليه.
ويتناول الطعن عدة نقاط؛ أبرزها ما يقول التيار إنه «حرمان اللبنانيين في الخارج من الدائرة 16»، أي تمثيل المغتربين بستة مقاعد يمثلون القارات الست، كما يتحدث عن «عدم قانونية التصويت»، وهو ما أشار إليه بيان مجلسه السياسي بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل أمس.
ورأى التيار أن قانون الانتخاب رقم 8/2021 الذي نشر في الجريدة الرسمية «عديم الوجود كونه لم يصدر في مجلس النواب بتصويتٍ من الأكثرية الموصوفة والمحددة في المادة 57 من الدستور في حالة القوانين المردودة من رئيس الجمهورية». وأضاف: «ما حصل في مجلس النواب هو تفسير خاطئ ومبطن للدستور، بواسطة أكثرية عادية صوتت في اتجاه مصلحتها بخلاف الدستور». وأمل التيار من المجلس الدستوري «أن ينظر في هذا الارتكاب الضارب للدستور والميثاق، بمعزل عن مضمون المواد التي سيطعن التيار استطراداً بها».
وقال إنه «يتفهم الخيبة التي أصابت المنتشرين نتيجة إجهاض الأكثرية النيابية الدائرة الـ16 وإلغاء ستة مقاعد نيابية مخصصة لهم، وهي حق قانوني لهم، لكنه في الوقت عينه ينبه إلى أن القضية لم تحسم بعد، وهو يعول على المجلس الدستوري لإعادة الحق إلى أصحابه وهو يحض المنتشرين على التسجيل في الخارج على قاعدة تصويتهم في الدائرة 16 لنواب الانتشار في الخارج، وعلى من يرغب في التصويت لنواب دائرته في لبنان أن يصوت في الداخل».
وخلال اجتماعه الأسبوعي، طالب التيار «بعودة العمل الحكومي بلا شروط وبمعزل عن أي أمر آخر، وعدم تحميل الحكومة ما هو خارج عن اختصاصها». ورأى أن الاستحقاقات الداهمة، لا سيما منها الأزمة الاجتماعية، «تتطلب استنفاراً حكومياً وبرلمانياً من أجل إقرار خطة التعافي المالي، توازياً مع الإصلاحات والإجراءات التي تحد من معاناة اللبنانيين».
ويعارض «حزب الله» و«حركة أمل» المشاركة في جلسات الحكومة قبل فض النزاع حول القاضي طارق البيطار، الذي يتهمه الحزب و«أمل» بتسييس التحقيقات والاستدعاءات في ملف المرفأ، ويطالبون مجلس الوزراء بإقالته.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».