«السيناريو» المضطرب في قراءات موسكو وواشنطن

«السيناريو» المضطرب في قراءات موسكو وواشنطن
TT

«السيناريو» المضطرب في قراءات موسكو وواشنطن

«السيناريو» المضطرب في قراءات موسكو وواشنطن

اتهم الروس الجيش الأميركي بالسماح بدخول مقاتلي «داعش» إلى أفغانستان. وواصلت الحكومة الروسية مواصلة واشنطن بالإجابة على عدد من الأسئلة المتعلقة بشائعات لا تدعمها أدلة بعد حول ظهور هيلكوبترات لا علامات عليها تحمل أسلحة أو مساعدات أخرى للجماعات الإرهابية، بما في ذلك «داعش»، في شمال أفغانستان.
وكرّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القول إن على الحكومة الأميركية الرد على هذه الاتهامات بعد لقائه مع نظيره الباكستاني خواجة محمد آصف في موسكو يوم 20 فبراير (شباط) 2018. وتابع لافروف: «ما زلنا نتوقع من زملائنا الأميركيين الإجابة عن الأسئلة التي أُثيرَت مراراً وتكراراً... الأسئلة التي أثيرت بناءً على تصريحات علنية أطلقها قادة بعض المقاطعات الأفغانية حول أن طائرات هليكوبتر مجهولة الهوية، على الأرجح طائرات يرتبط بها حلف (الناتو) بطريقة أو بأخرى، تتجه إلى المناطق التي يتمركز فيها المتمردون، ولم يتمكن أحد من شرح أسباب هذه الرحلات الجوية حتى هذه اللحظة».
حقيقة أن «داعش» يزداد قوة في الأجزاء الشمالية من أفغانستان بالقرب من الحدود مع دول آسيا الوسطى، تثير توتر روسيا أيضاً، لكون هذه الجمهوريات «سوفياتية سابقاً». ويضيف التمرد الإسلامي نشط في كل من طاجيكستان وأوزبكستان إلى مخاوف المسؤولين العسكريين في البلاد. ولقد تزامن ذلك مع إطلاق إيران اتصالات مع حركة «طالبان» الأفغانية لتعزيز قوتها العسكرية في مواجهة المد المتصاعد لتنظيم «داعش» داخل أفغانستان.
ما يُذكر أنه عام 2018، اغتيل قائد عمليات «داعش» قاري حكمة الله (وهو أوزبكي) في غارة أميركية بطائرة مسيرة في ولاية فارياب شمال أفغانستان.
وأوضح القائد العسكري الأميريكي في أفغانستان، الجنرال جون نيكلسون الابن في بيان أن الضربة التي استهدفت ولاية فارياب قتلت قاري حكمة الله وحارسه، في منتصف أبريل (نيسان).
كان لحكم الله حضور مخيف في جوزجان، وهي منطقة تقطنها غالبية أوزبكية في شمال أفغانستان. وباعتباره قائداً سابقاً في صفوف «طالبان» بمنطقته، درزاب، اشتهر بقدر بالغ من الوحشية لدرجة دفعت «طالبان» إلى طرده من الجماعة، لينضم بعد ذلك إلى «داعش». وللعلم، كان قبلاً زعيماً للحركة الإسلامية في أوزبكستان، وهي أيضاً جماعة متطرفة.
في هذا الصدد، قال خرّم إقبال، الأستاذ المشارك في مكافحة الإرهاب بجامعة الدفاع الوطني في إسلام آباد، إن خوف دول المنطقة من التورط الأميركي في جلب «داعش» إلى أفغانستان يستند إلى حقائق ملموسة، مضيفاً: «والدليل الداعم لهذه الحقيقة أنه بعد الهزيمة في الرّقة (في سوريا) سُمح لـ2000 من مقاتلي (داعش)، بمغادرة تلك المنطقة والعديد منهم جاءوا إلى أفغانستان».
ويضيف إقبال أن روسيا وتركيا وإيران تعملان على تطوير آلية عسكرية واستخباراتية لمواجهة تهديد «داعش» في أفغانستان... وأن «روسيا وتركيا وإيران بصدد تطوير هذه الآلية».
وفي سياق متصل، تجري باكستان مباحثات ثنائية مع روسيا لمواجهة هذا التهديد. أما العميد محمود شاه فيقول: «في ذلك الوقت، بدأ الروس تقديم الدعم الفني والسياسي لـ(طالبان) من أجل تعزيز قوتهم العسكرية لمواجهة مقاتلي (داعش) في شمال أفغانستان، حتى إن الروس قدموا أسلحة لـ(طالبان) لمقاومة صعود (داعش)... خاصة أن التنظيم يشكل تهديداً لجميع دول المنطقة... ولا يزال التهديد الرئيسي لدول آسيا الوسطى».
من جانبهم، يدافع الأميركيون عن أنفسهم بالقول إن معظم قادة «داعش» الذين قُتلوا في أفغانستان خلال الأشهر العديدة الماضية سقطوا جراء ضربات المسيرات الأميركية. وحقاً نفذ الجيش الأميركي سلسلة من الغارات بمسيرات في شمال وشرق أفغانستان خلال الأشهر الماضية قُتل خلالها عدد من قادة «داعش».



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».