أنقرة لا تستبعد «عملية مفاجئة» ضد «قسد» شمال سوريا

الناطق باسم الرئاسة التركية قال إن بلاده «ستحمي الحدود ضد أي تهديد»

TT

أنقرة لا تستبعد «عملية مفاجئة» ضد «قسد» شمال سوريا

أعلنت أنقرة أن عملية عسكرية محتملة للجيش التركي وفصائل سورية موالية، ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، جرى الحديث عنها مراراً خلال الأسابيع الأخيرة، قد تنطلق فجأة، في وقت واصلت الدفع بتعزيزات عسكرية واستهداف مواقع للقوات الكردية في شمال شرقي سوريا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، تعليقا على الأنباء المتداولة عن عملية تركية محتملة في شمال سوريا: «كما يقول رئيس جمهوريتنا (رجب طيب إردوغان) دائما، قد يحدث الهجوم ذات ليلة وفجأة».
وأضاف كالين في تصريحات، ليل الخميس – الجمعة: «في حالة الضرورة، فإن القوات التركية ستكون مسؤولة عن ذلك. نحن دائماً في الميدان في سوريا لسنا خارجه. تقع على عاتقنا مسؤولية اتخاذ الاحتياطات ضد هجمات المنظمات الإرهابية (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات قسد)».
واعتبر كالين أن السبب الرئيس للوجود التركي في سوريا يتمثل بالحفاظ على أمن حدودها واتخاذ التدابير ضد هجمات محتملة من تنظيمات إرهابية، (سواء الوحدات الكردية أو داعش) أو النظام السوري. وقال: «أولويتنا هي تأمين خط الحدود بين تركيا وسوريا، البالغ طولها 911 كيلومترا، من أي هجوم محتمل يستهدف بلادنا، ولن نتسامح مع أي هجوم بغض النظر عن منفذه، لذلك قواتنا المسلحة في حالة تأهب دائما».
وأضاف المتحدث التركي: «على الجميع أن يعلم أننا مصممون تماما على تحقيق أمن تركيا، ولن نتغاضى أبدا عن أي تهديد، ومستعدون دائما لأي نوع من العمليات لحماية بلادنا من المخاطر».
وتصاعدت التصريحات من جانب المسؤولين في أنقرة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة حول عملية عسكرية تستهدف مواقع «قسد» في شمال سوريا على محاور عدة، وتم الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة من الجنود والعتاد في مناطق تواجد القوات التركية والفصائل الموالية لها في غرب وشرق الفرات.
في سياق، سيرت القوات الأميركية دورية مؤلفة من 7 عربات عسكرية في بلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالي، تزامنا مع قصف صاروخي نفذته القوات التركية على مناطق بريف تل تمر، بالإضـــافة إلى تحليق مروحيات روسية في أجواء المنطقة وقرب خطوط التماس التي تفصل بين مناطق سيطرة قسد ومناطق سيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» الموالي لها.
كانت القوات التركية والفصـــــائل الموالية لها نفذت قصفا صاروخيــا، صباح أمس، على مناطق في قرية الدردارة التابعة لبلدة تل تمر، دون معلومات عن خسائر بشرية.
في الوقت ذاته، دخل رتل تركي من معبر كفر لوسين في ريف إدلب الشمالي إلى عمق المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا، ضم عشرات العربات العسكرية إضافة إلى أكثر من 300 جندي تركي.
وتم توزيع الجنود على النقاط العسكرية التركية المنتشرة في إدلب ولا سيما في ريفها الجنوبي على خط التماس مع قوات النظام.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الجنود يعملون بالأساس في تلك النقاط، وكانوا في عطلة في بلادهم، حيث أعيد تفعيل نظام الإجازات الاستثنائية لأفراد القوات التركية في النقاط المنتشرة في إدلب، قبل 10 أيام، بعدما توقفت منذ أكثر من عام، بسبب إعادة الانتشار وإنشاء النقاط العسكرية داخل إدلب، والتي يوجد بها أكثر من 3 آلاف من العسكريين الأتراك.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.