دمشق توجه أنظارها إلى السويداء «بعدما انتهت من درعا»

لجنة رسمية تصل إلى المدينة الدرزية لحل ملفات عالقة

دروز سوريون في جرمانا قرب دمشق (الشرق الأوسط)
دروز سوريون في جرمانا قرب دمشق (الشرق الأوسط)
TT

دمشق توجه أنظارها إلى السويداء «بعدما انتهت من درعا»

دروز سوريون في جرمانا قرب دمشق (الشرق الأوسط)
دروز سوريون في جرمانا قرب دمشق (الشرق الأوسط)

انتقل تركيز دمشق إلى السويداء بعد الانتهاء من تطبيق التسويات في درعا المحاورة، إذ وصلت اللجنة الأمنية إلى المدينة ذات الغالبية الدرزية، بناءً على ورود تعليمات جديدة من دمشق، لحل الملفات الأمنية العالقة في السويداء، لا سيما مع الحالة التي وصلت إليها السويداء من الانفلات الأمني الكبير وانتشار السلاح والجريمة، وتشكيلات مسلحة غير مسجلة أو منتسبة أو تابعة لقوات النظام السوري أو أجهزته الأمنية. كما أنها شهدت مظاهرات وأفعالاً مناهضة للنظام السوري بطرق سلمية، وغير رافضة لوجود قوات النظام أو أجهزته الأمنية، أي أنها لم تخرج عن سلطة النظام التي باتت شكلية في السويداء وغير فعلية.
وقال لؤي الأطرش،الزعيم الاجتماعي لـ«دار عرى» التي تسمى «دار الإمارة» لدى الطائفة لـ«الشرق الأوسط» إن «الحالة التي عاشتها محافظة السويداء خلال السنوات الماضية، تختلف عن الحالة التي عاشتها بقية المحافظات السورية، فالسويداء لم تشهد صراعاً مع السلطة السورية، ولم تخرج مؤسسات الدولة منها، بل ساهم المجتمع بحمايتها، وإن كانت هذه المؤسسات مغيبة منذ بضع سنوات، ولا تمارس دورها بشكل فعلي، لأسباب عديدة؛ إذ هناك جملة من المشاكل أفرزتها الحرب، على رأسها الفلتان الأمني، وهذه المشكلات تحتاج إلى حلول جديّة، تبدأ باتخاذ إجراءات للنهوض بالواقع المعيشي المتردي بالسويداء، فتحسين الواقع الاقتصادي في المحافظة، وهو مسؤولية الدولة، وتعزيز دور الضابطة العدلية في تطبيق القانون، يجعل هذه المشكلات الأمنية تذوب وتختفي تلقائياً. ومشكلة التخلف عن الخدمة الإلزامية طرحنا حلاً لها، بتأجيل إداري لمدة سنة لجميع المتخلفين، ومنحهم أذونات سفر، وتقديم تسهيلات لهم. ومشكلة المطلوبين تحتاج لحل جذري من خلال عفو عن قضايا الحق العام، أما القضايا الجنائية والادعاءات الشخصية يمكن متابعتها عبر القضاء».
وتابع الأطرش أن «مسألة السلاح المنتشر من الواجب ضبطه، ولكن ضمن أطر محددة، فمعظم من حملوا السلاح سواء من المدنيين أو الفصائل، كانت غايتهم حماية المحافظة من المخاطر التي تعرضت لها، ومعظم هذا السلاح استخدم للدفاع عن الجبل، وبالتالي الدفاع عن سوريا، ولم يكن سلاحاً لغايات سياسية وممولة، إنما اشترى الأهالي أسلحتهم من مالهم الخاص، ودافعوا فيه عن أرضهم ووطنهم، ومن الضروري مراعاة المخاطر التي لا تزال موجودة من التنظيمات الإرهابية التي تنشط في البادية السورية والتي حاولت في مرات عديدة الاعتداء على أهالي السويداء. وبالتالي فإن السويداء بحاجة بالدرجة الأولى لتحسين الوضع المعيشي لسكانها، وبعدها لا يصعب إيجاد حلول لجميع القضايا العالقة».
وبدوره، قال المكتب الإعلامي لـ«حركة رجال الكرامة»، أبرز وأكبر الفصائل المحلية المسلحة في السويداء لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الأولى تكون الخيارات والطروحات الآتية من دمشق للسويداء، تتركز على تحسين الحالة المعيشية بالدرجة الأولى».
وبالنسبة إلى «حركة رجال الكرامة»، فهي منذ تشكيلها أعلنت أهدافها بشكل وواضح وعلني، و«هي حماية السويداء وأبنائها من جميع التهديدات والمخاطر ومن جميع الأطراف، كما أنها قبلت التعاطي والتهدئة والتفاوض مع جميع الأطراف السورية، باستثناء الجماعات الإرهابية مثل (جبهة النصرة) وتنظيم (داعش)، وتتمسك الحركة وأبناء الجبل بهذه المبادئ منذ الأزل، ولم تقف حركة رجال الكرامة ضد خيارات أبناء الجبل وخاصة النابعة من رغبتهم المطلقة، سواء الذين التحقوا بالجيش السوري أو القوى الأمنية، أو الرافضين للذهاب للخدمة العسكرية، أو المعارضة، أو طروحات التسوية السابقة في المحافظة، فالحركة ترفض الفرز على أساس الرأي السياسي كما ترفضه على الأساس الطائفي، لذا كانت الحركة نُصرة للمظلومين سواء كانوا معارضة أو موالاة»، حسب المكتب.
وأضاف: «لا يمكن إنكار أن المجتمع منهك ومدمر، ومن الصعب إحداث تغييرات جذرية فيه على المدى القريب. خاصة أن السويداء جرى فيها سابقاً عملية التسوية ولكنها لم تثمر. ولا بد أن تكون العلاقة بين السلطة والشعب مبنية على واجبات والتزامات من كلا الطرفين، والحكومة مطالَبة اليوم بالدرجة الأولى بتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للسكان. وهناك مطالب عديدة من أهالي المحافظة للحكومة السورية، وعلى رأسها إنشاء معبر اقتصادي بين سوريا والأردن عبر محافظة السويداء، لإنعاش الوضع المعيشي، الذي يمر بأسوأ مراحله».
وفيما يخص التسويات إذا طرحت، أكدت الحركة أن «تشكيل الحركة لم توجد لقتال النظام السوري، كالحالة التي شهدتها باقي المحافظات السورية، والسويداء لم تكن حاضنة لأي جماعات إرهابية أو مسلحة، وإن كانا لا نتفق مع النظام السوري في بعض التصرفات والأفعال، لكن حتى تاريخ اليوم لم تشهد السويداء صداماً واشتباكاً مباشراً مع قوات النظام السوري، وموضوع السلاح الذي تملكه الحركة يختلف عن بقية التشكيلات في السويداء وفي سوريا، باعتباره سلاحاً خاصاً منضبطاً بأوامر رجالات وشيوخ الحركة، ولم يشارك هذا السلاح بأفعال مناهضة للنظام السوري في السويداء أو بأفعال عشوائية ترهيب أو إرهاب، إنما وجد للدفاع عن المنطقة التي عانت ما عانته من هجوم المتشددين والمتطرفين من (جبهة النصرة) وتنظيم (داعش)، وارتكبت المجازر بحق المدنيين من أبناء الطائفة والأطفال والنساء، والتراخي العسكري الرسمي الذي كان في تلك الحقبة دفع أبناء الجبل بالانضمام إلى حركة رجال الكرامة والتسلح للدفاع عن أنفسهم والمنطقة فقط».
وأنهم في حركة «رجال الكرامة» يؤيدون كل الطروحات في السويداء بما يضمن الخير والعدالة والمساواة والكرامة لأبناء الجبل ولا تقف ضدها.
وقال ريان معروف مسؤول تحرير شبكة «السويداء 24» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن أعضاء اللجنة الأمنية في السويداء، «يشيعون عن قرار اتُخذ في دمشق، لحل الملفات الأمنية العالقة في السويداء، لكنهم لم يقدموا حتى الآن تصورات لآلية حل تلك الملفات»، معتبراً أن «أعضاء اللجنة الأمنية ليسوا أصحاب قرار، وأي إجراءات ستتخذ في السويداء، ستكون مركزية، عبر جهاز الأمني الوطني في دمشق، وشعب المخابرات في دمشق».
وأضاف أن «مجتمع السويداء يعاني من أوضاع معيشية سيئة للغاية، وحلها يساعد على حل بقية المشكلات والملفات الثانية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.