«الكتائب» يضع عون في خانة «حزب الله»... و«القوات» يؤكد غيابه عن كل مشكلات لبنان

انتقادات لأداء رئاسة الجمهورية تجاه الأزمة مع الخليج

TT

«الكتائب» يضع عون في خانة «حزب الله»... و«القوات» يؤكد غيابه عن كل مشكلات لبنان

لم تصل العلاقة بين لبنان والخليج؛ خصوصاً المملكة العربية السعودية، يوماً إلى هذا الدرك الذي وصلت إليه مؤخراً بعد تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي عن اليمن. وبعيداً عن الاتصالات التي قام بها رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي من مؤتمر غلاسكو وتصريحه من مقر رئاسة الجمهورية في بعبدا بعد لقاء جمعه مع الرئيس ميشال عون أنه «تم وضع خريطة طريق للخروج من الأزمة»، ثمة من يحمّل رئاسة الجمهورية اللبنانية المسؤولية لعدم تداركها الأزمة المستجدة ولم تتصرف على قدر كافٍ من المسؤولية تجاهها ولم تقدم المعالجة اللازمة لها.
وفي هذا الإطار، لم يستغرب الأمين العام لحزب «الكتائب» سيرج داغر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أداء رئيس الجمهورية بإيجاد حلول لهذه الأزمة، ويذكّر بما قاله الحزب مراراً إن «هذا العهد هو عهد رئاسة حسن نصر الله»، ويقول: «رئيس الجمهورية والحكومات التي تُشكل، ووزراء الخارجية هم الوجه الذي يخبئ الحاكم الفعلي للبلاد، الذي هو (حزب الله)». ويضيف: «وزراء الخارجية، ومن بينهم عبد الله بو حبيب، والوزير قرداحي، أوجه متعددة لحقيقة وحيدة، هي أن هناك إطباقاً من (حزب الله) على لبنان».
وإذ يعتبر أن «ميقاتي بحد ذاته أصبح رهينة عند (حزب الله) ومصيره ليس بيده، ولا يستطيع أن (يمون) على قرداحي ليقدم استقالته»، يؤكد أن «عون هو بخانة (حزب الله) والرئيس الذي يمثل إرادة الحزب في البلد».
كما يوضح أن «رئيس الجمهورية لا يريد أن يصل الصراع بين لبنان والخليج لهذه المرحلة، لكن عزلة لبنان الإضافية تسعد (حزب الله)، وسقوط مفهوم الدولة أكثر وأكثر في لبنان يصبّ في مصلحة الدويلة». ويتابع: «قلناها سابقاً إن وصول ميشال عون إلى الرئاسة يعني وصول (حزب الله) إليها، وهذا الأمر سيرتب مشكلات بين لبنان وأصدقائه، ويعرضه لأزمات مع الخليج والغرب، ما سيؤدي إلى عزلته في نهاية المطاف، ولسوء الحظ كنا على حق».
ويشير إلى أن «من يبتّ باستقالة قرداحي المحسوب على تيار المردة اليوم، هو (حزب الله) الذي يعتبر أن تلك الاستقالة بشكل فاضح ضربة له، حتى لو قبل بها فسيأخذ أثماناً بمقابلها»، ويقول: «هذه الحكومة حكومة محاصصة وخاضعة للتوازنات التي يفرضها (حزب الله)».
وكانت السعودية قد أعلنت مساء الجمعة الماضي استدعاء سفيرها لدى بيروت، وإمهال السفير اللبناني في المملكة 48 ساعة لمغادرة البلاد، ولحقت بها في هذا القرار الكويت والإمارات والبحرين، كما أعلنت المملكة وقف دخول الواردات اللبنانية إلى أراضيها، على خلفية تصريحات قرداحي بشأن الحرب في اليمن التي رفض الاعتذار عنها.
وبدأت الأزمة بعد نشر مقابلة متلفزة قبل أيام جرى تسجيلها مع جورج قرداحي قبل توليه مهام منصبه وزيراً للإعلام في لبنان، اعتبر فيها أن جماعة «أنصار الله» اليمنية «تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات». وما فاقم الأزمة أكثر، هو رفض قرداحي الاعتذار، مؤكداً أنه كان ليعتذر عن تصريحاته لو أنه أدلى بها خلال وجوده في منصبه الرسمي.
من جهته، يرى نائب رئيس «تيار المستقبل» في لبنان مصطفى علوش في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لو اتخذ رئيس الجمهورية موقفاً واضح المعالم، ولو تم الاتفاق دستورياً على إقالة الوزير قرداحي لحظة حصول الأزمة، لكنا تلافينا تطوير الأمور وتدهورها إلى الحد الذي وصلت إليه». ويؤكد علوش أن «التصريحات والتمنيات التي سمعناها لا تكفي لحل الأزمة، بل المطلوب أن يكون الموقف حاداً»، ويقول: «علاقة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية بـ(حزب الله) والارتهان له لم تسمح لهما باتخاذ مواقف لمصلحة البلد، بل كانت تلك المواقف (مايعة). أو ربما يكون رأيهم يوافق رأي الوزير قرداحي ووزير الخارجية بو حبيب ولديهم توجه معادٍ للدول العربية والعروبة». ويضيف: «قد يكون أيضاً موقف الرئاسة والتيار الوطني الحر طائفياً أكثر مما هو عربي، لأنهم يكرهون كل آخر، ومواقفهم تاريخياً وعلى مدى السنوات الماضية كانت موجهة بوضوح ضد الآخر».
ويرى علوش أن «الأفق مسدود حتى إذا تمت إقالة الوزير قرداحي اليوم، فلا أظن أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه، لأن هناك مطالب سعودية أخرى، ومن ضمنها الكشف عن مهربي الكبتاغون إلى المملكة، وإلى الآن لم يحاكم أحد رغم أن القضية ليست صعبة الاكتشاف».
بدوره، يؤكد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة الأساسية في الأزمة بين لبنان والخليج هي عدم تصرف دولتنا كدولة، بل كمزرعة بكل بساطة».
ويقول: «هذه الأزمة لم تخلق من عدم، وهي ليست الأولى، ولا هي معزولة بالزمان والمكان، بل ما حصل له علاقة بدولة لم تتصرف كما يجب، وفي الوقت الذي تطلب فيه مساعدات من الدول، يقوم أجزاء أساسيون منها بشتم الدول المساعدة، وتحديداً (حزب الله) و(التيار الوطني الحر). طفح كيل تلك الدول التي كانت تاريخياً تساعد لبنان في كل أزماته، وجاء تصريح قرداحي بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس».
وفيما يتعلق بمقاربة رئاسة الجمهورية لموضوع الأزمة اللبنانية - الخليجية، يؤكد سعد أن «رئاسة الجمهورية غائبة عن كل مشكلات الناس والبلاد، لم نرَ رئيس الجمهورية معنياً بأي موضوع إلا تلك التي تهم (التيار الوطني الحر) ومصالحه، فمثلاً رئيس الجمهورية يرد القوانين والتعيينات التي لا تعجب التيار، ويجري مرسوم تجنيس لمصلحة التيار، أما الأمور والمشكلات الأخرى فهو غائب عنها»، ويضيف: «المسؤولون في هذه الدولة على غير الكوكب، كأن شيئاً لم يكن، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر الذي ينشغل بالمناكفات والنكايات والطعن بقوانين الانتخاب أكثر مما يهتم للقمة عيش اللبنانيين».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.