شباب «الإخوان» على خط أزمة خلافات «قيادات الخارج»

رهان على موالين لمحمد كمال... وحشد لإسقاط جبهتي لندن وإسطنبول

TT

شباب «الإخوان» على خط أزمة خلافات «قيادات الخارج»

دخل شباب تنظيم «الإخوان» على خط أزمة خلافات «قيادات الخارج» عبر «الحشد لإسقاط جبهتي لندن وإسطنبول، والمراهنة على موالين لمحمد كمال، مؤسس الجناح المسلح للتنظيم». في حين ما زالت الخلافات تتصاعد بين جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم، وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، خاصة عقب إعلان جبهة إسطنبول طلب تجديد البيعة لمحمد بديع، مرشد التنظيم (ألقابع داخل السجون المصرية والصادرة بحقه أحكام بالإعدام والسجن المؤبد). وقال متخصصون في الحركات الأصولية بمصر إن «شباب (الإخوان) يرون أن التنظيم تخلى عنهم، وعليهم التدخل لإزاحة القيادات القديمة، والدفع بوجوه جديدة من بينهم لإدارة التنظيم». وبحسب مراقبين، فإن «بداية الأزمة بين جبهتي إسطنبول ولندن في يونيو (حزيران) الماضي، عندما أعلن منير حلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزل محمود حسين وآخرين، لتتصاعد الأزمة بإعلان حسين عزل منير من منصبه كقائم بأعمال المرشد، ورفضه لقرارات منير كافة، حتى أعلنت جبهة منير أنها تدرس فصل جميع المؤيدين لجبهة حسين أو المتعاطفين معها».
وقال الباحث المتخصص في شؤون الحركات الأصولية عمرو عبد المنعم، إن «شباب (الإخوان) يميلون إلى إسقاط جبهتي لندن وإسطنبول، لصالح (مكتب محمد كمال) الذي تم تدشينه في مصر عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في عام 2013»، لافتاً إلى أن «شباب التنظيم يسعون إلى إعادة تشكل (مكتب محمد كمال) لسد الفجوة داخل التنظيم، وضم المنسحبين من جبهتي لندن وإسطنبول، يعقب ذلك حال نجاحهم إعادة الانتخابات داخل التنظيم، وبحث أزمة الشباب المحبوسين، فضلاً عن فضح ممارسات جبهتي حسين ومنير، والتصدي لـ(القيادات القديمة) بعد أن تخلت هذه القيادات عنهم».
وقتل محمد كمال (وهو مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016). وأضاف عبد المنعم لـ«الشرق الأوسط» أن «شباب (الإخوان) يرون أن عليهم التدخل لإعلان رفض صراع جبهتي لندن وإسطنبول، فضلاً عن استمرار أزمات معاناة شباب التنظيم في الخارج؛ حيث إن نسبة كبيرة منهم بلا عمل أو وثائق رسمية للوجود في الدول»، لافتاً أن «شباب (الإخوان) في الخارج يشكون أوضاعهم المتردية، خاصة في تركيا، ويرون أن هناك قيادات تعيش في فنادق وتمتلك سيارات فارهة، وتعقد مؤتمراتها في أفخم الأماكن، في مقابل شباب لا يجدون الفتات».
وحول من يقود «مجموعة مكتب محمد كمال». أشار عبد المنعم إلى أن «القيادة داخل المكتب (سرية)»؛ لكنه لمح إلى أن «هذه المجموعة تفضل العنف عن أي خيار آخر، وسبق أن شكلت (الخلايا النوعية)، وأخرجت حركة (حسم)، و(لواء الثورة)، و(العقاب الثوري)، والآن هي لا تميل لاستمرار أي من قيادات لندن أو إسطنبول».
وحسب مصدر مطلع، فإن «مجموعة من شباب التنظيم قد عقدت في وقت سابق حلقة نقاشية على (كلوب هوس) بعنوان (حوار مع قيادي سابق بالمكتب العام لـ«الإخوان» محمد كمال)، واستضافت بعض الموالين لكمال، وتحدثوا عن أزمة جبهتي لندن وإسطنبول، وأكدوا أنه لن تكون هناك سطوة لأي مسؤول إداري مهما كانت قوته (في إشارة لمكتبي لندن وإسطنبول)». يأتي تحرك شباب «الإخوان» في وقت وجّهت جبهة محمود حسين دعوات لما أسمتهم «مكاتب إدارية بمصر» لرفض تسليم التنظيم لمنير، وتجديد البيعة لبديع. وحسب عبد المنعم، فإن «تجديد البيعة لبديع، هو بمثابة اعتراف ضمني بجبهة حسين، ورفض إدارة جبهة منير». فيما أظهرت «بيانات مسربة» في إطار الأزمة بين حسين ومنير أن «هناك مجموعات داخل التنظيم ترى عدم ملاءمة فكر حسن البنا (مؤسس التنظيم)، وفكر (القيادات القديمة) للمرحلة الحالية، ومنهم من يرى بقوة حل التنظيم بشكل متدرج»؛ لكن مراقبين أشاروا إلى «وجود عناصر (إخوانية) أخرى تحاول تحويل التذمر داخل التنظيم لحالة من العمل، وهو ما دعا إلى إعادة مبايعة بديع مرة أخرى لإنهاء الانقسامات».


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
TT

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)

«داهموا منزلي واختطفوني بعد إجابتي عن سؤالك إن كان ثمة اختطافات في منطقتنا بسبب الاحتفال بعيد الثورة اليمنية، بنصف ساعة فقط».

بهذه العبارة يسرد لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين السياسيين واقعة اختطافه من طرف الجماعة الحوثية بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عقب الإفراج عنه من السجن الذي قضى فيه أسبوعين كاملين، وتعرضه للضرب والتعذيب النفسي والتهديد بإخفائه وإيذاء عائلته.

وبحسب مصادر محلية، أفرجت الجماعة الحوثية أخيراً عن عدد ممن جرى اختطافهم منذ ما قبل منتصف الشهر الماضي، على خلفية احتفالات اليمنيين بالذكرى الثانية والستين للثورة اليمنية ضد الإمامة في ستينات القرن الماضي، بينما لا يزال غالبية المختطفين رهن الاحتجاز، وتقدر مصادر حقوقية أعدادهم بالآلاف.

يتابع الناشط الشاب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته: «حتى وقت سؤالك لم أظن أن الاختطافات ستصل إلى بلدتنا، كنت أتابع أخبار الاختطافات في المدن الرئيسية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، موضحاً أنه لم يكن يتوقع حدوث اختطافات في منطقته، لكنه فوجئ بمسلحي الجماعة يقتادونه رفقة عددٍ من السكان، بينهم جيران له.

ويؤكد أنه، ورغم عدم توقع اختطافه أو اختطاف أحد من أهالي منطقته، فإنه، ومن باب اتباع الاحتياطات اللازمة، آثر أن يؤجل الاحتفال والدعوة إليه إلى ليلة السادس والعشرين من سبتمبر؛ كي لا يفوت على نفسه معايشة احتفالات اليمنيين بها، قبل أن يقضي تلك الليلة في أحد أشهر معتقلات الجماعة الذي تمارس فيه انتهاكات متعددة.

وبيّنت مصادر حقوقية يمنية أن هناك أعداداً كبيرة من المختطفين، تقدر بالآلاف، في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على ذمة الاحتفال بالثورة اليمنية أو الدعوة للاحتفال بها، في ظل ضعف الرصد الحقوقي، وعجز الجهات المعنية عن مواكبة الانتهاكات بسبب القيود المفروضة والإجراءات المشددة.

مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

يضيف الناشط: «تم التحقيق معي منذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المعتقل. ولمدة تجاوزت الأربع ساعات ظل المحققون يسألونني عن دوافعي للاحتفال بعيد الثورة، وعن أي تحريض تلقيته من الحكومة الشرعية أو تحالف دعم الشرعية، وعن الأموال التي حصلت عليها مقابل ذلك».

ورغم إنكاره لكل التهم التي وجهت إليه، وإعلانه للمحققين أنه أحد ملايين اليمنيين الذين يحتفلون بالثورة اليمنية؛ لقيمتها التاريخية والمعنوية، فإنهم لم يقتنعوا بكل إجاباته، وهددوه بالإخفاء القسري والتعرض لعائلته، قبل أن يقرروا احتجازه حتى تمر ذكرى الثورة، أو حتى إنهاء التحريات حوله.

اختطافات بالجملة

بينما كانت المعلومات المتوفرة حول أعداد المختطفين خلال الأيام السابقة لذكرى الثورة اليمنية تشير إلى بضع مئات من الشخصيات الاجتماعية والكتاب والصحافيين والناشطين السياسيين والنقابيين، كشف العديد من الناشطين المفرج عنهم أن الاختطافات شملت الآلاف من السكان من مختلف الفئات.

وتعدّ محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) الأولى في إجمالي عدد المختطفين الذين جرى الكشف عن بياناتهم من قبل ناشطين ومهتمين، أوردوا أسماء 960 منهم، تليها محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأكثر من 700 مختطف، فيما لم يعرف أعداد المختطفين في باقي المحافظات.

وتعذر على راصدي الانتهاكات الحصول على معلومات وبيانات كافية حول الاختطافات التي جرت في مختلف المحافظات، بسبب الاحتفال بعيد الثورة.

ووفقاً لبعض الراصدين الذين يتبعون منظمات وجهات حقوقية تعمل من خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن الكثير من المختطفين لا تعلم عائلاتهم سبب اختطافهم، ومنهم من لم يعلن نيته الاحتفال بالثورة.

ويذكر راصد حقوقي مقيم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير ممن جرى اختطافهم لم تعلم عائلاتهم بذلك إلا بعد أيام من انقطاع التواصل معهم، وذلك بسبب إقامتهم وحدهم بعيداً عن إقامة عائلاتهم، وينتمي أغلب هؤلاء إلى محافظات تعز وإب وذمار.

وفي حين شملت الاختطافات الأرياف في محافظات تعز وإب وذمار والبيضاء وريمة، يشير الراصد إلى أن مديريات السدة في محافظة إب، ووصاب في ذمار، وشرعب في تعز، من أكثر المديريات التي ينتمي إليها المختطفون في صنعاء، حيث جرى اختطافهم على مدى الأيام العشرة السابقة لذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وفي ليلة الاحتفال تم اختطاف العشرات من الشوارع بحجة المشاركة في تجمعات للاحتفالات أو لمجرد الاشتباه، وبعضهم اختطف لأنه يحمل علم البلاد.

تناقض حوثي

تقدر مصادر حقوقية أعداد المختطفين بأكثر من 5 آلاف. وفي مديرية وصاب العالي في محافظة ذمار ترجح مصادر محلية عدد المختطفين هناك بأكثر من 300 شخص، وجاءت عمليات اختطافهم بعد اعتداء مسلحي الجماعة بالضرب على شباب وأطفال من أهالي المديرية تجمعوا للاحتفال، قبل مداهمة قراهم واختطاف العشرات من أقاربهم.

حي الصالح السكني في محافظة تعز حوّلته الجماعة الحوثية إلى معتقل كبير (إكس)

وبحسب عدد من المفرج عنهم، ممن كانوا محتجزين في سجن «مدينة الصالح» في محافظة تعز، فإن المختطفين هناك بالمئات، والكثير منهم جرى اختطافهم من الأسواق والطرقات والشوارع، إلى جانب من اقتيدوا من منازلهم أو محالهم التجارية أو مقار أعمالهم.

وتقع مدينة «الصالح» في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، وهي مجمع سكني مكون من أكثر من 800 وحدة سكنية في 83 مبنى، حولتها الجماعة الحوثية إلى سجن لاستيعاب العدد الهائل من المختطفين من أهالي المحافظة.

ويروي مختطف آخر ممن تم الإفراج عنهم أخيراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة وصلوا إلى منزله في أثناء غيابه، واقتحموه عنوة مثيرين فزع عائلته وأطفاله، وأقدموا على تفتيشه باحثين عن أعلام وأموال، وانتظروا حتى عودته إلى المنزل ليقتادوه إلى قسم شرطة، حيث جرى التحقيق معه حول منشورات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تدخل أحد أقاربه الذي تربطه علاقة عمل تجاري مع أحد القادة الحوثيين، فإنه تم التحفظ عليه حتى ليلة ذكرى الثورة، ليغادر إلى منزله بعد كتابة تعهد بعدم المشاركة في أي احتفال أو تجمع، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الثورة أو عن سبب اختطافه.

اليمنيون يتهكمون على احتفالات الحوثيين بثورة «26 سبتمبر» ويصفونها بالمزيفة (إعلام حوثي)

ونبه إلى أنه صادف خلال أيام احتجازه العشرات من المختطفين الذين لا يعلم غالبيتهم سبب اختطافهم سوى الشك بنواياهم الاحتفال بذكرى الثورة.

وكانت الجماعة الحوثية دعت إلى مشاركتها الاحتفال الرسمي الذي نظمته في ميدان التحرير في وسط صنعاء، محذرة من أي احتفالات وتجمعات أخرى.

وقوبلت هذه الدعوة بالتهكم والسخرية من غالبية السكان الذين رأوا فيها محاولة لإثنائهم عن الاحتفال الشعبي بالثورة، واتهموا الجماعة بخداعهم بمراسيم شكلية للتغطية على عدائها للثورة، وسعيها إلى طمسها من ذاكرتهم.

واستدل السكان على ذلك بإجراءات الجماعة المشددة لمنع الاحتفالات الشعبية وملاحقة المحتفلين من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة بين حجم احتفالاتها بذكرى انقلابها على الشرعية التوافقية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، إضافة إلى احتفالاتها بالمولد النبوي وإضفاء صبغتها الطائفية عليه.

ويتهرب كبار القادة الحوثيين من المشاركة في احتفالات الثورة اليمنية أو الإشارة لها في خطاباتهم، ويوكلون هذه المهام لقادة من خارج الانتماء السلالي للجماعة.