حركة نزوح كثيفة من مخيم اليرموك بعد سيطرة «داعش» على 70 % منه

وجود حواجز النظام السوري على مداخله أعاق مؤازرة فصائل معتدلة لقوات «أكناف بيت المقدس»

حركة نزوح كثيفة من مخيم اليرموك بعد سيطرة «داعش» على 70 % منه
TT

حركة نزوح كثيفة من مخيم اليرموك بعد سيطرة «داعش» على 70 % منه

حركة نزوح كثيفة من مخيم اليرموك بعد سيطرة «داعش» على 70 % منه

أعلن ناشطون سوريون أمس، أن تنظيم داعش تمكّن من السيطرة على 70 في المائة من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب العاصمة السورية دمشق، بعد استئناف هجماته عليه، وأحرز التنظيم المتطرف تقدما جديدا تسبب بموجة نزوح إضافية من المخيم. ومن جهة أخرى، عرقل وجود حواجز قوات النظام على أطراف المخيم وصول مقاتلي الجيش السوري الحر إلى المخيم لمؤازرة قوات «أكناف بيت المقدس» التي تحاول صد هجمات «داعش».
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أمس بأن تنظيم داعش واصل معاركه في مخيم اليرموك، في محاولة للسيطرة على كامل المخيم، موضحا أن «التنظيم تمكّن أمس الجمعة من إحراز تقدم جديد في المخيم وسيطر على مشفى الباسل وشوارع محيطة به». وأضاف أن «الكفة باتت راجحة لصالحه داخل المخيم خصوصا بعد مساندة جبهة النصرة لمقاتليه». وأشار «المرصد» إلى «اتهام فصائل سورية لجبهة النصرة بالتواطؤ مع (داعش)» معتبرا أنه «لو وقفت النصرة على الحياد لما تمكّن التنظيم من السيطرة على أجزاء داخل المخيم». وفي هذه الأثناء، قال ناشطون إن المخيم شهد حركة نزوح للمواطنين باتجاه الأحياء الخارجة عن سيطرة التنظيم في المخيم وأطرافه.
ما يجدر ذكره أن مقاتلي «داعش» شنوا يوم الأربعاء هجوما سريعا على المخيم من حي الحجر الأسود المجاور، وعلى الأثر اشتبك معهم مسلحو منظمة «أكناف بيت المقدس»، وهو فصيل إسلامي فلسطيني قريب من حماس، ومع هذا التقدم بات تنظيم داعش للمرة الأولى على تخوم العاصمة دمشق. ولاحقا أعلنت فصائل سورية معارضة، بينها «جيش الإسلام» و«شام الرسول»، نيتها الدفع بتعزيزات إلى مخيم اليرموك لمؤازرة قوات «أكناف بيت المقدس»، لكن أيا من التعزيزات لم يصل إلى اليرموك حتى اللحظة.
إسماعيل الداراني، عضو «اتحاد تنسيقيات الثورة» في ريف دمشق، قال أمس لـ«الشرق الأوسط» إن وجود النظام بين مخيم اليرموك ومناطق سيطرة المعارضة «عرقل وصول التعزيزات». وأردف: «يتوجب على قوات (جيش الإسلام) أو أي فصيل مؤازر آخر، الآن، أن يعبروا خطين على الأقل توجد فيهما القوات النظامية، بغرض الوصول إلى المخيم. هذا الأمر لا يُعد متاحا حتى هذا الوقت لأن فرقا عسكرية وحواجز نظامية، تفصل بين المخيم وحي القدم، حيث توجد قوات (الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام)، أو داريا أو غيرهما». وتابع الداراني أن «المنفذ الوحيد الذي كان مفتوحا على المخيم هو المعبر إلى منطقة الحجر الأسود الخاضع لسيطرة (داعش) منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، وهو الذي استخدمه للتمدد داخل المخيم». للعلم، تحاصر القوات الحكومية مخيم اليرموك منذ أكثر من 20 شهرا، ويعاني آلاف المدنيين في داخله من ندرة الغذاء والدواء. كذلك تنعدم الأسلحة الثقيلة في جبهات منطقة جنوب دمشق، إثر «اتفاقات» – أو «هدنات» – وقّعها سكانها مع القوات الحكومية قضت بـ«إدارة» المعارضة لتلك المناطق وتسليم الأسلحة الثقيلة.
هذا، واتخذت قوات النظام السوري الخميس إجراءات مشددة في محيط المخيم وعند المدخل الرئيسي الذي يربطه بالعاصمة، في محاولة لمنع تمدّد مقاتلي «داعش» خارج المخيم. وأشار ناشطون إلى «انتشار القوات النظامية على المدخل الرئيسي للمخيم الذي يتصل بدمشق»، وأن حواجز كثيفة للنظام وللفصائل الفلسطينية المتحالفة معه، في إشارة إلى مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة. وفي ظل هذا الوضع، يتهم ناشطون قوات النظام «بمؤازرة (داعش) عبر تأمين التغطية المدفعية لها». وحسب الداراني «هناك تنسيق بين (داعش) والنظام»، علما أن قوات النظام تسيطر على الجهة الشرقية من المخيم ومنطقة الشمال الغربي، بينما سيطر «داعش» على منطقة جنوب شرقي المخيم، انطلاقا من مواقع سيطرته من الحجر الأسود ويلدا وببيلا. ويوضح الداراني إن النظام «قصف مساء الخميس مناطق في المخيم قريبة من مواقع الاشتباكات، انطلاقا من مواقعه شمال غربي المخيم».
وأفاد «المرصد» أمس، بأن مناطق تقدم «داعش»، شهدت اشتباكات عنيفة بين الطرفين وسط قصف متبادل، كذلك يشهد المخيم حركة نزوح للمواطنين باتجاه المناطق الخارجة عن سيطرة التنظيم في مخيم اليرموك وأطرافه، كما اعتقل التنظيم العشرات من المواطنين والمناوئين له في المناطق التي تمكن من السيطرة عليها.
وينشط القناصة لدى الطرفين الآن بعد تقدم «داعش»، بموازاة انخفاض حدة المعارك، مما أدى إلى مقتل مدنيين، كما قال الداراني. وكانت الأمم المتحدة أعربت عن قلقها إزاء سيطرة تنظيم داعش على مخيم اليرموك في دمشق. وقال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أعربت عن قلقها إزاء التطورات في المخيم، مشيرا إلى أن قتالا عنيفا يدور هناك.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.