«جيش الفتح» سيطر على القسم الأكبر من أهم «قاعدة عسكرية» بشمال غربي سوريا

في ضربة استباقية ضد قوات النظام التي تحشد لاستعادة المدينة

سورية تحمل طفلها وتركض من قصف قوات النظام السوري على ادلب أمس (رويترز)
سورية تحمل طفلها وتركض من قصف قوات النظام السوري على ادلب أمس (رويترز)
TT

«جيش الفتح» سيطر على القسم الأكبر من أهم «قاعدة عسكرية» بشمال غربي سوريا

سورية تحمل طفلها وتركض من قصف قوات النظام السوري على ادلب أمس (رويترز)
سورية تحمل طفلها وتركض من قصف قوات النظام السوري على ادلب أمس (رويترز)

يخوض «جيش الفتح»، أحد فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، منذ ليل الجمعة، ما يصفه بـ«معركة تحرير المسطومة» في محافظة إدلب، بشمال غربي البلاد، وذلك بهدف الاستيلاء على أكبر معسكر (قاعدة عسكرية) للنظام في المنطقة، عبر ضربة استباقية ضد قواته التي تحشد مقاتليها لاستعادة مدينة إدلب. ولقد أفاد «جيش الفتح» عن تشكيل «لجنة أمنية» لحماية المدينة ولمنع التجاوزات وحفظ الأمن داخلها.
في غضون ذلك، أعلنت القيادة العسكرية المشتركة والمؤسسات الثورية المعارضة، في مدينة الرستن، الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف محافظة حمص الشمالي، عن توحيد جهودها تحت قيادة مشتركة أطلقت عليها اسم «قيادة الثورة». وقال مصدر عسكري في الجبهة الشمالية لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعارضة تمكنت من السيطرة على القسم الأكبر من معسكر المسطومة، وجرى فتح معركة ثانية في شمال محافظة حماة لتخفيف الضغط عن جبهة المسطومة».
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، أن «اشتباكات عنيفة تجددت بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي (حركة أحرار الشام) وتنظيم (جند الأقصى) و(جبهة النصرة) وفصائل إسلامية من جهة أخرى، في محيط معسكر المسطومة»، الواقع على بعد 7 كيلومترات جنوب مدينة إدلب. وأوضح مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «المعسكر يقع على الطريق الواصل بين مدينتي إدلب وأريحا، وهو أكبر معسكر لقوات النظام في محافظة إدلب»، لافتا إلى أن «الفصائل المقاتلة تحاول شن ضربة استباقية ضد قوات النظام التي تحشد مقاتليها لاستعادة مدينة إدلب». وما يذكر أنه لم يتبق لقوات النظام في محافظة إدلب، المتاخمة لتركيا، سوى بعض القرى والقواعد العسكرية الأقل أهمية في مدينتي أريحا وجسر الشغور، بالإضافة إلى مطار أبو الظهور العسكري. وفي حال السيطرة على معسكر المسطومة، يغدو بإمكان قوات المعارضة، وفق عبد الرحمن، التقدم باتجاه بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين الواقعتين بشمال شرقي مدينة إدلب.
وحقا، أكدت مصادر سوريا ميدانية، أن «المعسكر هو القاعدة الأبرز للنظام» الذي قالت إنه يرسل في الأيام الأخيرة تعزيزات عسكرية إضافية للتمركز فيه. وكانت «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية أخرى أبرزها «حركة أحرار الشام» سيطرت، السبت الماضي، على مدينة إدلب بالكامل، لتصبح بذلك مركز (عاصمة) المحافظة الثاني الذي يخرج عن سيطرة النظام، بعد مدينة الرقة، خلال السنوات الأربع الماضية.
هذا، ودمرت فصائل «جيش الفتح» المعارض، مساء أمس، 4 دبابات تابعة لقوات النظام المتمركزة في معسكر المسطومة ضمن «معركة تحرير المسطومة» التي أعلنها «فيلق الشام» المشترك مع جيش الفتح، في وقت سابق من اليوم ذاته. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» أن الفصائل المشاركة في «معركة المسطومة»، وأبرزها «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» و«فيلق الشام»، قصفت المعسكر، ليل الجمعة الماضي، بعشرات صواريخ «الغراد» وقذائف الدبابات والهاون، تبعها اشتباكات عنيفة بين الطرفين بالأسلحة المتوسطة والثقيلة أسفرت عن تدمير 4 دبابات للقوات النظامية بالقرب من معسكر المسطومة، وسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات النظامية. ولفت المكتب إلى أن فصائل المعارضة قصفت أيضا معسكر القرميد جنوب المدينة بالصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة، مما أوقع قتلى وجرحى في صفوف القوات النظامية، بالتزامن مع 30 غارة جوية للطيران الحربي النظامي على المناطق المحيطة بالمعسكر المستهدف.
من جهة أخرى، أعلنت القيادة العسكرية المشتركة والمؤسسات الثورية المعارضة، في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، عن توحيد جهودها تحت قيادة مشتركة، أطلقت عليها اسم «قيادة الثورة»، وذلك عبر بيان مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وذكر «مركز حمص الإعلامي» على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك»، أن هذا الإعلان جاء بعد اجتماع «موسع» ضم جميع الجهات العاملة في الرستن من المحكمة الشرعية والمجلس المحلي والقيادة المشتركة للتنسيق العسكري، بالإضافة إلى مندوبين عن العائلات، وجرى خلاله مناقشة خطة عمل المؤسسات الثورية في المدينة وتوحيد جهودها «للارتقاء» بالواقع المعيشي والقضائي والعسكري بالرستن.
أما في محافظة حلب، فلقد «أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بخروج مظاهرات في مدينة حلب تطالب بـ«خلافة إسلامية وتحكيم شرع الله وإسقاط العلمانية»، وأشار «مكتب أخبار سوريا» إلى أن مقاتلين ينتمون لفصائل عسكرية معارضة بمظاهرة بعد صلاة الجمعة، من حي الصالحين في المدينة، طالبوا خلالها بـ«الخلافة الإسلامية». وشرح «المكتب» إلى أن مقاتلين ينتمون إلى عدة فصائل في المدينة، ضمت حركة «أحرار الشام» الإسلامية و«كتائب أبو عمارة» و«جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم القاعدة، خرجوا بمظاهرة انطلقت من حي الصالحين وتوجهت إلى حي المشهد، رفعوا خلالها شعارات نادت بالخلافة واللجوء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للتحكيم بين الناس.
في المقابل، نظم اتحاد ثوار حلب، التابع للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، مظاهرة في حيي بستان القصر وصلاح الدين بمدينة حلب، ندد خلالهما المتظاهرون من سكان الحيين بالقصف «اليومي» الذي تشنه القوات النظامية على أحياء حلب الخاضعة للمعارضة، مطالبين فصائل المعارضة بـ«التوحد» في صف واحد.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».