«حملة انقضاض» إسرائيلية في القدس والضفة

عائلة من جبل المكبر في القدس تحاول إنقاذ محتويات منزلها قبل هدمه من قبل الأمن الإسرائيلي (أ.ب)
عائلة من جبل المكبر في القدس تحاول إنقاذ محتويات منزلها قبل هدمه من قبل الأمن الإسرائيلي (أ.ب)
TT

«حملة انقضاض» إسرائيلية في القدس والضفة

عائلة من جبل المكبر في القدس تحاول إنقاذ محتويات منزلها قبل هدمه من قبل الأمن الإسرائيلي (أ.ب)
عائلة من جبل المكبر في القدس تحاول إنقاذ محتويات منزلها قبل هدمه من قبل الأمن الإسرائيلي (أ.ب)

هدمت إسرائيل منازل فلسطينيين في القدس والضفة الغربية، وأخطرت آخرين بوقف البناء أو هدم منازلهم بأيديهم، في حملة قالت السلطة الفلسطينية إنها أحد أشكال الانقضاض على الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة والمناطق المصنفة «ج».
وهدمت سلطات الاحتلال منزلاً في بلدة المكبر ومحلين تجاريين في بلدة حزماً، في القدس. واقتحمت قوات معززة من الجيش برفقة آليات كبيرةـ بلدة جبل المكبر، وهدمت منزلاً في حي الصلعة (دير السنة) مكوناً من طابق واحد ويضم شقتين سكنيتين يعيش فيهما 8 أفراد ومقام منذ أكثر من 11 عاماً يعود لعائلة المقدسي محمد حروب.
وفي الوقت ذاته، حاصرت قوات كبيرة من جيش الاحتلال برفقة الجرافات، المنطقة القريبة من حاجز حزما العسكري، في بلدة حزما، شمال شرقي القدس، وهدمت محلين تجاريين، بحجة عدم الترخيص.
وتم الهدم بناء على دعوى من جمعيات استيطانية قدمت التماساً إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية، خلال الأشهر الماضية، لهدم 16 منشأة في بلدة حزما، بدعوى أنها «تقع داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس».
وفي مسافر يطا جنوب الخليل، هدمت آليات الاحتلال الإسرائيلي، منزلاً في تجمع الجوايا شرقا. وقال منسق لجان الحماية والصمود بمسافر يطا وجبال جنوب الخليل، فؤاد العمور، إن آليات الاحتلال بتعزيزات عسكرية هدمت منزلاً تعود ملكيته للمواطن إسماعيل حسين النواجعة، ويقطنه عشرة أفراد، ومكون من طابق واحد مساحته 150 متراً مربعاً.
وقال منسق اللجان الشعبية والوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان جنوب الخليل، راتب الجبور، إن قوات الاحتلال سلّمت المواطنين في شهر يونيو (حزيران) الماضي، إخطارات بهدم ثلاثة منازل، وبركسا، وغرفة زراعية، و4 آبار لتجميع مياه الأمطار، في منطقة الجوايا شرق يطا. وذكر الجبور أن هدم واعتداءات وممارسات قوات الاحتلال في تجمع الجوايا، تهدف لتهجير السكان وتوسيع ما تسمى مستوطنة «ماعون» المقامة على أراضي وممتلكات المواطنين في المنطقة.
كما أخطرت السلطات الإسرائيلية، بحسب رئيس بلدية كفر الديك إبراهيم العيسى، بهدم خمسة منازل ووقف البناء في غرفة زراعية في البلدة الواقعة غرب سلفيت.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين، عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية في عموم الضفة الغربية المحتلة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحجج وذرائع مختلفة أبرزها «عدم الترخيص» كوصفة جاهزة، وشكل من أشكال الانقضاض على الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة والمناطق المصنفة «ج». وقالت في بيان إن «غالبية التقارير الفلسطينية والإسرائيلية والدولية تُجمِع على أن الاحتلال صعّد من عمليات هدم المنازل والمنشآت منذ بداية العام الحالي».
وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في فلسطين، قال، في تقرير حديث، إن الاحتلال صعّد عمليات هدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، ليرتفع عدد المنازل التي هدمها الاحتلال بنسبة 21 في المائة خلال العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من عام 2020.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.