موجة تعسف انقلابية ضد القطاع الصحي في إب اليمنية

TT

موجة تعسف انقلابية ضد القطاع الصحي في إب اليمنية

أفادت مصادر طبية في محافظة إب اليمنية (170 كلم جنوب صنعاء) بأن الميليشيات الحوثية أقدمت على تنفيذ موجة تعسفية جديدة طالت عدداً من المنشآت الصحية العامة والخاصة في المحافظة، بالتوازي مع تحذيرات محلية ودولية من استمرار حالة الانهيار المتسارع للقطاع الصحي في اليمن.
وقالت المصادر إن موجة التعسف الحوثية تنوعت بين تنفيذ حملات دهم وإغلاق ومصادرة وفرض جبايات تحت مسميات مختلفة بحق عدد من منشآت إب الصحية، الأمر الذي جعل رسوم الخدمات في هذا القطاع تقفز في المحافظة ذات الكثافة السكانية العالية إلى أرقام غير مسبوقة.
وأكدت المصادر بحديثها مع «الشرق الأوسط» أن مسلحين تابعين لقيادات حوثية بارزة في المحافظة داهموا قبل نحو أسبوع مكتب الصحة العامة بمركز المحافظة، وأشهروا أسلحتهم بوجه مدير المكتب خالد الحجي بعد إقالته من منصبه بالقوة وتهديده بالاعتقال والسجن.
وفي السياق نفسه، قال موظفون وعاملون بمكتب صحة إب إن جريمة المداهمة الحوثية حصلت بشكل مباغت وأصابت الكثير منهم إلى جانب مواطنين مرتادين للمكتب بحالة من الذعر والخوف.
وأشار الموظفون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المسلحين التابعين للقيادي الحوثي المدعو عبد الواحد صلاح المعين من قبل الميليشيات محافظاً للمحافظة باشروا فور اقتحامهم المرفق الحكومي بمصادرة الختم الرسمي الخاص بالمكتب تحت تهديد السلاح وتكليف أحد مؤدلجي الجماعة (دون مؤهل وخبرات) بمنصب القائم بأعمال المدير بطريقة غير قانونية.
وتوالياً لمسلسل الاعتداء الحوثي الذي طال ولا يزال العديد من المؤسسات الحكومية العامة والخاصة في إب، كشفت مصادر محلية بذات المحافظة لـ«الشرق الأوسط»، عن سطو الميليشيات بقوة السلاح على مستشفى «أطباء المنار» التخصصي (أحد أكبر مستشفيات المحافظة) وذلك بعد سنوات من ضغوط مورست بحق إدارته والمستثمرين فيه.
وأفادت المصادر بأن قيادات حوثية فرضت عقب اقتحام مسلحيها المستشفى كامل سيطرتها على ممتلكاته وأصوله ومعداته وأمواله، وباشرت بإصدار قرار يقضي بتعيين أحد الموالين لها من السلالة الحوثية ويدعى جمال الشامي مديراً جديداً للمستشفى.
وقال أطباء وعاملون بمستشفى المنار إن «جريمة الاقتحام والمصادرة الحوثية تلك تندرج ضمن استراتيجية إيرانية تنفذها الجماعة بحذافيرها بغية استكمال تجريف ما تبقى من القطاع الخاص والسيطرة عليه بشكل كامل».
وأكدوا أن الجماعة وبهدف الاستيلاء على المستشفى سعت منذ أشهر لتنفيذ ذلك عبر اقتحامات مماثلة وممارسة أقسى درجات الابتزاز المالي، وتعينها لحارس قضائي، غير أن إدارة المستشفى لجأت إلى القضاء والجهات المعنية لكن ذلك اللجوء باء بالفشل.
وأشار الأطباء والعاملون إلى أن الانقلابيين مارسوا طيلة السنوات الماضية عمليات ابتزاز وفرض إتاوات مالية كبيرة تحت مسميات عدة على المستشفى في مسعى منهم للاستيلاء عليه ضمن عدد كبير من المؤسسات والمرافق الخدمية والتنموية والخيرية في المحافظة.
ويعد مستشفى «أطباء المنار» أحد أكبر مستشفيات محافظة إب، وهو مؤسسة خدمية لشركة مساهمة ويقدم خدماته الطبية لجميع أبناء إب والمناطق المجاورة وله إسهامات مجتمعية بارزة.
ومنذ مطلع العام الحالي شنت الجماعة، وكيل إيران في اليمن، حملة واسعة في إب للاستيلاء على منازل وممتلكات خاصة وعامة ومؤسسات خيرية وخدمية، منها «مستوصف الخنساء» و«مؤسسة الرائدات النسوية»، ومكتبة تابعة لأحد المستثمرين، و«جمعية دار الكتاب والسنة»، وغيرها من المؤسسات متعددة المهام والمجالات المنتشرة في عدد من مديريات المحافظة.
وتأتي تلك السلسلة التي لا حصر لها من الانتهاكات الحوثية غير المبررة، في وقت لا تزال تؤكد فيه تقارير أممية وأخرى محلية أن اليمن لا يزال يعاني من أسوأ أزمة إنسانية وصحية على مستوى العالم.
وفي تقارير سابقة لها، أشارت الأمم المتحدة إلى انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن، وإغلاق عدد كبير من المرافق الصحية، ما تسبب في تفشي الأمراض والأوبئة في البلاد، خصوصاً بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية.
ولا يعمل حالياً في اليمن سوى جزء يسير جداً من المنشآت الصحية بكامل طاقته، في حين تشير تقارير إلى أن نحو 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يحتاجون لمساعدات إنسانية وصحية عاجلة، وكثيرون منهم على شفا المجاعة ويواجهون عدداً من الأمراض والأوبئة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.