هتفت جماهير توتنهام بعد الخسارة أمام مانشستر يونايتد بثلاثية ضد المدير الفني لفريقها البرتغالي نونو إسبريتو سانتو «أنت لا تعرف ما تفعله»، وأطلقوا صافرات استهجان مع نهاية المباراة، فاستجابت لهم الإدارة وأقالت المدرب.
وكان سانتو الذي أشرف على تدريب ولفرهامبتون وصعد به إلى مصاف أندية النخبة عام 2018 وحقق المركز السابع في أول موسمين له في الدرجة الممتازة، قبل أن يتولى تدريب توتنهام بداية هذا الموسم، يقف على الخط مكتوف الأيدي، ومستمعا لصيحات الاستهجان. والغريب في الأمر أن أياما قليلة قبل إقالة نونو، كانت كل الأنظار معلقة على النرويجي أولي غونار سولسكاير مدرب مانشستر يونايتد بانتظار إعلان خبر إقالته.
لقد كان سولسكاير وبنفس مشهد «نونو سانتو» يقف بجوار خط التماس على ملعب «أولد ترافورد» يطوي ذراعيه، ويرسم أكثر النظرات صرامة على وجهه، يتابع خسارة فريقه أمام الغريم التقليدي ليفربول بخماسية نظيفة ويلعب بعشرة لاعبين، ويواجه واحدة من أكثر الهزائم المذلة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز. كان كثيرون يشعرون بالتعاطف معه ولا يرغبون في أن يكونوا في مكانه أبدا، فقد كان كل ما يمكنه القيام به هو الوقوف على الخط، بلا حراك في المنطقة الفنية، وهو يعرف جيدا أنه سيتعرض لسيل من الانتقادات والإساءات.
وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل بالكثير من الرسائل والتعليقات المسيئة، بينما يتساءل النقاد والصحافيون عن الوقت الذي سيتم فيه الإعلان عن إقالة سولسكاير من منصبه بعد النتائج السلبية الأخيرة. حسناً، ربما لا ينطبق هذا على الجميع، ففي الساعات والأيام التي تلت الهزيمة أمام ليفربول، رفض زملاء سولسكاير السابقون المطالبة بإقالته، وهو ما أدى إلى مزيد من ردود الفعل عبر الإنترنت، حيث بدأ الناس يتساءلون عن أسباب تحيز هؤلاء الأشخاص لزميلهم الذي يمر بأوقات عصيبة.
وذهب فيل نيفيل، الذي لعب مع سولسكاير في صفوف مانشستر يونايتد خلال الفترة بين عامي 1996 و2005 إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث هاجم من يطالبون بإقالة المديرين الفنيين عندما تسوء الأمور.
وقال المدير الفني لنادي إنتر ميامي الأميركي: «نحن نعيش في عصر يُنظر فيه على أنه من الطبيعي أن نطالب بإقالة الناس من وظائفها، وهو أمر لا أستطيع تصديقه على الإطلاق. إذا كنت في أي مكان عمل آخر ودخلت متجراً وقلت لشخص ما إنك تريد منه أن يتقدم باستقالته من منصبه، فأعتقد أنه سوف يستدعي لك الشرطة!».
ومع ذلك، لا تعد هذه ظاهرة جديدة. وخلال الأسبوع، أعادت القناة الرابعة الإنجليزية عرض فيلمها الوثائقي الشهير «غراهام تايلور: مهمة مستحيلة»، والذي يلقي الضوء على فشل المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي في التأهل لنهائيات كأس العالم 1994، ويضم هذا الفيلم العديد من الإشارات إلى الضغوط المتزايدة التي كان يواجهها تايلور، سواء من الصحافيين أو من الجماهير الإنجليزية.
وفي أحد المقاطع، صرخ المشجعون في وجهه قائلون: «يجب أن يرحل تايلور»، بينما كان هو على بعد أمتار قليلة أثناء نزوله إلى نفق ملعب ويمبلي بعد الهزيمة في إحدى المباريات. وفي مقطع آخر، صرخ مشجع آخر لم تظهره الكاميرا قائلا لتايلور أثناء تقديمه مقابلة تلفزيونية: «قدم خدمة للصحافة وقدم استقالتك من منصبك».
وفي مشهد آخر خلال مباراة المنتخب الإنجليزي أمام سان مارينو، يتوجه تايلور إلى فرد من الجمهور ويذكره بأنه «يتحدث عن إنسان آخر»، بينما كان جون بارنز يتلقى صيحات الاستهجان من جمهور المنتخب الإنجليزي ويشير إلى أن هذا بسبب «تأثير الصحف اليومية» والمقالات التي كتبتها في الماضي.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وضعت إحدى الصحف الشهيرة على غلافها صورة لوجه تايلور داخل نبات اللفت، في إشارة إلى أنه لا يفقه شيئا! وما يجعل الأمر وثيق الصلة بالموضوع الآن هو أن ستيف بروس قال إنه «كان من الصعب أن يشبهه الناس بالكرنبة»، في إشارة إلى المعاملة السيئة التي تلقاها خلال توليه منصب المدير الفني لنادي نيوكاسل يونايتد.
وإذا كان هناك أي عزاء لبروس - حتى لو لم يكن ذلك مبرراً - فإن الصور التي تم التقاطها باستخدام برنامج فوتوشوب لوجهه على نبات الكرنب والتي تم نشرها وتداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يتم نشرها على الصفحات الأولى للصحف! من الصعب تخيل حدوث ذلك في الوقت الحاضر، رغم أن صحيفة «ميرور» حولت المدير الفني الإيطالي فابيو كابيلو إلى وحش فرانكشتاين في عام 2010 بعد أن قال المدير الفني للمنتخب الإنجليزي آنذاك لوسائل الإعلام: «أنتم من تصنعون الآلهة، وأنتم من تصنعون الوحوش، أليس كذلك؟».
لا تزال الانتقادات القاسية موجودة في أعمدة الصحف، وما زال الصحافيون يطالبون بمعاقبة المديرين الفنيين، لكن السخرية الشخصية التي تعرض لها تايلور يُنظر إليها بشكل متزايد الآن على أنها شيء بغيض. ومع ذلك، لم يكن نيفيل يتحدث فقط عن الصحافة والمحللين، بل كان غضبه الأساسي موجهاً إلى الإساءة عبر الإنترنت، حيث قال: «وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت حفرة تجمع الأشخاص من أدنى المستويات. إنها خارجة عن السيطرة تماما.
ربما لا يدرك الناس أن الأشياء التي يكتبونها تؤذي العائلات والبشر. يبدو الأمر وكأن مانشستر يونايتد لم يخسر من قبل بخمسة أهداف نظيفة! كان الاختلاف الوحيد أن ذلك قد حدث عندما لم يكن هناك مليار شخص على تويتر يعتقدون أنهم يعرفون أفضل من الآخرين في كل شيء».
لا يمكن إنكار أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في كل المجالات الآن - وليس فقط في كرة القدم – حيث يتم تبادل ونشر الآراء بحرية، وهو ما يؤدي إلى بروز وجهات النظر المتطرفة عندما تُنشر القصص وتكتسب أهمية أكبر. وفي عصر يتم فيه تحليل المديرين الفنيين على مدار الساعة، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تشعل ألسنة اللهب بطريقة لم تكن الدردشة في الشرفات والنقاشات في الحانات قادرة على القيام بها في السابق. من غير المرجح أن تُنسى الأحداث والنتائج، لكن النقد أصبح أكثر قوة وشراسة وأصبحت ردود الفعل أكثر تطرفاً.
وفي ظل هذه الطبيعة النقدية في صناعة كرة القدم، أصبح الصبر أقل وأصبحت إقالات المديرين الفنيين أكثر مقارنة بالعقود الماضية، لكن المخاطر والمكافآت المحتملة أصبحت أكبر أيضا. إن تأكيد نيفيل على أنه لا ينبغي أن يطالب المشجعون بإقالة المديرين الفنيين لا يؤثر كثيراً في القاعدة الجماهيرية لكرة القدم، حيث هناك إجماع على أن المشجعين الذين ينفقون الأموال على فريقهم يحق لهم إبداء رأيهم. لكن الشيء المؤكد هو أنه يجب التمييز بين النقد المهني والشخصي، مهما كانت نتائج المدير الفني كارثية!
ألا يحق للجماهير المطالبة بإقالة المديرين الفنيين؟
المدربون يرون أن من حقهم إتمام فترة تعاقدهم... والإدارات لا تستطيع مواجهة المشجعين عند تراجع النتائج
ألا يحق للجماهير المطالبة بإقالة المديرين الفنيين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة