اهتمام الإعلام الغربي بـ«إطار الاتفاق» الإيراني.. بين التفاؤل وتشكيك المنتقدين

بعد 8 أيام من تغطية ماراثون المفاوضات.. الصحافة تهتم بالنتائج الأولية

وكيلة وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان تصل إلى القاعدة العسكرية أندروز فجر أمس بعد أشهر من السفر إلى سويسرا للتفاوض مع الإيرانيين (أ.ف.ب)
وكيلة وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان تصل إلى القاعدة العسكرية أندروز فجر أمس بعد أشهر من السفر إلى سويسرا للتفاوض مع الإيرانيين (أ.ف.ب)
TT

اهتمام الإعلام الغربي بـ«إطار الاتفاق» الإيراني.. بين التفاؤل وتشكيك المنتقدين

وكيلة وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان تصل إلى القاعدة العسكرية أندروز فجر أمس بعد أشهر من السفر إلى سويسرا للتفاوض مع الإيرانيين (أ.ف.ب)
وكيلة وزارة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان تصل إلى القاعدة العسكرية أندروز فجر أمس بعد أشهر من السفر إلى سويسرا للتفاوض مع الإيرانيين (أ.ف.ب)

اهتم الإعلام الغربي بالاتفاق النووي الذي توصلت إليه القوى الكبرى وإيران، أول من أمس، بعد 8 أيام من التغطية المتواصلة للجولة الأخيرة من المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية. وتباينت ردود فعل الصحافة الغربية بشأن الاتفاق بين المؤيدة والمعارضة. ورغم أن التفاؤل والترحيب بالجهود الدبلوماسية المبذولة للتوصل إلى إطار أولي لوضع حد للنووي الإيراني طغى على الصحافة الغربية، فإن بعض الجهات الإعلامية ركزت على مواقف منتقدي الاتفاق مثل الجمهوريين الأميركيين والحكومة الإسرائيلية. وفردت الصحف الأميركية مثل «واشنطن بوست» و«يو إس إيه توداي» خبر الاتفاق على صفحاتها الأولى خاصة بعد إدلاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بخطابه حول الاتفاق أمس.
رحبت الصحف الأميركية في معظمها بالاتفاق النووي بين دول مجموعة الدول الست الكبرى وإيران باعتباره مكسبا دبلوماسيا كبيرا. وأشادت «نيويورك تايمز» في افتتاحية أمس بعنوان: «اتفاق واعد مع إيران حول ملفها النووي» بالاتفاق واعتبرته إنجازا تاريخيا يمنع إيران من أن تصبح تهديدا نوويا. وتعتقد الصحيفة الأميركية كذلك أن الاتفاق سيحول الشرق الأوسط إلى منطقة أكثر أمنا، وسيفتح الطريق أمام إيران لتكون أول دولة شيعية تلتحق بالمجتمع الدولي. أما صحيفة «واشنطن تايمز»، فاهتمت بخبر الاتفاق وذكرت في عنوانها الرئيسي أن «المنتقدين قلقون من عدم وجود التفاصيل وحتمية القنبلة» الذرية.
ومن جهتها، نشرت مجلة «فوربس» مقالا لدونالد كيرك بعنوان: «الاتفاق النووي: خبر سيئ للجمهوريين وإسرائيل وكوريا الشمالية»، يستعرض فيه كيرك 3 عوامل قد تشجع كوريا الشمالية على التخفيف من طموحاتها النووية في الأمد المتوسط والبعيد. العامل الأول يكمن في إمكانية تدهور العلاقة الكورية - الصينية، واتخاذ بكين موقفا حازما يحرم كوريا الشمالية من صادرات النفط والمواد الغذائية. أما الثاني، فيتوقع عودة كوريا الشمالية إلى طاولة المفاوضات، إذا ما التزمت الدول الغربية بجانبها من الاتفاق وخففت العقوبات على إيران. والعامل الثالث والأخير يهتم بالعلاقة الكورية - الروسية، حيث قد يسعى بوتين إلى استعراض مزايا اتفاق نووي من خلال استبدال طائرات وأسلحة سوفياتية جديدة بأسطول الطائرات الكوري القديم.
ومن جانب آخر، استعرضت صحيفة «الغارديان» البريطانية ردود فعل السياسيين الجمهوريين في الولايات المتحدة واستياءهم الشديد حيال الاتفاق وعزمهم على إلغاء الصفقة. وخصّت الصحيفة بالذكر السيناتور مارك كيرك، الذي يروج بقوة لفرض عقوبات جديدة ضد إيران، والذي أعلن أن صفقة رئيس الوزراء البريطاني السابق، نيفيل تشامبرلين، مع الديكتاتور الألماني أدولف هتلر عام 1939، «كانت أفضل من الاتفاق النووي الإيراني».
أما «التلغراف» البريطانية فغطت الاتفاق وطرحت سؤالا: «ما تكلفة احتواء إيران؟»، إذ اعتبر كاتبا المقال بهذا العنوان، وين بوين وماثيو موران، أن الاتفاق «غير مثالي»، ولكنه أفضل من «عدم التوصل إلى اتفاق على الإطلاق».
وسلّطت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية الضوء على المكسب الاقتصادي الذي قد تحصده إيران من «رفع العقوبات الاقتصادية التي عطّلت التطور التكنولوجي والاستثمارات في قطاعي النفط والغاز»، وتوقعت أن ترتفع صادرات إيران النفطية في حال توصلت الأطراف جميعها إلى حل نهائي يونيو (حزيران) المقبل، والتزمت طهران بالبنود المتفق عليها.
وفي سياق متصل، أشارت جريدة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى أن القطاع النفطي الإيراني لن يستعيد نشاطه إلا بعد مرور 9 أشهر، على الأقل، على توقيع الاتفاق النهائي بين القوى الكبرى وإيران في يونيو المقبل، وفقا لتقديرات بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي. وبالتالي، إن احترمت الشروط جلها «لن يطرح النفط الإيراني إشكالا في أسواق النفط العالمية إلا بحلول 2016»، ذلك حيث تتوفر إيران على احتياطي كبير من النفط الخام جاهز للتصدير فور رفع الحظر الاقتصادي.
وتوقفت جريدة «واشنطن بوست» الأميركية عند الموقف السعودي من الاتفاق الأولي ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للاتفاق وأمله بأن يكون ملزما وأن يؤدي إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. وأشارت إلى أن التأييد السعودي في غاية الأهمية بالنسبة لواشنطن.
أما الصحافة الفرنسية، فاهتمت بتداعيات الاتفاق على العلاقة بين إسرائيل وأميركا، وردود فعل السياسيين الإسرائيليين ووسائل الإعلام. وحللت اليومية الفرنسية «لو موند» ردود الفعل الإسرائيلية، بين تلك الموالية للحكومة التي اعتبرت الاتفاق النووي الأولي «تأييدا للإرهاب النووي» و«تجاوزا لكل الخطوط الحمراء»، وأخرى أكثر ليبرالية رحبت بالاتفاق، وأشارت إلى أن «هجوما ضد إيران لن يضمن 10 سنوات من الاستقرار..»، رغم بعض التحفظات.
وصرّح بنيامين نتنياهو بأن الاتفاق مع إيران «لن يعرقل برنامجها النووي، بل سيفتح الطريق أمامه»، وأضاف أنه «يهدد بقاء إسرائيل» بنبرة وصفتها صحيفة «لو فيغارو» بالكارثية. وذكرت الصحيفة الفرنسية أن الحكومة الإسرائيلية لم تستثنِ إمكانية التدخل العسكري، وإن كانت مستبعدة في الأمد القصير. كما أفادت بأنه سبق لإسرائيل أن تحدّت واشنطن عام 1981 حين دمّرت المفاعل النووي العراقي «أوزيراك» الذي شاركت فرنسا في صنعه.



اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
TT

اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)

يعوّل الكثير من قادة الاتحاد الأوروبي على العلاقة الخاصة التي بدا أنها تترسخ يوماً بعد يوم، بين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. لا، بل قد تعدّ علاقتها «الخاصة» أيضاً مع إيلون ماسك، حليف ترمب، الذي بدا أن الحكومة الإيطالية تجري محادثات مع شركته «سبيس إكس» بشأن صفقة بقيمة 1.6 مليار دولار تتعلق بخدمة الإنترنت «ستارلينك»، مدخلاً لتخفيف التوتر الذي بلغ أقصاه في الأيام الأخيرة، بعد تبادله الاتهامات والانتقادات مع الكثير من القادة الأوروبيين.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) ووزير الخارجية ماركو روبيو في مارالاغو السبت (إ.ب.أ)

ترمب وميلوني

ترمب كان التقى ميلوني، قبل يوم من تصديق الكونغرس الأميركي على فوزه في الانتخابات، لإجراء محادثات غير رسمية. وهو ما عدَّه المراقبون تأكيداً للتوقعات واسعة النطاق، بأن الزعيمة الإيطالية اليمينية المتشددة ستكون جزءاً لا يتجزأ من علاقة الاتحاد الأوروبي بالبيت الأبيض بعد تولي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). ووصف ترمب ميلوني، بعد محادثاتهما، بأنها «امرأة رائعة اجتاحت أوروبا حقاً».

ورغم أن علاقتها بترمب، قد تطورت في الواقع على خلفية معتقداتهما الشعبوية اليمينية، لكن مما لا شك فيه أن علاقتها بالملياردير ماسك، الذي بات يلعب دوراً كبيراً بعد اندماجه بحركة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة)، قد تمكنها من ترسيخ علاقتها مستقبلاً بالحركة التي بناها ترمب، وباتت تفيض خارج الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

جسر دبلوماسي

وفي الواقع، لم يتمكن سوى عدد قليل من القادة الأوروبيين من كسب مثل هذا الود لدى ترمب، مثل ميلوني، حيث يتوقع أن تلعب دور «جسر دبلوماسي» بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب الكثير من وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية. وأضافت أن ميلوني، التي طوّرت ملفاً آيديولوجيا «غامضاً استراتيجياً»، فاجأت منتقديها بتطوير علاقات دافئة مع قادة أوروبيين أكثر وسطية، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. في المقابل، فإن هذا الغموض يضع ميلوني في وضع جيد لجلب «الترمبية» إلى أوروبا مع تحول القارة نحو اليمين على أي حال، كما زعم كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز».

إيلون ماسك (رويترز)

ومع ذلك، تواجه ميلوني مهمة موازنة علاقاتها الأميركية، مع القضايا الاقتصادية التي تهم إيطاليا. فهي لا تستطيع تحمل إبعاد حلفاء الاتحاد الأوروبي من خلال الميل إلى اليمين كثيراً، على حساب مصالح البلاد. ويزعم منتقدوها، سواء في إيطاليا أو في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، أن صفقة «ستارلينك» المقترحة، ستجعل روما تعتمد بشكل مفرط على إيلون ماسك. وذكر موقع «بوليتيكو» أن أحد الأعضاء الألمان التقدميين في البرلمان الأوروبي، كتب قائلاً إن الصفقة المقترحة، «تسلم الحكومة الإيطالية والدفاع والاتصالات العسكرية إلى فاشي بدائي لا يمكن التنبؤ به». إن صداقة ميلوني الواضحة مع ماسك تتعارض بشكل متزايد مع الطريقة التي ينظر بها القادة الأوروبيون الآخرون إليه.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم بقصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

تحذيرات واتهامات

في الأيام الأخيرة ومع تصاعد نفوذه بشكل كبير في السياسة الأميركية، وسعيه للتأثير على الخارج، عبر انتقاده عدداً من زعماء العالم من خلال منصته «إكس» ذات التأثير الكبير، اتهم القادة الألمان والفرنسيون والبريطانيون ماسك بالتدخل السياسي وحتى التدخل في الانتخابات.

وأدان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، ما عدّه «الأكاذيب والمعلومات المضللة» التي قال إنها تقوض الديمقراطية في المملكة المتحدة؛ وذلك رداً على سيل من الهجمات التي وجهها ماسك لحكومته، مقترحاً سجن ستارمر، ومتسائلاً عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة «تحرير» حليفتها.

وحث بعض كبار الساسة من الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة حلفاء ترمب بشكل خاص على إعادة التفكير في علاقته بإيلون ماسك بعد تعليقاته هذا الأسبوع، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ».

وتساءل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام السفراء الفرنسيين عمن كان ليتخيل قبل عقد من الزمان «أن مالك إحدى أكبر الشبكات الاجتماعية في العالم سيدعم حركة رجعية دولية جديدة ويتدخل مباشرة في الانتخابات». لم يذكر ماكرون، الذي كانت تربطه في الماضي علاقة مع ماسك بالاسم، لكن كان واضحاً من هو المقصود.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في قصر الإليزيه مساء 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

ابتعد عن ديمقراطيتنا

وقوبلت تعليقات ماسك بغضب من الزعماء الألمان، حيث اتهمته برلين بمحاولة التأثير على الانتخابات المبكرة في البلاد الشهر المقبل في تعليقه على منصته، ومقال رأي كتبه يشيد بحزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتشدد.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إنه يظل «هادئاً» وسط انتقادات شخصية من ماسك، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، لكنه يجد أن «أكثر ما يثير القلق» أن ماسك خاض في السياسة الألمانية من خلال «دعم حزب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي هو في أجزاء متطرف يميني، ويدعو إلى التقارب مع روسيا بوتن ويريد إضعاف العلاقات عبر الأطلسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (رويترز)

وحذَّر روبرت هابيك، مرشح حزب الخضر الألماني لمنصب المستشار، ماسك من التدخل في سياسة البلاد، قائلاً له: «سيد ماسك، ابتعد عن ديمقراطيتنا».

بدوره، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور، الاثنين، إن «هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن تكون عليها الأمور بين الديمقراطيات والحلفاء»، حسبما ذكرت وكالة «رويترز». وقال إنه «يجد من المقلق أن يتورط رجل يتمتع بإمكانية وصول هائلة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وموارد اقتصادية ضخمة في الشؤون الداخلية لدول أخرى بشكل مباشر».