الحياة تعود إلى الخرطوم بعد تعليق العصيان ليومين

حراك واسع ضد قرارات الجيش... واعتقالات بالجملة

عودة خجولة للحياة في الخرطوم حيث لا تزال الحواجز تشاهد في الشوارع (أ.ف.ب)
عودة خجولة للحياة في الخرطوم حيث لا تزال الحواجز تشاهد في الشوارع (أ.ف.ب)
TT

الحياة تعود إلى الخرطوم بعد تعليق العصيان ليومين

عودة خجولة للحياة في الخرطوم حيث لا تزال الحواجز تشاهد في الشوارع (أ.ف.ب)
عودة خجولة للحياة في الخرطوم حيث لا تزال الحواجز تشاهد في الشوارع (أ.ف.ب)

بدأت الحركة تعود تدريجياً إلى العاصمة السودانية الخرطوم بعد عصيان مدني استمر لأكثر من أسبوع، عقب استيلاء الجيش على السلطة في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في وقت يواجه فيه قادة الجيش ضغوطاً دولية وداخلية متزايدة للتراجع عن هذه الخطوات بوصفها انقلاباً عسكرياً يقوض عملية الانتقال الديمقراطي والاستقرار في السودان.
وتنشط في هذا السياق مجموعة «وساطات» بين قادة الجيش ورئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك، لإعادة مسار العملية الانتقالية إلى مسارها من جديد.
وشهدت الخرطوم حركة شبه عادية في الأسواق وبعض مؤسسات الدولة، وفتحت بعض البنوك والمصارف أبوابها للعمل بعد إعلان تعليق العصيان المدني لمدة يومين، (ليتمكن الناس من صرف رواتبهم) تعاود بعدها الإضراب عن العمل بنهاية الأسبوع الحالي.
وينتظم الشارع السوداني حراكاً جماهيرياً واسعاً تقوده التنظيمات النقابية ولجان المقاومة الشعبية للحشد والتعبئة في الأحياء ووسط القطاعات المهنية في شكل تظاهرات ليلية ومخاطبات سياسية استعداداً لتنظيم تظاهرات مليونية بنهاية الحراك لإسقاط الانقلاب العسكري.
وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان أمس إن الإضراب السياسي العام والعصيان المدني الشامل، هو «طريق الشعب السوداني الثائر لهزيمة الانقلابي». ومن جانبه أعلن تجمع المصرفيين السودانيين الذي يضم العاملين في المصارف والبنوك رفع الإضراب عن العمل لمدة يومين لإتاحة الفرصة للعاملين بتلقي رواتبهم، ومن ثم الانخراط بشكل فاعل في العصيان المدني.
وأعلن ‏‎اتحاد عام أصحاب العمل السوداني دعمه للحكومة الانتقالية الشرعية، برئاسة عبد الله حمدوك، داعيا كل قطاعات الشعب للوقوف ضد أعداء الانتقال الديمقراطي ودعم التحول المدني بكل السبل السلمية الممكنة.
وناشد الاتحاد «جميع السودانيين الأحرار لتوحيد الصفوف والوقوف معاً لدعم الحكومة الانتقالية الشرعية، كما أدان الانقلاب العسكري الذي يقوده الجنرال عبد الفتاح البرهان».
وأكد الاتحاد الذي يضم قطاعات واسعة من رجال المال والأعمال، أنه «سيعمل من خلال العصيان المدني والإضراب السياسي مع القوى الثورية على مقاومة الانقلاب العسكري حتى إسقاطه، وعودة الحكم المدني في البلاد».
وترفض لجان المقاومة الشعبية التي تمثل رأس الرمح في قيادة التظاهرات الحاشدة في كل أنحاء البلاد، أي تفاوض أو حوار مع الانقلابيين، وتطالب كل القوى السياسية بما فيها قوى الحرية والتغيير، بـ«رفض أي مساومة أو شراكة مع السلطة الانقلابية، والاصطفاف إلى جانب خيارات الشارع الذي يسعى لإسقاط الانقلاب العسكري عبر العمل السلمي».
وفي المقابل، تسابق قوات الأمن الزمن لشل حركة الشارع المناهض للإجراءات التي اتخذها الجيش وقوات الدعم السريع بشن حملة اعتقالات واسعة للناشطين في أعضاء لجان المقاومة، للحد من أي تنظيم للتحركات الشعبية التي تصعب عليهم السيطرة على الحكم في البلاد.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة تهاجم الأحياء مستخدمة الرصاص الحي في الهواء والغاز المدمع لتفريغ الثوار من الشوارع الرئيسية والمداخل لإزالة التروس والحواجز التي وضعها الثوار لتنفيذ العصيان المدني والإضراب السياسي.
وكانت قوى الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله حمدوك، توافقت على إسقاط الانقلاب العسكري، ومحاسبة الانقلابيين وتحقيق العدالة للشهداء والمصابين، وتمسكت بعودة رئيس الوزراء، وحكومته للقيام بمهامهم وفقاً للوثيقة الدستورية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين فوراً والعودة للنظام الدستوري ما قبل 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأكدت قوة التغيير أنه لا حوار ولا تفاوض مع الانقلابيين.
وفي موازاة ذلك، رفض العديد من كبار الموظفين في مؤسسات الدولة تنفيذ قرارات إعفاء صادرة عن قائد الانقلاب، عبد الفتاح البرهان، وتمسكوا بشرعية رئيس الحكومة الانتقالية، عبد الله حمدوك.
وكان عدد من سفراء السودان في أميركا والدول الأوروبية والأفريقية، أعلنوا رفضهم وإدانتهم للانقلاب العسكري، وطالبوا قادة الجيش بالتراجع الفوري عن كل تلك الإجراءات التي تؤدي إلى إعاقة عملية الانتقال الديمقراطي وعزلة البلاد بعد الانفتاح الكبير للمجتمع الدولي عقب ثورة ديسمبر (كانون الأول).
وتمسك رئيس الوزراء السوداني، لدى لقائه سفراء أميركا ودول الاتحاد الأوروبي أول من أمس بشرعية حكومته والمؤسسات الانتقالية. واعتبر إطلاق سراح الوزراء ومزاولة مجلس الوزراء بكامل عضويته لأعماله المدخل لحل الأزمة.
وأكد حمدوك أنه لن يكون طرفاً في أي ترتيبات وفقاً للقرارات الانقلابية، مشدداً على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الانقلاب العسكري.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.