عائلات «الشيخ جراح» ترفض تسوية تجعلهم {مستأجرين}

منى الكرد تُلقي بياناً باسم عائلات سكان حي الشيخ جراح أمس (أ.ب)
منى الكرد تُلقي بياناً باسم عائلات سكان حي الشيخ جراح أمس (أ.ب)
TT

عائلات «الشيخ جراح» ترفض تسوية تجعلهم {مستأجرين}

منى الكرد تُلقي بياناً باسم عائلات سكان حي الشيخ جراح أمس (أ.ب)
منى الكرد تُلقي بياناً باسم عائلات سكان حي الشيخ جراح أمس (أ.ب)

أعلنت عائلات حي الشيخ جراح رفضها للتسوية التي اقترحتها المحكمة العليا الإسرائيلية، وقالت إن رفضها مستند إلى أن الاقتراح سيحوّلهم إلى «مستأجرين محميين» عند الجمعية الاستيطانية «نحلات شمعون»، بما يمهد لاحقاً لمصادرة حقهم في أراضيهم.
وعقدت لجنة الحي، مؤتمراً عصر أمس، تحدثت خلاله الناشطة منى الكرد من سكان الحي، وتلت بياناً جامعاً جاء فيه: «رفضنا بالإجماع التسوية المقترحة من محكمة الاحتلال التي كانت ستجعلنا بمثابة مستأجرين محميين عند الجمعية الاستيطانية (نحلات شمعون) وتمهد تدريجياً لمصادرة حقنا في أراضينا، يأتي هذا الرفض انطلاقاً من إيماننا بعدالة قضيّتنا وحقنا في بيوتنا ووطننا، رغم انعدام أي ضمانات ملموسة لتعزيز وجودنا الفلسطيني في القدس المحتلة من أي جهة أو مؤسسة».
وأضافت: «إنّ تهرُّب محاكم الاحتلال من مسؤوليتها في إصدار الحكم النهائي، وإجبارنا على الاختيار بين التهجير من بيوتنا أو الخضوع لاتفاق ظالم، ما هو إلّا امتداد لسياسات استعمارية تهدف لشرذمة التكافل الاجتماعي الذي حققه الشعب الفلسطيني في الهبة الأخيرة، ومحاولة لتشتيت الأضواء عن الجريمة الأكبر: التطهير العرقي الذي يرتكبه الاحتلال ومستوطنوه».
وجاء في البيان: «نحن لا نقبل أن تسوّق صورة احتلال منصف على حسابنا، ولن نرضى بأنصاف الحلول». وتابعت: «تتحمل حكومة الاحتلال بشكل كامل مسؤولية سرقة بيوتنا، كما تتحمل المسؤولية بشكل موازٍ السلطة الفلسطينية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، والمملكة الأردنية الهاشمية، التي بنت (الشيخ جراح) كمشروع لإسكان اللاجئين عام 1956 وأعطتنا الحق الكامل في ملكية الأرض».
وجاء القرار النهائي بعد سلسلة مشاورات تخللتها ضغوط داخلية وخارجية من أجل القبول بتسوية المحكمة مقابل ضغوط ضد التسوية.
واضطر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، لمناداة عائلات «الشيخ جراح»، إلى رفض التسوية المطروحة من سلطات الاحتلال بالمطلق، بوصفها تسليم البلاد للاحتلال. وشدد صبري في خضم النقاشات التي كانت عاصفة، أمس، على أن الموقف الرافض للتسوية هو الموقف والواجب الوطني والشرعي.
كانت محكمة العدل العليا الإسرائيليّة قد اقترحت الشهر الماضي، تسوية بشأن قضية إخلاء العائلات الفلسطينية التي تعيش في الحي، مهملة الأطراف، والإعلان عمّا إذا كانوا سيقبلون شروط التسوية حتى الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني). وينص الاقتراح على أنه حتى صدور القرار النهائي بشأن حقوق الملكية، ستُعد شركة «نحلات شمعون» الإسرائيلية المالكة للأرض، بينما تعد العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح مستأجرين محميين لا مالكين.
ويتهدد الإخلاء 4 عائلات، بشكل فوري، وأكثر من 20 عائلة أخرى في وقت لاحق، يقيمون في الحي منذ عام 1956 بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية آنذاك ووكالة الأمم المتحدة ووكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.