«ضربات مؤلمة» من الحكومة تقاقم معاناة الدمشقيين

TT

«ضربات مؤلمة» من الحكومة تقاقم معاناة الدمشقيين

بعد توجيه ضربات موجعة للسوريين برفع أسعار مواد الطاقة بنسبة 50 في المائة تقريباً بهدف تقليص الدعم الحكومي، حاول وزير التجارة والتموين عمرو سالم التبرير بأن «قرار رفع سعر أي شيء صعب ومؤلم ولكن هو قرار سليم ولصالح المواطن».
وخاطب سالم السوريين عبر حسابه في «فيسبوك» أمس: «عندما يتخذ قرار برفع سعر أي شيء، فهو بكل تأكيد قرار صعب ومؤلم، لكن القرار الصعب هو بكل تأكيد القرار السليم إذا كان يهدف إلى عدم انقطاع مادة أساسية بسبب زيادة الخسائر المتحققة إذا تم الاستمرار بسعرها القديم».
وأضاف: «أنا وزملائي في الحكومة ندرس كل البدائل عن رفع أي سعر، لكن عندما نكون أمام خيار أن نطلب الشعبية بعدم رفع سعر والتسبب بانقطاع المادة، وبين الصدق والعمل بواقعية تحقق الاستمرار نختار الاستمرار».
وأعلن سالم تحمله مسؤولية القرارات الأخيرة في رفع الأسعار: «أنا كمواطن وكوزير أتحمل مسؤوليتي عن كل قرار أوقعه، ولن أحاول إلقاء اللوم على غيري، لأنني سأكون كاذباً إذا فعلت، وأنا أتبنى هذا القرار وأتحمل مسؤوليته، لكني أقول، وبكل تأكيد وثقةٍ وصدق، بأن الهدف والرؤية هي لصالح المواطن أولاً وأخيراً، وأن الحال سيكون أفضل».
وجاء رفع أسعار الطاقة مع بداية فصل الشتاء ليوجه ضربة قاسية جديدة للسوريين المنهكين، ليصيب حركة الأسواق والعمل بالشلل مع تواصل إغلاق المحلات والورش الصغيرة التي باتت تنوء تحت وطأة ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل في مواجهة تآكل القدرة الشرائية لدى الغالبية العظمى من السوريين، وتوقعت مصادر اقتصادية في دمشق أن تشهد البلاد موجة هجرة جديدة لقطاع الأعمال في مجال الصناعات الصغيرة والحرف كتلك التي شهدتها البلاد خلال الصيف الماضي لدى هجرة نحو 47 ألف رجل أعمال وصناعي، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» مع «كل سلة قرارات حكومية جديدة برفع الأسعار هناك مصالح وورشات وأبواب رزق تغلق».
ومهدت الحكومة لقرارات رفع أسعار مواد الطاقة بكشف وزير المالية كنان ياغي في جلسة لمجلس الشعب أول من أمس، عن برنامج جديد للدعم سيبصر النور مطلع العام القادم، واحتمال زيادة الرواتب بعد دراسة تأمين موارد إضافية.
وقال ياغي: إن هناك برنامجاً كاملاً لإعادة هيكلة الدعم سيتم الإعلان عنه مطلع العام القادم 2022، ولكن لن يكون الدعم نقدياً كما لن يتم إلغاء الدعم عن الكهرباء والخبز والمواد التموينية والمحروقات وغيرها. وجاء ذلك في رده على مطالبة أعضاء مجلس الشعب، بزيادة سريعة للرواتب والأجور بنسبة لا تقل عن 50 في المائة، أو على أقل أن تكون زيادة رواتب منسجمة مع ارتفاع الأسعار على ألا يقل الحد الأدنى للرواتب والأجور عن 250 ألف ليرة سورية أو ما يعادل ١٠٠دولار أمريكي حسب سعر الصرف الذي اعتمد في دراسة الموازنة العامة. علما أن معدلات الرواتب حاليا لا تتجاوز الـ60 دولارا أميركيا.
وتجهد الحكومة بدمشق في تقليص الدعم للمواد الأساسية لخفيف العبء عن الحكومة العاجزة عن ترميم الوضع الاقتصادي المنهار، وازدياد حدة الفقر عند أكثر من 83 في المائة من السوريين حسب الأرقام الأممية.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.