«سد النهضة»: مصر تدعو إثيوبيا لاحترام القانون الدولي وتوقيع اتفاق

قالت إن المشروع يمكن أن يصبح نموذجاً للتعاون الإقليمي

TT

«سد النهضة»: مصر تدعو إثيوبيا لاحترام القانون الدولي وتوقيع اتفاق

دعت مصر إثيوبيا لاحترام القانون الدولي وتوقيع اتفاق قانوني مُلزم يحدد آلية تشغيل «سد النهضة» على نهر النيل. وقال محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية المصري، أمس، إن السد «يمكن أن يصبح نموذجاً للتعاون الإقليمي حال احترام مبادئ القانون الدولي وتوقيع اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا».
وتقيم إثيوبيا منذ عام 2011 سداً عملاقاً على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ووصلت الإنشاءات به لأكثر من 80 في المائة. وتخشى دولتا المصب (مصر والسودان) من تأثيره سلبياً على إمداداتهما من المياه، وكذا تأثيرات بيئية واجتماعية أخرى، منها احتمالية انهياره.
وتطالب دولتا المصبّ، إثيوبيا بإبرام اتفاقية مُلزمة تضمن لهما الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد، وهو ما فشلت فيه المفاوضات الثلاثية، والممتدة بشكل متقطع منذ 10 سنوات. وألقى عبد العاطي كلمة مصر في جلسة «المياه... محور رئيسي في خطط المناخ»، ضمن فعاليات مؤتمر المناخ (cop26) المنعقد في غلاسكو بالمملكة المتحدة، استعرض خلالها التحديات المائية في بلاده، وما تتخذه الحكومة من إجراءات للتكيف مع التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن 95 في المائة من المشروعات التي تنفذها تعتبر ضمن مشروعات التأقلم والتخفيف من آثار التغيرات المناخية، خاصة أن مصر من أكثر دول العالم المتأثرة بهذه التغيرات. وتعد مصر من أكثر الدول التي تعاني من الجفاف في العالم؛ حيث تُقدر كميات الأمطار المتساقطة عليها بنحو مليار متر مكعب سنوياً فقط، في حين تعتمد بنسبة 97 في المائة على مياه النيل، وفقاً للوزير. واعتبر عبد العاطي أن «أكبر التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر هو الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية، بالإضافة إلى تزايد الطلب على المياه العذبة، في ظل المشروعات التي يتم تنفيذها بدول منابع النيل بشكل أحادي، بدون التنسيق مع دول المصب، والزيادة السكانية والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية». وأضاف: «للتعامل مع هذه التحديات قامت مصر بوضع خطة قومية حتى عام 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار، ومتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، يتم عبرها تنفيذ مشروعات تهدف إلى تعظيم العائد من وحدة المياه، والتأقلم مع التغيرات المناخية، مثل إعادة استخدام المياه، والتحول للري الحديث». وطالب عبد العاطي بـ«مراعاة البعد العابر للحدود فيما يخص التأقلم مع التغيرات المناخية، خاصة أن مصر تعتبر شديدة الحساسية تجاه أي مشروعات يتم تنفيذها في أعالي النيل بدون التنسيق مع دول المصب»، مؤكداً أن «أي مشروعات يتم إدارتها بشكل أحادي في دول المنابع ستلحق أضراراً جسيمة بدول المصب، وأن سد النهضة يمكن أن يصبح نموذجاً للتعاون الإقليمي حال احترام مبادئ القانون الدولي وتوقيع اتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل السد، بشكل يضمن توليد الكهرباء لإثيوبيا وحماية السودان من الفيضانات وموارد المياه بالنسبة لمصر». وناشد المجتمع الدولي، وبدون إبطاء، إيلاء قضايا المياه الأولوية، باعتبارها «حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان ومن الواجب تضمينها بشكل مباشر في اتفاق المناخ». وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد شدد على موقف بلاده «الراسخ» من قضية سد النهضة، ورؤيتها القائمة على الانخراط بشكل نشط في المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق ملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل السد، تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وبما يتسق مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي. وأثنى السيسي، خلال لقائه، مساء أول من أمس، مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، رئيس الكونغو الديمقراطية، على هامش أعمال قمة المناخ في غلاسكو، على جهود الكونغو الديمقراطية، التي ترأس الاتحاد الأفريقي، لتسوية أزمة سد النهضة. واعتمد مجلس الأمن الدولي، في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بياناً رئاسياً يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول إلى اتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة»، لكن البيان لم يُترجم إلى أي خطوة عملية حتى الآن.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.