نيكولا ساركوزي يحتمي بحصانته الدستورية ومحاكمة أعوانه السابقين متواصلة

الرئيس الفرنسي الأسبق يمثل شاهداً أمام المحكمة ويرفض الإجابة عن أسئلتها

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي مغادراً المحكمة (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي مغادراً المحكمة (أ.ف.ب)
TT

نيكولا ساركوزي يحتمي بحصانته الدستورية ومحاكمة أعوانه السابقين متواصلة

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي مغادراً المحكمة (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي مغادراً المحكمة (أ.ف.ب)

من بين الرؤساء الثمانية الذين تعاقبوا على رئاسة الجمهورية الخامسة منذ تأسيسها على يدي الجنرال شارل ديغول في ستينات القرن الماضي، وحده الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي البالغ حاليا من العمر 66 عاما، صدر عليه حكمان العام الحالي بالسجن الفعلي، الأول في القضية المسماة «عملية التنصت» والثاني في قضية تمويل حملته الانتخابية للعام 2012. وثمة دعاوى لاحقة سـتأتي قريبا وعلى راسها فضيحة ما يسمى «التمويل الليبي» لحملته الرئاسية الأولى للعام 2007 التي حملته الى قصر الأليزيه. وسبق للإدعاء ان وجه إليه ولعدد من مساعديه السابقين اتهامات متشددة.
بيد أن ساركوزي مثل اليوم الإثنين مجددا أمام محكمة باريسية لكن هذه المرة بصفة «شاهد» وليس مدعى عليه بفضل الحصانة القضائية التي يوفرها له الدستور، فيما عدد من معاونيه السابقين بينهم كلود غيان، الأمين العام السابق للرئاسة والذي عينه لاحقا وزيرا للداخلية، يمثلون كمدّعى عليهم. وسبق للرئيس الأسبق أن رفض المثول أمام المحكمة بحجة الحصانة. إلا أن القاضي بنجامان بلانشيه، الذي يتولى رئاستها، رفض حجته وطلب حضوره وفي حال تمنعه كانت قوى الأمن ستجلبه عنوة. ولتلافي أمر كهذا، حضر ساركوزي طوعاً، إلا أنه رفض الإدلاء بشهادته أو الإجابة عن الأسئلة التي وجهها إليه رئيس المحكمة ملتحفا رداء الحصانة.
الدعوى التي ينظر فيها القضاء حاليا تعود لعشر سنوات وتتناول المخالفات التي ارتكبت إبان ولاية ساركوزين وقوامها الطريقة التي اعتمدها الأليزيه لاختيار مؤسسات متخصصة في إجراء استطلاعات الرأي. وينص القانون الفرنسي أن أي عقد حكومي يجب أن يتم عبر اعتماد المناقصة العمومية. والحال أن الأليزيه تجاهل هذه الطريقة القانونية في العديد من استطلاعات الرأي وعمد الى تكليف مؤسستين بالعديد منها، مع العلم أن هاتين المؤسستين يملكهما شخصان مقربان من ساركوزي هما باتريك بويسون وبيار جاكوميتي. بل إن الأول كان رسميا مستشارا سياسيا للرئيس الأسبق. وتفيد تقارير إخبارية بأنه حصل على مبالغ مرتفعة تحصى بالملايين. أما الماخذ الآخر الرئيسي على هذه الإستطلاعات فهة أنها كانت تتناول أسئلة خاصة بساركوزي وبصورته لدى المواطن الفرنسي، وأحدها كان يدور حول إشكالية زواجه من المغنية إيطالية الأصل وعارضة الأزياء السابقة كارلا بروني. ويبدو واضحا أن استطلاعات للرأي من هذا المعدن لا قائدة عامة منها لجهة الحكم على إدارة شؤون الدولة.
واليوم، مثل ساركوزي أمام المحكمة. وكما كان متوقعا، فقد أعلن في بيان مقتضب، بعد أن أعطي فرصة التحدث، أن استدعاءه وإن بصفة شاهد أمام المحكمة مخالف للدستور بسبب الحصانة الرئاسية التي يوفرها له إبان رئاسته، مضيفا أن استدعاءه يعني ضرب المبدأ الدستوري القائل بفصل السلطات، لا بل إن ما طلبه القاضي يخالف نص الدستور وروحيته. وقال ساركوزي حرفياً: «ليس لي الحق في أن أتخلى عن التزاماتي الدستورية التي تتعلق بي كرئيس سابق للجمهورية». وأضاف: «بصفتي رئيسًا للجمهورية، لست مضطرًا إلى تقديم تقرير عن تنظيم حكومتي أو الطريقة التي مارست بها ولايتي».
وأشار الى أن كل الدراسات التي صدرت بخصوص هذه القضية ذهبت كلها الى تأكيد حصانته. وكان لافتا أن رئيس المحكمة القاضي بلانشيه، أصر رغم رفض ساركوزي الشهادة، على طرح الأسئلة الكثيرة التي أعدها. إلا أن الأخير التزم الصمت بعد أن عاد الى ارتداء كمامته الواقية ما فهم منه أنه مصر على عدم الإجابة.
هكذا أسدلت الستارة على هذا الجانب الرئاسي من القضية ولم يعرف المسلك الذي سيذهب إليه رئيس المحكمة لاحقا. إلا أن المحاكمة ستتواصل بحضور الأشخاص الخمسة الآخرين الضالعين في هذه القضية.
ومع تتابع المسائل القضائية المرتبطة بولاية ساركوزي، يبقى الأخير شخصية مركزية لليمين الذي يلجأ إليه كلما نشبت أزمة داخله. وبما أن فرنسا تعيش حاليا بدايات الحملة الرئاسية، فإن صوت ساركوزي يبقى مؤثرا باعتباره الرئيس اليميني الوحيد الذي عرفته فرنسا منذ عشرين عاما والشخصية التي تمكّنت من توحيد صفوف اليمين المبعثرة هذه الأيام.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».