تصاعد جرائم الانقلابيين في مأرب ودعوات لتدخل دولي

الميليشيا قتلت 40 مدنياً بصاروخين استهدفا مركزاً سلفياً ومسجداً

دمار في مسجد خلّفه قصف الحوثيين على شمال مأرب أمس (أ.ف.ب)
دمار في مسجد خلّفه قصف الحوثيين على شمال مأرب أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعد جرائم الانقلابيين في مأرب ودعوات لتدخل دولي

دمار في مسجد خلّفه قصف الحوثيين على شمال مأرب أمس (أ.ف.ب)
دمار في مسجد خلّفه قصف الحوثيين على شمال مأرب أمس (أ.ف.ب)

أثار استمرار جرائم الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في مأرب وغيرها من المحافظات اليمنية غضباً واسعاً في الأوساط الحقوقية والحكومية، بالتزامن مع دعوات لتدخل أممي ودولي لحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية وذلك غداة قيام الجماعة باستهداف مركز سلفي ومسجد جنوب مديرية الجوبة ما أوقع نحو 40 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.
وبحسب مصادر يمنية حقوقية وبيانات حكومية، أقدمت الميليشيات مساء الأحد على قصف المركز السلفي الذي يديره الشيخ يحيى الحجوري في منطقة العمود بما في ذلك سكن الطلبة والمسجد بصاروخين باليستيين، ما أدى إلى سقوط هذا العدد من الضحايا.
وفي الوقت الذي تسعى الميليشيات إلى اقتحام المناطق المتبقية في مديرية الجوبة غرب محافظة مأرب عبر هجمات مكثفة وقصف صاروخي وبالطائرات المسيرة، تسبب ذلك في إجبار آلاف المدنيين على الهروب باتجاه مدينة مأرب في ظل ظروف إنسانية بالغة التعقيد.
في السياق نفسه، ذكرت المصادر الرسمية أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك بحث (الاثنين) في اتصال هاتفي مع المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى اليمن ديفيد غريسلي، الوضع الإنساني للنازحين والمهجرين في مديريات محافظة مأرب جراء استمرار العدوان الحوثي والاستهداف الهمجي للسكان والقرى والمناطق الآمنة بالصواريخ الباليستية والمسيرات.
ودعا بن مبارك الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة لاستمرار قيامها بدورها الإنساني المقدر من قبل الحكومة اليمنية، بعيداً عن تدخلات وضغوطات ميليشيات الحوثي وعدم السماح لتلك الميليشيات باستخدامها للتغطية على جرائمها ضد الإنسانية، كما طالب برفع مستوى التدخلات الإنسانية لمواجهة الفجوة في المساعدات الإغاثية نتيجة ارتفاع أعداد النازحين، حيث بلغ عددهم خلال الشهرين الماضيين فقط أكثر من ٥٠ ألف نازح في مديريات جنوب مأرب.
من جهتها قالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب (حكومية) إن أكثر من ثمانية آلاف أسرة نزحت من مديريات مأرب الجنوبية جراء تصاعد القتال منذ مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفيما لم تتوقف الهجمات الحوثية العدائية على الآمنين في عزلهم وقراهم ومناطقهم الآهلة بالسكان، أوضحت الوحدة في بيان أن تلك الهجمات دفعت ما يزيد على 54.502 نازحاً ومهجراً قسرياً، يمثلون 8.088 أسرة، إلى ترك مناطقهم جراء استهداف التجمعات السكانية بالصواريخ الباليستية والقذائف في أطراف مديرية الجوبة التي ما زالت تشهد تصعيداً متواصلاً».
وبحسب البيان فقد نزحت 8 آلاف و88 أسرة من مديريات رحبة والجوبة والعبدية وحريب، وانتقلت إلى مناطق آمنة في مركز المحافظة ومديرية الوادي بمحافظة مأرب نفسها، في ظل تردٍّ للأوضاع الإنسانية وبطء شركاء العمل الإنساني، واتساع فجوة الاحتياجات الإنسانية في كافة المجالات الأساسية.
ودعت الوحدة التنفيذية الحكومة والمجتمع الدولي والوكالات الأممية والمنظمات إلى تحمل مسؤوليتهم الإنسانية في حماية المدنيين والنازحين والاستجابة العاجلة والطارئة لاحتياجاتهم الضرورية والمنقذة للحياة في كافة المجالات الإنسانية.
ومع هذا التصعيد الحوثي في استهداف المدنيين وتصعيد القتال في جنوب مأرب، نددت 20 منظمة مجتمع مدني، بالانتهاكات التي ترتكبها الجماعة بمديرية الجوبة، وما يقابلها من صمت دولي.
وأكدت المنظمات في بيان مشترك، أن استهداف الميليشيا الحوثية لمنازل المواطنين ومسجد قرية الجرشة بالقصف المدفعي والصاروخي المتعمد نتج عنه أضرار بالمدنيين خصوصاً الأطفال، وكذلك بالممتلكات العامة والخاصة.
كما نددت بقصف قرية العمود بذات المديرية واستهداف منزل الشيخ القبلي عبد اللطيف نمران القبلي، والذي راح ضحيته وفق الإحصائية المؤكدة ستة قتلى وأربعة عشر مصاباً جميعهم من المدنيين.
وأشارت المنظمات إلى أن هذه الأفعال مدانة ومجرمة بنصوص القانون الدولي الإنساني؛ كونها جرائم حرب تستوجب من الأمم المتحدة بخبرائها ومنظماتها وأجهزتها المعنية بحماية حقوق الإنسان، ما هو أكثر من الإدانة والشجب.
وشددت على أن هذه الأفعال تستدعي الانتقال إلى ما هو أكثر ضماناً وتأميناً للأبرياء ومؤدياً إلى كبح جماح الجهة المسئولة عن هذه الاعتداءات والمتمثلة بجماعة الحوثي المسلحة.
وعبرت منظمات المجتمع المدني، عن أسفها للصمت الحقوقي الدولي أمام مسلسل الانتهاكات الذي تتصاعد أحداثه المأساوية بشكل مخيف يوماً بعد يوم، كما طالبت شركاء العمل الحقوقي والإنساني الدولي والإقليمي بالالتفات لما يحدث في المحافظة المكتظة بالمدنيين والنازحين، للقيام بالواجب الأخلاقي والإنساني في حماية المدنيين والنازحين من الهجمات العدائية التي تستهدف حياتهم بشكل يومي.
ودعا البيان الحقوقي المشترك إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية لطمأنة الضحايا وكل المتضررين بإجراءات فعالة تضمن عدم إفلات المجرمين ومرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات من العقاب.
يشار إلى أن الأوساط الحقوقية اليمنية والحكومية كانت قد عبرت عن سخطها جراء تقصير المجتمع الدولي في حماية المدنيين في مديريات جنوب محافظة مأرب ووقف جرائم الميليشيات الحوثية.
وفي وقت سابق عبر معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، عن أسفه للزيارة التي أجراها منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لدى اليمن ديفيد غريسلي إلى مديرية العبدية بمحافظة مأرب، برفقة قيادي حوثي متورط في جرائم الحرب والإبادة والتهجير القسري لليمنيين.
وقال الإرياني في تصريحات رسمية: «إن ميليشيا الحوثي الإرهابية وظفت تلك الزيارة للتغطية على جرائمها وانتهاكاتها التي ارتكبتها ولا تزال بحق أبناء مديرية العبدية».
وأشار إلى أن المنظمات الدولية ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لدى اليمن، تجاهلوا الدعوات والمناشدات التي أطلقتها الحكومة والسلطة المحلية بمحافظة مأرب ومديرية العبدية ومنظمات حقوق الإنسان، طيلة شهرين، لوقف جرائم الحرب التي ترتكبها ميليشيا الحوثي بحق أبناء العبدية ورفع الحصار عن المديرية.
‏وقال الإرياني: «بعد ساعات من زيارة منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لدى اليمن، ونائبه، لمديريتي العبدية والجوبة، قصفت الميليشيا الحوثية بالصواريخ الباليستية (إيرانية الصنع) منازل المواطنين في عزلتي الجرشة والعمود بمديرية الجوبة، ما أسفر عن مقتل 12 مدنياً معظمهم من النساء والأطفال».
واستغرب وزير الإعلام اليمني «من أن تتحول المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية إلى أدوات تستخدمها ميليشيا الحوثي الإرهابية لغسل جرائمها وانتهاكاتها غير المسبوقة وتبييض أياديها الملطخة بدماء اليمنيين، وتضليل الرأي العام المحلي والدولي». وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).