رغم مرور عام على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا بين طرفي الصراع، فإن قطاعاً كبيراً من السياسيين والمواطنين لا يزال يعيش حالة من الخوف والترقب؛ مخافة اندلاعها من جديد.
واحتفى المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، وسفير الولايات المتحدة ومبعوثها الخاص لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، بمرور عام على الاتفاق، الذي وقّعه أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بجنيف في 24 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، ونوّها بما ترتب على الاتفاق من بدء مفاوضات المسار السياسي، والتوافق على وضع خريطة طريق تنتهي بإجراء الانتخابات العامة قبل نهاية العام الحالي، لكن رغم ذلك يرى سياسيون وبرلمانيون أن كثيراً من النقاط المتعلقة بما بعد الاتفاق «لا تزال دون حل».
وقال عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إنه «لم يتم الاقتراب من معالجة النقاط الخلافية الجوهرية المُشكلة للأزمة الليبية»، ورأى أنه على الرغم من انتخاب حكومة «وحدة وطنية»، فإنها «لم تملك أي قوة خاصة بها لفرض سلطتها على الأرض في مواجهة الميلشيات المسلحة بالغرب الليبي، وعلاوة على عدم قدرتها على توحيد المؤسسات وخاصة العسكرية».
وذهب التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تركيا «لا تزال ترسل شحنات الأسلحة إلى قاعدة الوطية الجوية، وتدرّب عناصر من الميلشيات وغيرهم في كلياتها ومعاهدها العسكرية»، مؤكداً أن «الخلافات السياسية لا تزال عميقة جداً بين شركاء الوطن، وهناك جزء منها آيديولوجي وعقائدي. فـ(الإخوان) لم ولن يقبلوا بوجود قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر في المشهد السياسي، وعلى الجانب الآخر يتخوف الجميع من وجود ومشاركة الإخوان وحلفائهم بأي عملية سياسية؛ كونهم لا يؤمنون لا بالدولة ولا بالديمقراطية ولا بتداول السلطة».
ويرى التكبالي، أن السيناريوهات المستقبلة «ستظل ضبابية كالمشهد الراهن»، لافتاً إلى أن «الجيش الوطني يدرك ضخامة وحداثة الترسانة التسليحية، التي نقلتها تركيا للميلشيات بالغرب الليبي»، وقال بهذا الخصوص «لو أجريت الانتخابات فستكون الأسوأ في تاريخنا؛ لأن شريحة كبيرة من الشباب لم تدرك شيئاً عن قيمة الدولة وسيادة القانون كونها تربت على قوة السلاح فقط، وبالتالي لا يتوقع منه الإيمان بالانتخابات والقبول بنتائجها».
وحذر التكبالي من أن «الإخوان قد يكونون هم الرابحون فقط في هذه الانتخابات»، التي توقع أن يشاركوا فيها «بشخصيات مستترة».
أما عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، فيرى أن اتفاق جنيف «وُلد هشاً، ما جعل الليبيين يعيشون في حالة من الترقب الحذر والتخوف من العودة للحرب». معتبراً أن هذا الاتفاق «أوجد توحيداً شكلياً فقط للمؤسسات، دون العمل بشكل حقيقي على الانتهاء من انقسامها؛ إذ إن خلافات الأفرقاء وفقدان الثقة بينهم تغلبت على أي بنود تم إدراجها بهذا الاتفاق؛ وهو ما عرقل مسار المفاوضات، التي انطلقت في أعقاب توقيعه»، مدللاً على ذلك بالخلافات المحتدمة حول القانونين المنظمين للعملية الانتخابية. وزاد بن شرادة موضحاً «إصرار مجلس النواب على الانفراد بإقرار هذين القانونين، بعيداً عن التشاور مع مجلس الدولة، شكّل اختراقاً كبيراً سيتم استغلاله من قبل معرقلي العملية الانتخابية، كما أنه سيكون أحد الأبواب الواسعة للاعتراض ورفض نتائج الانتخابات مقدماً».
بدوره، أكد مقرر عام «الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي»، رمضان التويجر، أن توقيع الاتفاق الذي تمخض عنه وقف القتال «كان أمراً مهماً، لكن يجب البحث عن استقرار دائم يؤدي لتنمية حقيقة. وللأسف، فإن كل المعطيات الموجودة حتى الآن لا تشير إلى ذلك».
وقال التويجر لـ«الشرق الأوسط»، «ليس مستغرباً أن قطاعاً كبيراً من الليبيين لا يزالون يشعرون بالخوف من المستقبل، وأن الغد قد يحمل معه رياح الحرب أو عودة الانقسام»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد ما يبدد مخاوفهم، مثل إحراز تقدم في ملفات توحيد المؤسسة العسكرية، أو خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية».
وأضاف التويجر موضحاً، أن حكومة الوحدة «أيّدت طرح بعض الدول المتصارعة على أرضنا في أن يكون خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا تدريجياً لا فورياً، وكأن هناك نوعاً من الاعتقاد بأن بقاءهم قد يؤدي إلى استقرار البلاد». محذراً من مغبة تأخير خروج العناصر الأجنبية من الأراضي الليبية؛ لأن «بقاءها لفترات طويلة قد يسهم في تقسيم ليبيا لمراكز نفوذ لقوى دولية، بحيث يكون لكل دولة قواعدها المستقرة فوق أراضينا، وإن لم تكن بشكل رسمي، وقد لا يتردد هؤلاء في تغذية الصراع بين الأطراف الليبية لعرقلة خروجهم».
بعد عام على وقف النار... الخوف لا يزال طاغياً في ليبيا
بعد عام على وقف النار... الخوف لا يزال طاغياً في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة