دعا حقوقيون الرئيس التونسي قيس سعيد إلى «الكف نهائياً عن خطابات التخوين والتشهير والعنف والسخرية من معارضيه»، معتبرين أنها «لا تزيد الأوضاع إلا احتقاناً وتقسيماً وتفرقة، وبثاً للبغضاء والكراهية». كما طالبته بالتوقف عن «توظيف مؤسسات الدولة والضّغط عليها، وتهديد القائمين عليها، خصوصاً السلطة القضائية».
وأهابت هذه الشخصيات الحقوقية بالمجلس الأعلى للقضاء والقضاة وهياكلهم المهنية بـ«التمسك باستقلاليتهم وتحكيم علوية القانون، واحترام قرينة البراءة، وعدم الخضوع لأي ضغوطات سياسية وأي تهديدات أو ابتزاز، من شأنها أن تعيد مؤسسة القضاء إلى مربع الأوامر والتعليمات»، على حد تعبيرها.
في السياق ذاته، عبرت هذه الشخصيات الحقوقية عن تضامنها مع سمير الطيب، وزير الفلاحة الأسبق والرئيس السابق لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يساري)، بعد إيداعه السجن بتهمة إبرام صفقة بين وزارة الفلاحة وشركة خاصة سنة 2014. وأوضحت أن إيقاف الطيب «جاء في مناخ عام يتسم بالتحريض والكراهية»، وقالت إنه تعرض لحملة تشويه ومغالطات، وتشفٍّ عبر منصات التواصل الاجتماعي، منددة في بيان أمس، باقتحام منزله وسرقة محتوياته في ممارسات يجرّمها القانون.
وضمت قائمة الشخصيات الحقوقية جمال مسلم، رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، ومسعود الرمضاني ممثل «اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان» في تونس، وخميّس الشماري، سفير تونس السابق لدى اليونسكو، ومنذر الشّارني، محامي وكاتب عام «المنظّمة التّونسية لمناهضة التعذيب»، إضافة إلى مالك كفيف، عضو «الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر»، وكمال الجندوبي الوزير الأسبق والرئيس الشرفي لـ«الشبكة الأورو - متوسطية للحقوق».
من جهة ثانية، قال زهير المغزاوي، رئيس حزب حركة الشعب، الداعمة للمسار التصحيحي في تونس، إن حزبه يدعو إلى «إطلاق حوار وطني يشارك فيه الشباب والأحزاب السياسية التقدمية، والمنظمات الوطنية، دون إقصاء لأحد»، مطالباً بتحديد سقف زمني للمرحلة الاستثنائية.
وأكد المغزاوي في اجتماع مع أنصار حزبه في ولاية (محافظة) جندوبة (شمال غربي)، أن الأمر الرئاسي، المتعلق بتنظيم حوار وطني، «لم يصدر بعد، وما زالت بعض الجوانب المتعلقة به غامضة، باستثناء أنه سيكون حواراً مع الشعب وللشعب، خصوصاً الشباب».
وأوضح المصدر ذاته أن حركة الشعب «يهمها أن تبين لرئيس الجمهورية أن الانتقال من مرحلة الفساد السياسي إلى الديمقراطية السليمة لا يستطيع الرئيس إنجازه لوحده، أو بصفة منفردة، بل يتطلب ذلك توسيع المشاورات مع الذين تتقاطع رؤاهم حول مصلحة تونس»، على حد تعبيره.
ودعا المغزاوي في هذا السياق إلى تعديل النظام السياسي والقانون الانتخابي على قاعدة الحوار والتشاور، بالتزامن مع إصلاح النموذج الحالي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي فاقم البطالة والفقر، وأطال الارتهان للخارج، حسب قوله.
ولتجاوز حالة الضبابية السياسية في تونس، باتت جل الأحزاب السياسية، سواء الداعمة لرئيس الجمهورية في التدابير الاستثنائية التي اتخذها، أو الرافضة لقراراته، تمارس ضغوطاً متزايدة على مؤسسة الرئاسة من أجل ضمان مشاركتها في جلسات الحوار الوطني، المزمع تنظيمه قريباً. فيما تسعى المنظمات الحقوقية والاجتماعية إلى إنهاء حالة الغموض، بالدعوة إلى إشراك كل مكونات المشهد السياسي التونسي في هذه الجلسات، وألا تقتصر على أطراف سياسية بعينها.
ويرى عدد من المراقبين أن الأطراف والأحزاب الداعمة بشدة لقرارات 25 يوليو (تموز) الماضي، انضمت إلى ركب الضاغطين على رئاسة الجمهورية حتى لا تقصيهم من جلسات الحوار، وهو ما لم يكن مطروحاً في البداية، بعد التخلص من حركة النهضة، الغريم السياسي الأول لحركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي.
تونس: حقوقيون يطالبون سعيّد بوقف خطابات «تخوين المعارضين»
تونس: حقوقيون يطالبون سعيّد بوقف خطابات «تخوين المعارضين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة