جدل الانتخابات يحتدم في ليبيا

«الرئاسي» يتراجع عن إعلان تأجيلها والبعثة الأممية تضغط على البرلمان

صورة وزعها مكتب إعلام المجلس الرئاسي لاجتماع رئيسه محمد المنفي أمس في طرابلس مع رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري
صورة وزعها مكتب إعلام المجلس الرئاسي لاجتماع رئيسه محمد المنفي أمس في طرابلس مع رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري
TT

جدل الانتخابات يحتدم في ليبيا

صورة وزعها مكتب إعلام المجلس الرئاسي لاجتماع رئيسه محمد المنفي أمس في طرابلس مع رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري
صورة وزعها مكتب إعلام المجلس الرئاسي لاجتماع رئيسه محمد المنفي أمس في طرابلس مع رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري

احتدم الجدل أمس حول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في ليبيا قبل نهاية العام الجاري، وسط مؤشرات على خلافات بين أعضاء المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي بشأن مبادرة تتعلق بإعلان تأجيل الانتخابات إلى شهر مارس (آذار) المقبل، بسبب عدم التوافق على قوانينها بين مجلسي النواب والدولة.
وسعت بعثة الأمم المتحدة للضغط على مجلس النواب بدعوته قبل جلسته المقبلة بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، لاعتماد التعديلات اللازمة على الإطار القانوني للانتخابات، بما في ذلك تلك التي طرحتها المفوضية العليا.
كما حضت البعثة على «إزالة القيود المفروضة على المشاركة في الانتخابات للسماح لليبيين الذين يشغلون مناصب عامة بفرصة تجميد مهامهم من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية». وقال بيان للبعثة إن ذلك من شأنه «إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية بشكل متزامن في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بما يتماشى مع خريطة الطريق السياسية الليبية، وقراري مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر برلين الثاني لليبيا».
وبعدما أكد أن الإطار القانوني «الشامل فقط هو ما سيمهد الطريق أمام إجراء انتخابية شاملة وذات مصداقية»، اعتبر البيان أن احترام مبدأ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة ضروري للحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية وتعزيز مصداقيتها، وكفالة حق الشعب الليبي وتطلعاته في انتخاب من يمثله ويقوده بطريقة ديمقراطية، فضلاً عن القبول بنتائج الانتخابات».
بدوره، جدد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا مارك فرانش، دعم المجتمع الدولي للانتخابات المقبلة، من خلال مشروع بيبول، والاتفاقات التي أبرمها المشروع مع الدول المانحة، للرفع من مستوى جاهزية مفوضية الانتخابات، لتنظيمها وفق أعلى المعايير المهنية. وناقش في اجتماع عقده مساء أول من أمس مع عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات مستجدات العملية الانتخابية والتقدم الذي أحرزته المفوضية لتنفيذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تزامنياً، وسبل دعم المجتمع الدولي للانتخابات المقبلة.
ورحب موسى الكوني نائب المنفي ببيان البعثة الأممية، وشدد على الالتزام بما ورد فيه، واعتبر في تغريدة له عبر تويتر «أن أي اجتهاد مغاير لن يمثل المجلس الرئاسي دون اتفاق الأعضاء الثلاثة للمجلس الرئاسي، ووفق محضر مُوقع، غير ذلك هو رأي شخصي».
وأبلغ المجلس الرئاسي الصحافيين أمس بتأجيل مؤتمر صحافي كان مقرراً أن يعقده عبد الله اللافي النائب الثاني للمنفي لإعلان مبادرة لتأجيل موعد الانتخابات، إلى أجل غير مسمى.
وقال محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي لدى افتتاح فعاليات الملتقى الليبي للاستقرار بالعاصمة، إن المجلس الرئاسي، يعمل على تنفيذ كل الخطوات في هذه المرحلة لتحقيق الاستقرار، من خلال العمل على توحيد كل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية، التي تعد جزءاً مهماً للوصول إلى استقرار بلادنا، وكذلك المصالحة الوطنية الشاملة، واعتبر أنه لا يمكن عبور المرحلة إلا من خلال مصالحة سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية وعسكرية. كما أكد المنفي أن المجلس الرئاسي يؤسس لمصالحة وطنية تشمل كل فئات الشعب، على ركائز صحيحة وبشكل مؤسسي، داعياً إلى التعاون والتضامن من أجل أن يكون استقرار البلاد قريباً، وصولاً إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد. وبحث المنفي أمس مع رئيس مجلس النواب المكلف، فوزي النويري، آخر تطورات المشهد السياسي في البلاد.
في المقابل، اتهم 44 من أعضاء مجلس النواب، مفوضية الانتخابات بأنها تريد إجراء تعديلات سياسية وليست فنية على قوانين الانتخابات.
ورداً على بيان البعثة الأممية، أكد هؤلاء الأعضاء في بيان لهم أمس أن مجلس النواب أنهى كل التزاماته بإصدار القوانين الانتخابية، وأعربوا عن رفضهم ما وصفوه بالتدخل السافر للبعثة والسفراء الأجانب واستقواء مفوضية الانتخابات بالخارج لفرض تعديلات سياسية.
وكان عبد الله بليحق الناطق باسم مجلس النواب نفى عقد جلسة للمجلس هذا الأسبوع، وأبلغ وسائل إعلام محلية أمس بأنه لم يصل إليه شيء من رئاسة المجلس بشأن مقترح تعديل قانون الانتخابات الرئاسية.
من جهته، تقدم خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، بطعن أمام المحكمة العليا بعدم دستورية قانون الانتخابات الرئاسية، ضد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ونائبه فوزي النويري ورئيس مفوضية الانتخابات.
وقبل أسبوعين من فتح باب الترشح، قدمت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا إفادة رسمية بتسلمها طعن المشري في القانون، الذي وصفه وزير العدل الأسبق محمد العلاقي بأنه قانون معيب، وقال في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الليبية إنه تقدم مؤخراً بطعن إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا لبطلان هذا القانون.
وكان المجلس الرئاسي يستعد على ما يبدو لإعلان مبادرة تقضي بتأجيل الانتخابات إلى مارس المقبل، بسبب طعن المشري وعدم إنجاز قاعدة دستورية، وقالت مصادر إن هذه المبادرة كان مقرراً عرضها في مؤتمر استقرار ليبيا الذي استضافته طرابلس الأسبوع الماضي. إلى ذلك، طالبت المؤسسة الوطنية للنفط، بإطلاق سراح عضو مجلس إدارتها أبو القاسم شنقير، الذي اعتقل مساء أول من أمس أثناء عودته من السفر برفقة أسرته، بمطار معيتيقة في طرابلس.
وقال بيان للمؤسسة، إن عملية الاعتقال جاءت بطريقة تعسفية وغير لائقة ولا ترتقي لمستوى المسؤولية في التعامل مع شخصية عامة ووطنية.واعتبر أن اعتقاله يأتي في إطار الحرب الممنهجة ضدها، والتي يشنها تحالف كبير جمع بين بعض الميليشيات والمهربين وبعض الشخصيات الفاسدة من السياسيين وبعض المؤدلجين وأصحاب المصلحة المشتركة ضدها.
وطالبت المؤسسة، المجلس الرئاسي والحكومة المؤقتة ومكتب النائب العام إلى اتخاذ الإجراءات القانونية، كما طالبت الأمم المتحدة ومنظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان بالتدخل الفوري والعاجل لإطلاق سراحه. وعدت المؤسسة عملية الاعتقال دليلاً على حالة من التخبط والفوضى بالبلاد، وعدم اتباع الإجراءات الرسمية في الاستدعاء والتحقيق. بدورها، وصفت شركة راس لانوف توقيف شنقير بتصرف أرعن خارج عن القانون ولا يعبر عن دولة القانون والمؤسسات، وقالت إن هذا العمل الخبيث في إطار الحرب الممنهجة التي يشنها تحالف الشر ضد مؤسسة النفط، وطالبت المسؤولين عن اختطافه بالإفراج عنه فوراً، وإطلاق سراحه دون قيد أو شرط.
إلى ذلك، أعلنت السلطات في طرابلس عن مؤتمر صحافي للواء حسين رمضان آمر مركز العمليات المشتركة بطرابلس الكبرى، سيتم خلاله الإعلان عن ندوة جمع السلاح واحتكاره من قبل الدولة وفق القانون.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).