انضمام دبلوماسي أميركي لاجتماع «خلية الأزمة» يثير تساؤلات

رؤساء الحكومات اللبنانية السابقون عدّوا دعوته «دعسة ناقصة»

TT

انضمام دبلوماسي أميركي لاجتماع «خلية الأزمة» يثير تساؤلات

انشغل الوسط السياسي في لبنان باستكشاف الأسباب التي كانت وراء دعوة القائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت، مايكل ريتشارد، إلى حضور اجتماع خلية الأزمة التي شكّلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون لمواكبة الجهود المحلية والدولية الرامية إلى إنقاذ علاقات لبنان بدول الخليج العربي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية بأن حضور ريتشارد الاجتماع جاء بطلب من ميقاتي تبلغه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب للوقوف منه على ما لديه من معطيات تتعلق بالاتصالات الدولية الرامية لرأب الصدع، في موازاة الاتصالات التي يتولاها ميقاتي شخصياً في ضوء استعداده للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن.
وكشفت المصادر عن أن أعضاء خلية الأزمة فوجئوا بحضور ريتشارد الاجتماع، وهذا ما دفع بهم إلى سؤال بو حبيب عن الدوافع التي استدعت حضوره، وأن بعضهم صارحه بقوله إن حضوره ليس مناسباً ويشكل إحراجاً له وكان يمكنه أن يلتقيه جانباً بعيداً عن الإعلام، وقالت إن وزير المالية يوسف الخليل اضطر لمغادرة الاجتماع قبل انفضاضه ليتبين لاحقاً أنه كان على موعد مسبق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يفضّل أن تُبحث أزمة العلاقات اللبنانية - الخليجية بصمت بلا أي ضجيج إعلامي بعد أن تردد أن قرداحي طلب موعداً للقائه.
وأكدت المصادر أن ريتشارد صارح أعضاء الخلية بضرورة بقاء الرئيس ميقاتي على رأس الحكومة وأن لا مصلحة في استقالته، ليس لاحتمال عدم توفر البديل فحسب؛ وإنما لوجود مخاوف من ذهاب البلد إلى الفوضى والفلتان في الوقت الذي هو في أحوج إليه لمتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإنقاذه من الكوارث الاقتصادية والمالية من جهة؛ ولمواصلة الجهود لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها لأنه لا مفر من إنجاز هذا الاستحقاق، من جهة ثانية.
ولفت إلى أن واشنطن وباريس تتوليان الاتصالات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج لوقف تدهور العلاقات، وقال إنهما يدعمان بقاء الحكومة، كما قال عضو في خلية الأزمة لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أنه فتح الباب أمام التداول بما هو مطلوب من مقترحات لمعالجة هذه الأزمة لأنه لا مصلحة في أن تبلغ مرحلة اللاعودة.
وأكد أن أعضاء خلية الأزمة «ركّزوا على سؤال أساسي يتمحور حول ما إذا كانت استقالة الوزير قرداحي تفتح الباب أمام البدء في معالجة هذه الأزمة». وكشف عن أن «بعض زملائه تواصلوا معه ودعوه إلى تقديره المصلحة الوطنية التي تتطلب منه اتخاذ الموقف الذي يخدم تجاوزها ويؤدي إلى تصويب العلاقات وتصحيحها».
ومع أن ريتشارد عدّ أن ما سمعه من الوزراء بخصوص استقالة قرداحي يستدعي ملاحقته باعتبار أنه المدخل للولوج إلى حل الأزمة، فإن رؤساء الحكومات السابقين، بحسب مصدر مقرب منهم، فوجئوا بحضور ريتشارد وعدّوا أن حضوره يأتي في سياق لزوم ما لا يلزم وأنه «دعسة ناقصة» و«لم يكن من مبرر لمشاركته في الاجتماع».
ورأى المصدر أنه «لم يكن من داعٍ لذهاب البعض للتعاطي مع حضوره كأن لبنان الرسمي يستقوي بواشنطن للضغط على دول الخليج بدلاً من أن يبادر باعتباره هو من يتحمّل مسؤولية إزاء تراكم المشكلات التي كانت وراء قرارها، وبالتالي فإن تبسيط الأزمة ليس في محله بصرف النظر عما سيؤول إليه حضوره من نتائج».
وسأل: «هل دخول (حزب الله) على خط ملف الأزمة سيزيد في صعوبة تصويب العلاقات اللبنانية - الخليجية في الاتجاه الصحيح؟ أم إنه، كما يبدو، بدأ يشكل خطاً اعتراضياً أطل بموقفه من دعوة قرداحي إلى الاستقالة التي شكلت له (حاضنة) ربما تدفعه إلى إقفال الباب في وجه زعيم (تيار المردة) سليمان فرنجية الذي وضع استقالته بين يديه».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).