مطالبات غربية للسلطات السودانية بـ«احترام حق التظاهر»

واشنطن ولندن تؤكدان دعمهما للتحوّل الديمقراطي

متظاهرون في جنوب الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون في جنوب الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
TT

مطالبات غربية للسلطات السودانية بـ«احترام حق التظاهر»

متظاهرون في جنوب الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون في جنوب الخرطوم أمس (إ.ب.أ)

أكد عدد من المسؤولين والدبلوماسيين الغربيين، أمس، أنهم يراقبون أحداث السودان عن كثب، خصوصاً ما إذا كانت القوات الأمنية تستخدم العنف ضد المتظاهرين السلميين، مؤكدين مساندتهم لمطالب الشعب السوداني بالعودة إلى الحكم المدني، والتمسك بالتحول الديمقراطي.
وقالت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، أمس السبت، على «تويتر»، نقلاً عن المبعوث البريطاني الخاص للسودان روبرت فيرويذر، إن قوات الأمن السودانية يجب أن تحترم حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي. وأضاف فيرويذر: «سيخرج كثير من السودانيين في مظاهرات بالشوارع، ومن الضروري أن تحترم القوات الأمنية حرية وحق التعبير عن الرأي، وستتحمل أجهزة الأمن وقياداتها المسؤولية عن أي عنف ضد المتظاهرين».
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دعم بلاده للمواطنين السودانيين في سعيهم لتحقيق الديمقراطية، قائلاً في تغريدة على موقع «تويتر»، تحمل أيضاً بياناً من الرئيس جو بايدن، إن «الولايات المتحدة تواصل دعم الشعب السوداني في كفاحهم السلمي لتحقيق الديمقراطية». وأضاف بلينكن أن «قوات الأمن السودانية يجب أن تحترم حقوق الإنسان... وأن أي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول» لدى الإدارة الأميركية.
كما ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجيش في السودان، السماح بالمظاهرات دون التعرض لها بالقمع. وقال في روما على هامش قمة مجموعة العشرين، إنه يتعين على الجيش إظهار ضبط النفس لتجنب سقوط المزيد من الضحايا. وأكد أنه «يجب أن يتم السماح للمواطنين بالتظاهر». وأدان غوتيريش الانقلاب العسكري مجدداً، ودعا إلى العودة إلى الحكم المدني.
وطالبت الولايات المتحدة، قادة الانقلاب العسكري في السودان، بالامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين الذين يعبرون عن احتجاجهم على سيطرة الجيش على السلطة، وقالت إن «رد فعل الجيش على المتظاهرين سيكون اختباراً لنياته». وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين، طالباً عدم نشر اسمه، «سيظهر مؤشر حقيقي على نيات الجيش في تعامله من الاحتجاجات السلمية». وأضاف: «ندعو قوات الأمن إلى الإحجام عن أي شكل من أشكال العنف ضد المحتجين والاحترام الكامل لحق المواطنين في التظاهر السلمي». وأشار المسؤول إلى شعور واشنطن بالارتياح للسماح لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بالعودة إلى منزله، لكنه أضاف أن هذا لا يكفي، لأن حمدوك لا يزال رهن الإقامة الجبرية، ولا يمكنه مواصلة عمله أو التحرك بحرية.
وقال المسؤول الأميركي إن واشنطن تتفهم شكوك الزعماء المدنيين السودانيين في العمل مع قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، ومع الجيش، لكنه أضاف أن الاستبعاد الكامل للجيش ليس أمراً واقعياً. وأضاف عن البرهان: «إنه واجهة لخذلان تطلعات الشعب السوداني واختطاف المؤسسات المدنية». وقال إن الزعماء المدنيين سيبحثون عن تطمينات قبل الإقدام على العمل معه، وهو أمر قال إنه يجب عليهم رغم ذلك أن يفعلوه. وأضاف: «لن يرغب شركاؤنا المدنيون في سماعي أقول هذا، لكن ليس من الواقعي الاعتقاد بأنكم ستتمكنون من النجاح في الانتقال، إذا استبعدتم الجيش تماماً من العملية». غير أن قيادة القوى المدنية في السودان أكدت أنها لا تريد إبعاد كامل الجيش، بل فقط البرهان، لأنهم لم يعودوا يثقون به بعد أن خان اتفاق شراكة الحكم، وانقلب على الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.