مصر تدعو مجدداً لاتفاق ينظم ملء وتشغيل «سد النهضة»

الري تحدثت عن «أضرار» لحقت بدولتي المصب

وزير الري المصري يلتقي متدربين من 17 دولة أفريقية يشاركون في دورة بالقاهرة (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
وزير الري المصري يلتقي متدربين من 17 دولة أفريقية يشاركون في دورة بالقاهرة (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
TT

مصر تدعو مجدداً لاتفاق ينظم ملء وتشغيل «سد النهضة»

وزير الري المصري يلتقي متدربين من 17 دولة أفريقية يشاركون في دورة بالقاهرة (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)
وزير الري المصري يلتقي متدربين من 17 دولة أفريقية يشاركون في دورة بالقاهرة (من صفحة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»)

دعت مصر مجدداً في إفادتين رسميتين إلى «التواصل لاتفاق في قضية (سد النهضة) الإثيوبي». وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن «النيل يُعد المصدر الوحيد لمياه الشرب والحياة لقرابة 100 مليون مصري، ما يستوجب التوصل إلى اتفاق قانوني ينظم عملية ملء وتشغيل السد». فيما تحدثت وزارة الري المصرية عن «أضرار لحقت بدولتي المصب جراء (الإجراءات الأحادية من قبل أديس أبابا».
وتقيم إثيوبيا منذ عام 2011 سداً عملاقاً على الرافد الرئيسي لنهر النيل؛ ولذلك تخشى دولتا المصب، مصر والسودان، من تأثيره سلبياً على إمداداتهما من المياه، فضلاً عن تأثيرات بيئية واجتماعية أخرى، مع احتمال انهياره.
وقال رئيس الوزراء المصري إن «قضية سد النهضة عملية طويلة الأمد، حيث بدأت المفاوضات بشأنها منذ 2011»، مشدداً بحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر أمس، على «إقرار مصر بحق كافة الدول في تنمية بنيتها التحتية؛ لكن من دون الإضرار بحقوق ومصالح دول الجوار، لا سيما أن النيل يُعد نهراً دولياً، والمصدر الوحيد لمياه الشرب والحياة لقرابة للمصريين، ما يستوجب معه التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم لتنظيم عملية ملء السد وتشغيله».
وأكد وزير الري المصري محمد عبد العاطي في إفادة أخرى أن «عدم وجود اتفاق قانوني عادل لسد النهضة، وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا، وقيام الجانب الإثيوبي بإصدار الكثير من البيانات والمعلومات المغلوطة، تسبب في حدوث أضرار كبيرة على دولتي المصب، والتأثير على النظام البيئي والمجتمعي، مثل حالات الجفاف والفيضان وتلوث المياه، التي عانت منها السودان، حيث تكلف دول المصب مبالغ ضخمة تُقدر بمليارات الدولارات، وذلك لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الإجراءات الأحادية».
واعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً رئاسياً منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، يشجع الدول الثلاث «مصر والسودان وإثيوبيا» على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول لاتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة». كما دعا الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الجاري إلى استئناف المفاوضات للتوصل لاتفاق، لأنه «أمر أساسي ولا مفر منه من أجل مصلحة دول حوض النيل».
ووفق وزير الري المصري، فإن «مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل؛ بل على العكس، لأن مصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية، من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها على الأرض»، موضحاً في تصريحات له مساء أول من أمس أن مصر «وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل، مثل خزان (أوين) بأوغندا، وسدود في إثيوبيا؛ لكن إنشاء سد بهذا الحجم الضخم (أي سد النهضة)، وبدون تنسيق بينه وبين السد العالي بمصر، هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذي يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا، رغم أن مصر عرضت على إثيوبيا عدداً من السيناريوهات، التي تضمن قدرة سد النهضة على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85 في المائة في أقصى حالات الجفاف».
وبحسب «الري» المصرية فإن «مصر قامت بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050، ووضعت خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037، بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار، من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار». كما تشير «الري» إلى أن «مصر تُعد من أكثر دول العالم التي تعاني من الشح المائي، حيث يصل نصيب الفرد من المياه في مصر إلى 570 متراً مكعباً في السنة، وهو ما يقترب من خط الفقر المائي».
في غضون ذلك، التقى وزير الموارد المصري، أمس، عدداً من المتدربين من 17 دول أفريقية، يشاركون في دورة «تصميم ومعايرة وتشغيل وصيانة المنشآت المائية»، التي ينظمها «المركز القومي لبحوث المياه» في القاهرة.
وقال عبد العاطي إن «الدورة تُعد إحدى الدورات التدريبية التي تقدمها الوزارة للمتدربين من الدول الأفريقية في مجال المياه، بهدف دعم القدرات البشرية للمتخصصين بالدول الأفريقية، بما يسمح بتحسين عملية إدارة الموارد المائية بهذه الدول».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.