بايدن يحذّر العسكريين من «تهديد المكاسب الإيجابية» في السودان

واشنطن تطالب بعدم استخدام العنف خلال «مليونية» اليوم... وغوتيريش يحض على «ضبط النفس»

الرئيس الأميركي جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن
TT

بايدن يحذّر العسكريين من «تهديد المكاسب الإيجابية» في السودان

الرئيس الأميركي جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن

طلب الرئيس الأميركي جو بايدن، من الكونغرس تمديد مفاعيل قانون الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بالسودان، محذراً من «التهديد» الذي تتعرض له «المكاسب الإيجابية» التي تحققت منذ عام 2019 عبر العملية الانتقالية. وأكد المبعوث الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان أن هناك «ضغوطاً دولية وإقليمية هائلة» سعياً إلى إعادة الحكومة المدنية إلى الحكم، في ظل تحذيرات من وزارة الخارجية ومن مسؤولين أمميين من حصول أعمال عنف خلال المظاهرات الجماهيرية المقررة اليوم (السبت)، في كل أنحاء هذا البلد العربي الأفريقي.
وكثف بايدن الضغوط التي تضعها الولايات المتحدة على السلطات العسكرية في السودان، ولكن هذه المرة قبل «الإنهاء التلقائي لحال الطوارئ الوطنية ما لم ينشر الرئيس (الأميركي) في السجل الفيدرالي وينقله في غضون 90 يوماً قبل تاريخ الذكرى السنوية لإعلانها». وهو بذلك يبلِغ الكونغرس بأن «حالة الطوارئ ستستمر سارية المفعول» بعد تاريخ 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأفاد بايدن في طلبه هذا بأن السودان «قطع خطوات واسعة في انتقاله نحو الديمقراطية منذ عام 2019 لكنّ استيلاء الجيش على الحكومة واعتقال القادة المدنيين الآن يهدد تلك المكاسب الإيجابية».
وكانت حال الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بالسودان قد أُعلنت في 3 نوفمبر 1997 ولا تزال سارية المفعول منذ ذلك الحين. وكذلك قال إن «الوضع في دارفور لا يزال يشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة».

- اختبار لنيات الجيش
وفي موازاة ذلك، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن المظاهرات المقررة اليوم (السبت)، ضد استيلاء العسكريين على الحكم ستكون «اختباراً لنيات الجيش السوداني في المضي قدماً»، داعياً القوات المسلحة إلى «الامتناع عن أي عنف ضد المحتجين». وعبّر عن ارتياح واشنطن لقرار السلطات العسكرية السماح لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، بالعودة إلى منزله، لكنه أشار إلى أن حمدوك «لا يزال قيد الإقامة الجبرية ولا يمكنه استئناف عمله».
وقدر مقتل ما بين 20 و30 شخصاً منذ استيلاء الجيش على السلطة، وهو رقم أعلى من عدد القتلى الثمانية الذي أعلنه مسؤولو الصحة السودانيون. وأكد أن واشنطن «قلقة حقاً» بشأن الرد على المظاهرات، موضحاً أن «الشعب السوداني يستعد للنزول إلى الشوارع (اليوم) احتجاجاً على الإطاحة العسكرية». ودعا قوات الأمن إلى «الامتناع عن كل أشكال العنف ضد المتظاهرين والاحترام الكامل لحق المواطنين في التظاهر السلمي»، مؤكداً أن هذا «سيكون مؤشراً حقيقياً إلى ماهية نيات الجيش». ونبه إلى أن الجيش السوداني «يمكن أن يحاول منع المظاهرات بالكامل أو إغلاق الطرق والجسور». كما قدر أن «نحو 30 شخصية سياسية لا يزالون محتجزين منذ الاستيلاء».

- فيلتمان يكشف تفاصيل
وأقر فيلتمان في مستهلّ مقابلة مع هيئة الإذاعة الوطنية «بي بي إس» الأميركية، بأنه «ليس من الواقعي الاعتقاد بأنه يمكن تهميش الجيش بالكامل بدءاً من المرحلة الانتقالية»، آملاً في علاقة «متكافئة» بين المدنيين والعسكريين عند العودة إلى المحادثات. ورأى أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان «سيكتشف» أنه ليس من السهل «إعادة السودان إلى ماضيه المظلم»، مشيراً إلى تأكيدات النشطاء أنهم «لن يعودوا إلى نوع النظام المنبوذ الذي كان في عهد الرئيس (عمر حسن أحمد) البشير». وأضاف أن هناك «ضغوطاً إقليمية ودولية هائلة» على البرهان، ومنها موقف الاتحاد الأفريقي الذي علق نشاطات السودان في الاتحاد الأفريقي، وبيان مجلس الأمن، وتصريحات عدد من الزعماء الدوليين، مشدداً على أن الولايات المتحدة «ليست وحدها التي ترفع الصوت ضد الاستيلاء العسكري» على السلطة، مكرراً اعتقاده أن البرهان «سيكتشف (أنه) ليس من السهل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء».
وكشف فيلتمان أن محادثات أُجريت على نطاق واسع إقليمياً ودولياً، موضحاً أن «هناك قلقاً مشتركاً حيال الاستقرار، قلقاً مشتركاً بشأن احتمالات حصول أعمال عنف، خصوصاً (اليوم) السبت، مع التخطيط للمظاهرات الجماهيرية». وذكّر بأن السودان «كان في طور إعادة هيكلة ما قيمته 85 مليار دولار من الديون»، مستبعداً أن يتمكن أحد من «استبدال المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية في التعامل مع القضايا الاقتصادية التي يواجهها السودان». ورأى أن «حماسة» المجتمع الدولي للمساعدة في التغلب على إرث سنوات البشير «تراجعت» بعد استيلاء العسكريين على الحكم. وكشف أيضاً أنه اجتمع مع البرهان مرتين لساعتين ونصف الساعة السبت الماضي ونحو ساعة على انفراد يوم الأحد الماضي في الخرطوم، نسباً إلى القائد العسكري السوداني الذي عبّر عن «مخاوفه في شأن العملية الانتقالية، وما رآه حجر عثرة في المرحلة الانتقالية ومشكلاتها، والفوضى على الجانب المدني، والافتقار إلى بعض المؤسسات». وقال إن قلق البرهان «لم يكن عن حسن نية»، إذ إن فيلتمان علم بما حصل عند وصوله في اليوم التالي، أي الاثنين، إلى الدوحة، مؤكداً أن البرهان ونائبه قائد قوات التدخل السريع محمد حمدان دقلو المعروف أيضاً باسم «حميدتي»، «لم يلمحا إطلاقاً إلى أنهما سيأخذان الأمور بأيديهما ويفرضان حل مجلس الوزراء من خلال الوسائل العسكرية»، بل «انخرطا معنا في عدد من الآليات التي كان من الممكن أن تعالج مخاوفهما الظاهرة حيال كيفية سير العملية الانتقالية». وعبر عن اعتقاده أنه يتعين العودة إلى آليات الإعلان الدستوري، معتبراً أن «الخطوة الأولى هي إنهاء مرسوم الطوارئ وإطلاق جميع المعتقلين» كي يتمكن المدنيون من «ممارسة المسؤوليات المدنية لعملية الانتقال، من دون خوف من الاستيلاء العسكري والاعتقال».
في غضون ذلك، كتب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، على «تويتر» أن «الولايات المتحدة ترحب بقرار مجلس الأمن الواضح في شأن السودان»، مضيفاً أن «المجتمع الدولي موحد في مواقفه بخصوص استيلاء العسكريين على السلطة ويطالب بعودة الحكم بقيادة مدنية»، في إشارة إلى البيان الذي تبناه مجلس الأمن بهذا الخصوص الخميس الماضي.

- غوتيريش قلق
إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحافي عشية افتتاح قمة مجموعة العشرين في روما، إلى «ضبط النفس» خلال المظاهرات المرتقبة اليوم (السبت)، بعدما دعا النشطاء إلى مظاهرة «مليونية». وقال: «أدعو العسكريين إلى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا»، مؤكداً أنه «يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلمياً» في الخرطوم، بعدما دعا مناهضو الحكم العسكري إلى مظاهرة «مليونية».
وقال غوتيريش خلال مؤتمر صحافي أمس (الجمعة)، عشية افتتاح قمة مجموعة العشرين في روما: «أدعو العسكريين إلى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا. يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلمياً».
من جهته، يُجري الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، مساعي حميدة، للتوصل إلى تسوية بين المكونين العسكري والمدني، والتقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، وحثه على تهدئة الموقف في البلاد، كما دعا للإفراج عن المعتقلين والتواصل معهم. وذكرت بعثة الأمم المتحدة لدعم المساعدة الانتقالية في السودان أن بيرتيس «أعرب عن قلقه البالغ بشأن المحتجزين منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول)، ودعا إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين السياسيين، وفي الوقت نفسه طلب التواصل الفوري مع المحتجزين». وأضافت أن فولكر عرض «مساعيه الحميدة لتسهيل الوصول إلى تسوية سياسية من أجل استعادة الشراكة الانتقالية».
وكان دبلوماسيون أجانب قد التقوا في وقت متأخر (الأربعاء) رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في العاصمة الخرطوم، حسبما أكدت بعثة الأمم المتحدة بالسودان. والتقى وفد من الاتحاد الأوروبي، ومن سفارات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى، حمدوك في مقر إقامته، حسب إفادة مشتركة عبر موقع «تويتر».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.